أكد الرئيس الأميركي جورج بوش حصوله على تعهد من نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأن شركات النفط الروسية، التي تنتج 9 ملايين برميل يومياً، ما يساوي نحو 11 في المئة من الانتاج الدولي وتأمل برفع صادراتها الى 6.5 مليون برميل السنة الجارية، ستستمر بزيادة انتاجها وصادراتها. لكن محللين لم يستبعدوا احتمال أن تكون ادارة بوش، التي أرسلت أحد كبار أعضائها للتباحث مع المسؤولين في وكالة الطاقة الدولية، تفكر في استخدام مخزون النفط الاستراتيجي لتهدئة أسعار النفط قبل الانتخابات الرئاسية. وقال بوش في تصريحات للصحافيين في مزرعته في كروفورد تكساس أول من أمس ونشرها البيت الأبيض على موقعه في الانترنت إنه"ناقش مع بوتين في مكالمة هاتفية أسعار النفط". ورداً على سؤال عن موقف نظيره في هذا الشأن قال بوش ان بوتين أكد له"ادراكه بأنه ليس بحاجة للتسبب في أوضاع تضر بالدول المستهلكة"ملمحاً الى أن موسكو، التي تطالب شركة النفط الروسية"يوكوس"واحدى شركاتها الفرعية بمتأخرات ضريبية تزيد على 10 بلايين دولار عن العامين ألفين و2001، لن تعيق انتاج الشركة. وكانت أسعار صفقات الخام الأميركي الخفيف اقتربت من 50 دولاراً للبرميل الخميس الماضي قبل أن تتراجع الى 47.86 دولار مع اقفال جلسة التداول في السوق الإلكترونية"نايمكس"مساء الجمعة. ويعتقد عدد من المحللين أن هذه الأسعار التي انخفضت من جديد الى 46.05 دولار أول من أمس ولا تزال تُعتبر الأعلى على الاطلاق بقيمتها الإسمية من دون حساب التضخم تتضمن ما لا يقل عن 5 دولارات"علاوة مخاطر"مرتبطة مباشرة بوضع شركة"يوكوس"التي تنتج 1.7 مليون برميل يوميا، ما يعادل نحو 2 في المئة من الانتاج الدولي و20 في المئة من الانتاج الروسي. التقصير في زيادة الامدادات ووصف بوش موقف بوتين ب"الحكيم"لكنه لم يُبد درجة كبيرة من التفاؤل بهبوط أسعار النفط بشكل دراماتيكي قبل موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل مشدداً على أن ارتفاع الاستهلاك الدولي للنفط في الفترة الأخيرة لم يقابله تحقيق انجازات مهمة في مجال زيادة الانتاج وقال، في اشارة مباشرة الى امتناع الكونغرس عن اقرار خطة الطاقة التي اقترحها قبل ثلاث سنوات، ان"عددا كبيرا من الدول بدأ بزيادة استخدامه للطاقة بينما لم نقم بعمل جيد لزيادة الامدادات". وجاءت تصريحات بوش في وقت أثار فيه اعلان وزير الطاقة الأميركي سبنسر ابراهام عن اجراء محادثات مع المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية كلود مانديل في باريس أمس تكهنات باحتمال أن تكون واشنطن بصدد درس احتمال استخدام مخزونها الاستراتيجي للتخفيف من حدة تأثر أسعار النفط بعامل الامدادات. وامتنع الناطق الرسمي باسم وزارة الطاقة تأكيد صحة هذه التكهنات ل"الحياة"أو نفيها مكتفيا بالقول إن ابراهام ومانديل بحثا في مسائل تتعلق بأسواق النفط. وبرز احتمال استخدام المخزون الاستراتيجي بعدما حذرت ادارة بوش، في سابقة من نوعها، من أن أسعار النفط المرتفعة أصبحت تلعب دوراً مباشراً في تباطؤ حركة الاقتصاد الأميركي، اذ قال وزير الخزانة جون سنو في مقابلة مع شبكة"سي ان بي سي"الجمعة اننا"نرى حدوث بعض التباطؤ في الولاياتالمتحدة نتيجة مباشرة لأسعار الطاقة المرتفعة". ودأبت ادارة بوش في الأسابيع الماضية، وربما كجزء من حملة انتخابية مستعرة، على ابراز قوة الاقتصاد الأميركي وحصانته ضد ارتفاع أسعار النفط. وحتى لجنة السياسة النقدية السوق المفتوحة في مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي التي عقدت أحدث اجتماعاتها في 10 آب أغسطس الجاري أكدت بأن النمو الاقتصادي انتقل هبوطاً الى وتيرة معتدلة في الفصل الثاني من السنة وحملت أسعار النفط جزءاً"مهما"من مسؤولية هذا التباطؤ النسبي الا أنها شددت على أن الاقتصاد"على أهبة الاستعداد لاستئناف نموه القوي وتوسعه في الفترة المقبلة"ولم تتردد في رفع سعر الفائدة ربع نقطة ليصل الى 1.5 في المئة. صعوبة القرار لكن محللين لاحظوا أن قرار استخدام المخزون الاستراتيجي لتهدئة الأسعار سيكون صعبا ومحرجا ليس لأنه قد يكون غير مضمون النتائج وحسب بل لأنه يناقض سياسة تبنتها ادارة بوش في وقت مبكر من ولايتها، مشيرين الى اقرار وزير الخزانة وكبير المستشارين الاقتصاديين بتأثير الأسعار المرتفعة في الاقتصاد ترافق مع تشديد سنو على نية الادارة بالاستمرار في ضخ ملايين البراميل من النفط في كهوف المخزون الاستراتيجي وتأكيده في الوقت نفسه على أن هذه الاضافات التي رفعت حجم المخزون الى 666.5 مليون برميل حالياً لم يكن لها أثر كبير في أسعار النفط. وتخطط ادار بوش لضخ زهاء 11 مليون برميل اضافية في المخزون الاستراتيجي قبل موعد الانتخابات الرئاسية، من ضمنها 4.8 مليون برميل الشهر الجاري. وتعود بداية بناء المخزون الاستراتيجي الى عام 1975 وبلغت كلفة مخزونه من النفط الخام الذي يتم ضخه في 500 كهف على ساحل خليج المكسيك نحو 21 بليون دولار حتى الآن الا أنه لم يُستخدم سوى مرتين، الأولى بقرار من الرئيس الأسبق جورج بوش الأب في كانون الثاني يناير عام 1991 والثانية بقرار اتخذه الرئيس السابق بيل كلينتون نهاية أيلول سبتمبر عام ألفين. وحسب ادارة معلومات الطاقة خفض قرار بوش الأب أسعار النفط العالمية بواقع 10 دولارات للبرميل الا أن قرار كلينتون أخفق في تحقيق نتائج كبيرة وأثار انتقادات حادة.