هناك شبه إتفاق بين كتاب الرأي في الصحافة العربية على أمرين يتعلقان بانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة، أولهما أن السياسة الخارجية التي سارت عليها إدارة بوش في المنطقة العربية لن تتأثر في حال وصول المرشح الديموقراطي جون كيري إلى البيت الأبيض، وثانيهما أنه ليس أمام العرب سوى الإنتظار حتى يحدد الشعب الأميركي خياره بين السيئ والأسوأ، أي بين كيري وبوش. ولكن هل صحيح أنه لا يوجد ما هو أسوأ من بوش وإدارته؟ ولكن هل يتكرر في تشرين الثاني نوفمبر المقبل ما جرى منذ أربع سنوات؟ ليس بالضرورة. فقد ترى المؤسسة الأميركية النافذة أن إدارة بوش إنتهت صلاحيتها، واستُنزفت صدقيتها نتيجة الفضائح المحيطة بالحرب على العراق زيف مبررات الحرب وسجن أبو غريب وانفضاض الأصدقاء عن "تحالف الراغبين" وانعدام الأمن في العراق، وأن قدرتها على استكمال تنفيذ بنود الأجندة الصهيونية أصبحت مشلولة. فهناك ضربات وحروب يجري التمهيد لها الآن، إعلامياً وديبلوماسياً، ويمكن - على نقيض العراق - تحقيق إجماع دولي عليها. هذا الإجماع يكون أسهل على إدارة ديموقراطية جديدة. لقد تعهد كيري بإعادة الحلفاء إلى الصف الأميركي، وجمعهم حول السياسات الجديدة التي تحاصر العرب والمسلمين بذريعة حرب الإرهاب. وإذا كان مقرراً لإدارة بوش أن ترحل بعد أن أدت مهمتها بنجاح، فالأرجح أن هذا سيكون بالتزامن مع رحيل شارون ووصول أحد الوجوه المقبولة في حزب العمل الإسرائيلي إلى الحكم. فالمؤسسة الحاكمة في الولاياتالمتحدة ترى أن المرحلة المقبلة تتطلب التعامل اللين والكلام الناعم المطمئن. وهو ما كان يصعب مع أجندة يجتمع فيها غزو العراق واجتياح فلسطين والحرب على الإرهاب. مع إدارة بوش ستظل السياسات الأميركية مكروهة والأكاذيب مكشوفة، وأميركا معزولة، والأنظمة العربية مدفوعة بتهديدات البلطجة الأميركية إلى التقدم ولو ببطء شديد على طريق إجراء إصلاحات جوهرية. أما مع إدارة كيري وحليفها الجديد "المعتدل" في إسرائيل، فسيجري تزيين وإعادة تغليف سياسات بوش، والتصديق على كل الحقائق التي رسخها شارون على الأرض. ولا يهم بعد ذلك إن كان كيري لا يحمل على عاتقه ثقل البعد الأيديولوجي الذي استندت إليه إدارة بوش، لأنه في النهاية ملتزم بجمع الحلفاء حول النتائج التي أملتها هذه الأيديولوجيا. مصر - صلاح عز