الحب عبر الانترنت قصص لم تعرف النظرة أو الابتسامة أو حتى الكلام وبعده اللقاء، وإنما عرفت الكتابة المقروءة على شاشة الكومبيوتر الذي صغر إلى أن اصبح متاحاً للشباب احتضانه في السرير. وبدلاً من خطابات المحبين التقليدية تحولت المشاعر إلى مخاطبات البريد الالكتروني. وقد يكون ذلك الحب جذاباً لكثير من الشبان الذين يبحثون عن الحب الضائع في حياتهم بسبب خجلهم من الحديث وجهاً لوجه، فيما يعتبره بعضهم وسيلة ممتعة لشغل أوقات الفراغ. وتشير احصاءات رسمية إلى أن مستخدمي الانترنت في مصر بلغ نحو 3 ملايين شاب وفتاة، ويتوقع أن يقفز العدد إلى 6 ملايين العام 2007 بحسب توقعات وزارة الاتصالات والمعلومات المصرية. ومعروف أن عدد المستخدمين للإنترنت من الشبان يزيد خلال الاجازات الصيفية في مصر حيث تنتعش مقاهي الانترنت التي يبلغ عددها نحو 550 في القاهرة. وبات الحب والزواج والطلاق عبر الانترنت ظاهرة جديدة وسط الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشباب وتمنعهم من الحصول على عمل أو شقة. وبذلك ذهب الترتيب الحسبان الذي كان في عصر الشاعر أحمد شوقي وحلت محله سرعة الإيقاع التي انتجت فاكس الغرام ليحل محل "يا تاكسي الغرام مقرب الحبيب"، كما تقول الأغنية الشهيرة التي شدى بها عبدالعزيز محمود. وواكب فاكس الغرام جهاز الهاتف النقال الذي صار واسطة جديدة بين المحبين يتبادلون على شاشته الصغيرة الرسائل التي تحمل الأشواق والمواعيد ووعود اللقاء. هالة محمود في السنة النهائية في كلية الحقوق، وتعرفت الى شاب من خلال غرف الدردشة على الانترنت وتبادلا الآراء حول أمور متعددة الى ان وصل الحديث الى المسائل الشخصية، "واتفقنا على الحديث سواء عبر الهاتف النقال أو البريد الالكتروني، وكان ذلك لمدة عامين تكونت خلالهما الصداقة ثم تحولت الى حب وقررنا اللقاء على أرض الواقع. وبالفعل التقينا في الجامعة وتمت خطبتنا". وتعترض مروة الرفاعي 25 عاماً التي تعمل محاسبة في إحدى الشركات الكبرى على هذا الحب وتقول: "إن الحب يعتمد على قبول الشخص كما هو بكلامه وشخصيته وشكله، وإذا نقص احد هذه الاشياء لا سيما شيء اساسي مثل الشكل تصبح العلاقة غير كاملة وغير قائمة على اساس، وبالتالي معرضة للانهيار في اي وقت. مرة تصيب... ومرة تخيب". أما عادل منير 28 عاماً الذي يعمل في قطاع الفنادق، فيقول: "إن الحب من خلال الانترنت تجربة قد تكون جذابة للكثير من الشبان الذين يبحثون عن الحب الضائع في حياتهم بسبب خجلهم في التعبير عنه. ولكنه في احيان كثيرة يأخذ طابع التسلية فقط". ويضيف: "التعامل مع الانترنت لا يعني اعطاء فرصة مطلقة للشبان في التعامل، وانشاء علاقات غير سوية قد تجذب الكثير من الشباب ولكن في الاثارة التي يقدمها، فالأمر يعتبر خطراً للغاية ويدعو الى القلق اذا أدخلت الفتاة صورتها عبر الSCANNER لكي يراها الشاب أو إذا استخدمت كاميرا لكي يراها ويحدثها على الجهة الاخرى. فيمكن استغلال هذه الصور في شكل خطير وبواسطة تكنولوجيا حديثة وبعدها قد تنشر تلك الصور على المواقع الإباحية". أما إيمان احمد 20 عاماً الطالبة في كلية الاعلام، فتقول: "أمضي أنا وصديقي ما لا يقل عن اربع ساعات في اليوم على شبكة الانترنت، نتبادل كلمات الحب والغرام، تعرفت اليه من خلال غرف الدردشة التي تعني لي الكثير، فقد حققت بواسطتها ما لم استطع تحقيقه على ارض الواقع، تعلمنا تصميم المواقع والبرمجة سوياً ومن ثم اعتدنا على قضاء ما يزيد على الساعات الاربع في اليوم نحكي ونتبادل الحديث عن مشاكلنا الأسرية. وبعد عامين من الدردشة التقينا وتحول الحب الى غرام فعقدنا العزم على الزواج". في المقابل تعتبر ميريام منير 19 عاماً إن معظم الشباب الذين يلجأون الى التعرف الى الفتيات عبر الانترنت يعانون الفراغ، "فأهم شيء يشغل بال الشباب حالياً اللعب بالصبايا. وهذا كثيراً ما يحصل عبر الشبكة العنكبوتية، إذ لا يُعرف ما إذا كان الشخص فتاة او شاباً، فإن كان فتاة فلا تعرف إذا كانت جميلة أم قبيحة، طويلة أم قصيرة". وترى منير أن الكثر من الشباب "يفكرون في تلك الامور ويأخذهم خيالهم الى عالم كبير يسيطر عليه الحب والهيام والغرام وهو في الحقيقة وهم ودوامة عملاقة". وتقول ان "بعض الشباب يبحث في الانترنت عن الفتيات ليتحدوا أصدقاءهم على كسب قلب فتاة ومن ثم يتركونها ويقع اللوم هنا على الفتيات انفسهن اللاتي غالباً ما يثقن في الاشخاص ويصدقن كلام الشباب في الغزل والحب ويقعن في الخداع". وتقول استاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس الدكتورة اجلال اسماعيل: "الآن أصبح الزواج والطلاق والحب ايضاً عبر الانترنت وبالتالي هو جذاب لعدد من الشباب، خصوصاً وسط هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها. هذه الظاهرة سلبياتها اكثر من ايجابياتها لأنها تفتقد الكثير من العناصر الاساسية للزواج مثل الرؤية في شكل مباشر، كذلك غياب عنصر الجدية. فكثير من هذه الحالات تكون عبارة عن تسلية وتضييع للوقت، بل وقد يحدث وراء هذا جرائم خطيرة، ولكن مع هذه السلبيات توجد بعض الايجابيات فقد يكون الحب مجرد بداية لعلاقة ولكن ليست علاقة حب كاملة".