في الحفلة التي أحيتها الفنانة اللبنانية سمية بعلبكي على خشبة مسرح قصر اليونيسكو في بيروت أول من أمس، كان الفن الأصيل هو الحدث. سقط القناع عن وجوه شابات كثيرات "ابتذلن" الفن، ومالت الكفة لمصلحة مطربة قطعت أشواطاً طويلة في طريق رسمته لنفسها، فميزها عن غيرها من فنانات جيلها على رغم الشهرة التي تمتعن بها. عند الثامنة والنصف مساء، اقفل المنظمون باب القاعة التي غصت بالحاضرين. الشباب احتلوا حيزاً مهماً في هذه السهرة. ومع العلم أن أغاني سمية طربية بمعظمها، فضل كثيرون حضورها هرباً من "فنانات متألقات في عالم الرقص الغنائي... يشكلن خطراً على الذوق العام"، كما يقول أحدهم. الرجال والنساء أيضاً كان لهم رأي في مطربة السهرة التي "درست الموسيقى، وتربت على صوت فيروز... وابتعدت عن الابتذال، فأطربتنا بصوتها القوي"، تقول سيدة ستينية مشيدة ب"ابنة الفن الأصيل، التي لم تحولها شركات الإنتاج كغيرها من مشاريع الفنانين إلى منتجات فنية". عند التاسعة مساء، اعتلى أفراد الفرقة الموسيقية الذكور، بملابسهم السود خشبة المسرح. تلتهم بعلبكي، بفستان ارجواني وذهبي اللون من تصميم "المصمم العالمي خالد المصري". وتوجهت إليهم بعبارة "إلى كل محبي الفن الأصيل" التي كانت بمثابة الإشادة بحسهم الفني الراقي. على أنغام موسيقى الجاز غنت البعلبكي أغنية "أهواك" للمطرب الراحل عبدالحليم حافظ، ثم "يا زهرة في خيالي" ف"يا حبيبي تعالى الحقني شوف اللي جرى لي"، للراحلة اسمهان. وما إن بدأت سمية بترديد أغنيتها: "ليش بحبك هيك/ ليش بخاف عليك/ من هاك السهرة الوردية/ ما بعرف شو عملو فيي/ شو سرقوا مني عينيك"، حتى أنصت الحاضرون لكلمات الأغنية التي كأنما فصلت تماماً على قياس صوت المطربة وأحاسيسها. ثم أغنية "سيد الكلام" من كلمات وتلحين ايلي شويري التي غنتها للمرة الأولى. الأغاني الخليجية، كان لها نصيب من السهرة، مع "بعاد كنتم ولا قريبين"، التي تفاعل معها الجمهور في شكل لافت، فطلبت بعلبكي من أحدهم الصعود إلى المسرح للرقص، غير انه آثر الجلوس للاستماع إلى الأغنية. وفي "شمس الشموسة" تفوقت سمية على نفسها، أدتها بطريقة مفعمة بالأحاسيس، فتحول المكان إلى ما يشبه الغيمة السوداء، تتوسطها المطربة بردائها الذهبي. ومع الدلعونا والميجانا بلغ تفاعل الجمهور ذروته. وختاماً نزلت سمية عند رغبة الجمهور، فغنت موشح "ابعت لي جواب"، بعد ساعتين من الغناء المتواصل. وكانت سمية بدأت مسيرتها الفنية عام 1994، مع غناء القصيدة التي قيل لها آنذاك أن "غناء القصيدة انتهى عهده، ولم يعد هناك من يستمع إليه من الأجيال الجديدة. أما أنا فكنت أحارب هذه المقولة لأن القصيدة لا تنتهي"، تقول في إحدى مقابلاتها.