لم تحل "أزمة المهرجانات" التي ترافقها أزمة سير كل صيف في عمان، من دون الإعلان عن فاعليات السوق الثقافي السنوي الرابع، "سوق عكاظ" الذي يقام بين 12 و19 أيلول سبتمبر المقبل، في منطقة جبل القلعة وسط عمان، بحسب ما أعلن في مؤتمر صحافي عقد أول من أمس. وأعلنت المديرة التنفيذية لسوق عكاظ إيمان الهنداوي عن فاعليات هذا العام التي تراوح بين العروض الفنية الموسيقية والاستعراضية والغنائية والمسرحية، إضافة إلى ثلاث ندوات تقام على هامش المهرجان. وعلى غرار المهرجانات الصيفية الأردنية، اتخذ المهرجان شعاراً هو "الإنتاج الفني نحو حياة أفضل وعيش رغيد". ويقدم المهرجان هذا العام عروضاً ضخمة لم يألفها الجمهور الأردني، على غرار أوبرا "شهرزاد" لرمسكي كورساكوف، التي يخرجها هذا العام وليد عوني، بأداء فرقة الرقص المسرحي الحديث - دار الأوبرا المصرية. ويرتقب ان يزيد الإبهار السمعي للأوبرا هذا العام، وجود عازف العود العراقي نصير شمة، الذي سيضفي لمسة شرقية إضافية إلى الأوبرا التي لا تعد أصلاً من كلاسيكيات الأوبرات الغربية. ويصل إلى الأردن في سياق السوق أيضاً، العرض الاستعراضي التركي الضخم "لهيب الأناضول" الذي جاب العالم وعرض أمام أكثر من 5،3 بليون شخص، وهو حوار موسيقي بصري رفيع لفرقة تركية مميزة تحكي من خلاله حكاية منطقة الأناضول عبر العصور. وعلى شاكلة العرض التركي الاستعراضي، ستسهر عمان مع عرض إسباني فريد هو "تالت دانزا" الذي يتضمن عروضاً لموسيقى التانغو والفلامنغو، بمصاحبة عازفين وراقصين من إسبانيا والأرجنتين. وبالتعاون مع السفارة اليابانية، تقدم فرقة "تشورا" من مسرح أوكيناوا للرقص والغناء عروضاً إبداعية جديدة بقيادة هيديكو تاماغسكو. الفرقة من سلالة مدرسة تاماجسكو التي تقدم رقصة "جيوكسين"، وهي إحدى جماعات الرقص الوطني في أوكيناوا التي تعد من أكبر مدارس الرقص في اليابان. أما العروض المحلية فإنها تقتصر على عمل مسرحي بعنوان "طين" يقدمه "مركز الفنون الأدائية"، إضافة إلى أمسية شعرية مع الشاعرة الأردنية المهاجرة في الولاياتالمتحدة سهير حمد. أما الأمسية الغنائية الوحيدة، فستكون "ضربة" تحسب للمهرجان، الذي يستضيف الفنانة اللبنانية جوليا بطرس، الغائبة من سنوات عن المملكة، لتقدم في ليلتين ألبومها الأخير "لا بأحلامك" للمرة الأولى في الهواء الطلق. وعقب الإعلان عن الفاعليات في المؤتمر الصحافي، جرى الاتصال بعدد من ضيوف المهرجان للحديث معهم عن مشاركتهم، تلاه "غداء على شرف الحضور" من الصحافيين، الذين بدت عليهم علائم الرضا مبكراً عن فاعليات المهرجان، بدءاً من أول طبق تناولوه عن المائدة! لكن ما لفت الانتباه أكثر من جودة الطعام كان أسعار البطاقات. فالأسعار تراوح بين 15 و40 ديناراً أردنياً، مع العلم أن أسعار بطاقات مهرجان جرش تراوحت بين 5 و15 ديناراً، كما بطاقات مهرجان الفحيص التي كانت أسعارها أقل أيضاً. ولئن تبدو نوعية العروض في هذا المهرجان "النخبوي" السبب الرئيسي لارتفاع أسعار البطاقات، إذ ان غالبية العروض تضم عدداً كبيراً من المشاركين، إلا أن هذا قد يعني فقدان الجمهور، أو على الأقل فقدان دفقه الذي غذى مهرجانات الصيف الأخرى والتي انتهت غالبيتها. يذكر أن مهرجان عكاظ كان بدأ عام 2000 برعاية الملكة رانيا العبدالله، في ما اعتقده بعضهم نهاية لمهرجان جرش الذي كان يقام برعاية الملكة نور الحسين. لكن المهرجان "العمّاني" لم يأخذ حقه بعد عند الجمهور الأردني، على رغم استضافته لفنانين مرموقين خلال دوراته الثلاث السابقة. إذ عادة ما يضيع المهرجان في لجة صيف عمان المخنوق بالأعداد الغفيرة من المغتربين والسياح العرب، بخاصة أنه لم يعتمد مكاناً محدداً بعد لإقامة نشاطاته. فبعد أن استضاف "جبل القلعة" النسختين الأوليين من المهرجان، تم تغيير المكان في النسخة الأخيرة الصيف الماضي إلى المدرج الروماني الواقع في وسط البلد القديمة. إلا أن هذه الخطوة باءت بالفشل، لأن الموقع بدا غير مناسب إطلاقاً لإقامة نشاطات فنية ضخمة كما يريدها القائمون على المهرجان. لذا يبدو أن العودة إلى جبل القلعة المطل على منطقة وسط البلد، سيعيد بعضاً من ألق المهرجان الذي كان انطفأ العام الماضي.