يكشف الجنرال تومي فرانكس، قائد الحملة الاميركية على العراق، في مذكراته التي تصدر غداً بعنوان "كيف كسبت الحرب" واحداً من اخطر اسرارها: تمكن عبر عميل مزدوج اطلق عليه "أبريل فول" كذبة نيسان من تضليل صدام حسين وإفشال خططه للدفاع عن بلاده. ونتيجة لهذه الحيلة، حشد صدام أفضل فرق جيشه متوقعاً هجوماً من الشمال والغرب فيما انطلقت الارتال المدرعة الاميركية من الكويتجنوباً باتجاه مما سهّل سقوط العاصمة وانهيار النظام. ونقلت صحيفة "صنداي تايمز" عن فرانكس أنه "بسبب حساسية هذا التضليل، لم يعلم به سوى قلة في الحكومة الاميركية". أما العميل المزدوج "أبريل فول" ضابطاً اميركياً على صلة بمسؤول في الاستخبارات العراقية يعمل تحت غطاء موظف ديبلوماسي. وسلّم "أبريل فول" المسؤول العراقي خطط غزو زائفة مصنّفة "بالغة السرية". وتضمنت الخطة المختلقة ما يأتي: "لا ينوي التحالف ان يحشد سوى جزء من قواته البرية في الكويت، فيما يعد لهجوم كبير بقوات محمولة جواً في شمال العراق. وسيعزز هذا الهجوم بعدئذ بفرقة المشاة الرابعة، التي ستسمح لها الحكومة التركية - في آخر لحظة ممكنة - بأن تمر عبر تركيا وتندفع جنوباً الى بغداد". كما يكشف فرانكس جانباً آخر من الحرب جرى التكتم عليه، وهو القصف الكاسح لمواقع قوات "الحرس الجمهوري" جنوببغداد على مدى ثلاث ليال خلال العاصفة الرملية التي عرقلت المراحل الاولى من النزاع. اذ شنّت طائرات التحالف "واحدة من اعنف حملات القصف واكثرها فاعلية في تاريخ الحروب" لكن "احداً في وسائل الاعلام العالمية لم يدرك ذلك". ويؤكد فرانكس، الذي تقاعد بعد الحرب، انه لم يكن لديه ادنى شك بأن صدام كان يملك اسلحة دمار شامل. كما يشير في مذكراته الى انه زار قبل الحرب العاهل الاردني الملك عبد الله والرئيس المصري حسني مبارك وقال له كلاهما ان صدام ابلغه ان بحيازته اسلحة دمار شامل سيستخدمها ضد الاميركيين. وهو ما أكده في مقابلة مع مجلة "بارايد" الاميركية أمس، اذ روى أن الرئيس مبارك قال له شخصياً في كانون الثاني يناير 2003 أن صدام "لديه أسلحة كيماوية وبيولوجية وسيستعملها ضد قواتكم". وأضاف فرانكس 59 عاماً أن "خيبة الأمل كبيرة" لعدم العثور على هذه الأسلحة تزايدت مع فشل المخططين للحرب في اقناع المجتمع الدولي بإرسال 150 ألف جندي اضافي للعراق. وعلى رغم ان فرانكس يتمسك في مذكراته بولائه للرئيس بوش ووزير الدفاع رونالد رامسفيلد، فانه يعبّر عن ازدراء عميق لشخصيات ادنى مرتبة، لكنه يخص دوغلاس فايث مساعد وزير الدفاع الاميركي بأقسى تعبير "أغبى شخص اطلاقاً على الارض". في المقابل يصف فرانكس عدوه الرئيسي، اسامة بن لادن، ليس بكونه "خصماً لدوداً" فحسب بل ايضاً "قائداً كفياً وجريئاً لقوات متفانية وكفية". وتحدث عن صعوبة العثور على بن لادن "لأن آلافاً من العائلات العربية تحبه ويحتمل أن تستضيفه"، مشيراً الى عدم وجود معلومات كافية اليوم بشأن زعيم "القاعدة". وفي لفتة الى السياسة الخارجية، لمح فرانكس في "بارايد" الى معارضته الدعم القوي للادارات الأميركية لاسرائيل، وقال أنه "ولسنوات" وفي حوارات متكررة مع الزعماء العرب "أبدى تعاطفاً مع القضايا العربية"، وأشار الى "عدم وجود ختم اسرائيلي على جواز سفره".