رهن رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك قبوله دعوة الرئيس الاميركي بيل كلينتون للذهاب الى واشنطن بوقف السلطة الفلسطينية "كل اعمال العنف"، فيما أعلن الفلسطينيون موافقة الرئيس ياسر عرفات على الدعوة وكرروا مطالبتهم بسحب القوات الاسرائيلية التي تحاصر مدنهم. في غضون ذلك كشفت مصادر فلسطينية واسرائيلية عن تنفيذ مخططات استيطانية يهودية واسعة في الضفة الفلسطينية المحتلة تتماثل وخطة زعيم حزب ليكود اليميني المتطرف ارييل شارون، التي اشترط تبنيها للموافقة على انضمامه لحكومة طوارئ وطنية. وقالت مصادر قريبة من باراك ان هذا الاخير ابلغ كلينتون انه "لن يذهب الى واشنطن الا اذا اوقف ياسر عرفات كل اعمال العنف في المناطق الاراضي الفلسطينية". وأشارت في الوقت ذاته الى ان وزير الخارجية الاسرائيلي بالوكالة شلومو بن عامي سيتوجه الى العاصمة الاميركية في الاسبوع المقبل "لاغراض اعلامية". ورجح مراقبون ان باراك سينتظر نتائج الاتصالات والمفاوضات التي يجريها منذ ايام مع حزب ليكود اليميني لتشكيل حكومة طوارئ قبل ان يقرر بالفعل ما اذا كان سيذهب الى واشنطن. وأعلن وزير التخطيط والتعاون الدولي نبيل شعث عن موافقة عرفات على دعوة كلينتون. واستبعد شعث عقد لقاء ثلاثي يضم عرفات وكلينتون وباراك، مشيراً الى انه لم يحدد موعد بعد للقاء عرفات - كلينتون. وجدد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الشروط الفلسطينية لإعادة الهدوء الى المنطقة وهي سحب القوات الاسرائيلية جنودها ودباباتها من مشارف المدن والقرى الفلسطينية، ورفع الحصار المفروض على الفلسطينيين وتنفيذ قرار الاممالمتحدة الرقم 1322. وعلى صعيد محاولات تشكيل حكومة طوارئ اسرائيلية، أعلن رؤساء الكتل البرلمانية اليمينية المعارضة في اعقاب لقاء مع زعيم حزب ليكود شارون تأييدهم لتشكيل حكومة طوارئ معتمدة على الشروط التي وضعها الاخير أمام باراك. وأضاف شارون شروطاً جديدة الى الوثيقة التي قدمها لباراك لدراستها، ووصف الفلسطينيون أحد تلك الشروط بأنه "وقح"، اذ يتضمن مطالبة السلطة الفلسطينية ب"دفع ثمن الخسائر التي تكبدتها اسرائيل" جراء الحصار الذي تفرضه على الاراضي الفلسطينية، والذي حرم آلاف العمال الفلسطينيين من التوجه الى اماكن عملهم في السوق الاسرائيلية. وطالب شارون بإعادة وزير الخارجية الاسرائيلي السابق ديفيد ليفي الى منصبه كشرط لموافقته على المشاركة في حكومة الوحدة. وأكدت مصادر اسرائيلية ل"الحياة" ان باراك اقترب اكثر من مرة من تشكيل هذه الحكومة الا انه "يفتقر الى اتخاذ قرار سياسي بهذا الشأن". واوضحت ان باراك يتخوف الآن من امكانية عودة رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو الى سدة الحكم اذا ما وافق على شرط ليكود الخاص بتحديد العمر الزمني لهذه الحكومة حتى نيسان ابريل عام 2001. وفي هذه الاثناء اعلن زعيم حركة ميرتس التي تمثل اليسار الاسرائيلي يوسي سريد ان حزبه لن يشارك في حكومة طوارئ تضم شارون. وقال سريد خلال زيارة له لقرية يركا في الجليل انه يرفض المشاركة لأن دخول شارون يعني انهاء المفاوضات مع الفلسطينيين، مضيفاً "ان المفاوضات تجرى مع الخصوم وليس فقط مع الاصدقاء". وكشفت حركة "السلام الآن" الاسرائيلية بناء على احصاءات من مركز الاحصاء الاسرائيلي المركزي ان عمليات الاستيطان اليهودي في الاراضي الفلسطينية شهدت زيادة بنسبة 51 في المئة في عدد الوحدات الاستيطانية التي بدأ بناؤها في الربع الثاني من السنة 2000 في عهد باراك مقارنة بالفترة ذاتها في عهد نتانياهو. ويدل بيان حصلت "الحياة" على نسخة منه الى ان حكومة باراك شرعت ببناء 1790 وحدة استيطانية مقابل 1240 وحدة بُنيت في عهد نتانياهو في الفترة ذاتها. وأكد الخبير الفلسطيني في شؤون المستوطنات اليهودية خليل تفكجي ل"الحياة" ان الحكومة الاسرائيلية صادقت في الواحد والعشرين من ايلول سبتمبر الماضي على مخطط هيكلي يقضي ببناء 1406 وحدات استيطانية في مستوطنة "الفيه منشيه" الواقعة على اراضي قلقيلية الجنوبية شمال الضفة الغربية، و4000 وحدة جديدة في مستوطنتي جبل ابو غنيم و"جبعات زئيف" جنوب مدينة القدس وشمالها. وأشار الى ان مخططات التوسع الاستيطاني اليهودي تتركز في المناطق التي تحددها خرائط شارون لمستقبل الاراضي الفلسطينية والمستوطنات اليهودية في اطار "حل نهائي" حسب الرؤية الاسرائيلية للفصل بين هذه المستوطنات وباقي الاراضي الفلسطينية، تمهيداً لضمها الى اسرائيل ككتل استيطانية تقتطع في مجملها من وسط الضفة الغربية نحو 15 كيلومتراً مربعاً. وكشف تفكجي ان عدد المستوطنين اليهود القاطنين في الضفة الغربية ارتفع في عهد باراك ليصل الى 199 الف مستوطن مقابل 170 الفاً في عهد نتانياهو.