استبقت اسرائيل زيارة مسؤول شؤون الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي الاميركي اليوت أبرامز المخصصة للبحث في نكث الحكومة الاسرائيلية بوعودها في شأن الاستيطان، وشرعت في بناء مستوطنة ضخمة جديدة تهدف الى خلق تواصل اقليمي يهودي بين مستوطنة "معاليه ادوميم" شرق القدس ومركز المدينة، في وقت طالبت السلطة الفلسطينية المبعوث الاميركي بالضغط على اسرائيل "بالافعال لا بالاقوال" لوقف التوسع الاستيطاني وجدار الفصل العنصري في الضفة الغربية. وتعتبر المستوطنة الجديدة التمدد الاستيطاني الاخطر منذ عقود. واوضح الخبير الفلسطيني في شؤون الاستيطان خليل تفكجي ل"الحياة" ان بناءها سيغلق الطريق امام اي تمدد سكاني للمقدسيين شرقا وسيقلب الميزان الديموغرافي للمدينة المقدسة بشكل دراماتيكي لمصلحة الوجود اليهودي فيها، كما سيفصل شمال الضفة عن جنوبها في شكل كامل باستثناء طريق "واد النار" الذي يخضع ايضا للسيطرة الاسرائيلية. واضاف ان بناء هذه المستوطنة سيغير خريطة الضفة بالكامل بحيث تقسم الى جزئين يفصل بينهما ممر عريض مكون من 10 مستوطنات تضم 100 الف مستوطن. وهذه المستوطنات التي تمتد حتى منطقة "الخان الاحمر" على مشارف أريحا، وهي "معاليه ادوميم" و"كفار ادوميم" و"نفيه براك" و"الون" و"منشيه يريحو" و"علمون" و"ميشور ادوميم" و"غفعات هغيت" و"كيدار". وكشفت مصادر اسرائيلية ان وزارتي البناء والاسكان والدفاع الاسرائيليتين تعملان منذ شهور "سراً" على وضع البنية الاساسية للمستوطنة التي لم يطلق عليها اسم بعد، والتي تنفذ ضمن مشروع استيطاني يهودي قديم تحت اسم اي 1. وتتضمن التحضيرات شق الطرق والصرف الصحي على مساحة من الارض تزيد عن 15 ألف دونم تقع على سفوح بلدة العيسوية وجبل المشارف سكوبس وعناتا والطور تقام عليها اكثر من 4000 وحدة استيطانية وثلاثة فنادق ومنطقة صناعية. ويشمل المشروع الاستيطاني انشاء انفاق وجسور تربط القدس الغربية بهذه المستوطنات. وتمت المصادقة على المشروع الاستيطاني اي 1 في عهد رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اسحق رابين العام 1997 وبقي في الجارور الى ان تولى الوزير المتطرف ايفي ايتام من حزب "الاتحاد القومي" حقيبة البناء العام 2003، اذ تمكن من الحصول على موازنة اضافية تقدر ب 20 مليون دولار بالاتفاق مع وزير المال بنيامين نتانياهو، اضافة الى الموازنة المخصصة من الوزارة، وذلك بموافقة رئيس الحكومة ارييل شارون الذي صادق عليها رسمياً قبل شهرين، بحسب المصادر الاسرائيلية. وتأتي هذه التطورات في وقت "تدرس" الادارة الاميركية نقل رسالة شديدة اللهجة الى شارون تفصل من خلالها الالتزامات التي فشل بتنفيذها في ما يتعلق بإخلاء اكثر من 100 بؤرة استيطانية "غير قانونية" بحسب القاموس الاسرائيلي، وتجميد البناء في المستوطنات. وكشفت صحيفة "هآرتس" العبرية ان المبعوث الاميركي اليوت ابرامز قد يحمل رسالة شديدة اللهجة الى شارون الذي كان مقرراً ان يلتقيه مساء امس تعكس "احباط ومرارة" الادارة الاميركية ازاء نكث شارون بوعوده امام الرئيس جورج بوش في شأن الاستيطان. الا ان المصادر اشارت الى بدء "مفاوضات" سرية بين مسؤولين اسرائيليين واميركيين الاسبوع المقبل لحمل واشنطن على "تغيير موقفها ازاء التوسع الاستيطاني". ونقلت الصحيفة عن مصادر رسمية اسرائيلية القول انه قد يتم التوصل الى اتفاق مع الاميركيين يسمح لاسرائيل بشكل عملي "غير معلن" بمواصلة البناء وتوسيع المستوطنات في مقابل استمرار "الانتقادات الاميركية العادية" ضد الاستيطان. واشارت الى عدد من "الخيارات" التي ستطرحها اسرائيل على الادارة الاميركية، بما في ذلك اعتماد "الحدود الخارجية" لمخططات المستوطنات الهيكلية كحدود لتوسع هذه المستوطنات بما يشمل الاستيلاء على مساحات شاسعة من الاراضي الفلسطينية، او من خلال "رؤية جديدة" لهذه المستوطنات على اعتبار انها "تكتل استيطاني واحد" يسمح من خلاله بتوسيع المستوطنات القريبة من بعضها البعض من دون تحديد حدود كل مستوطنة.