بعد توقف استمر سنوات عاد مهرجان عنجر الدولي من جديد هذه السنة بسلة من البرامج الفنية لعل أبرزها استضافة الفنان اللبناني أحمد قعبور الذي عاد هو الآخر للغناء الجماهيري مجدداً منذ حوالي الشهرين عندما أطل عبر قصر الأونيسكو بعد غياب عشر سنوات. مهرجانات كثيرة ازدحم بها لبنان من سهله إلى جبله، ومن شماله إلى جنوبه، لكن الأسماء ظلت تتكرر، من مهرجان الى آخر، ومن حفل الى آخر، وسيطر على المشهد مطربو الأغنية الحديثة على غرار نانسي عجرم وهيفاء وهبي وفضل شاكر. لكن ما يسجل لمهرجان عنجر أنه تميز بأكثر من إسم ليست ضمن السياق السائد مثل المطربة جاهدة وهبي، وعازف العود ربيع حداد، وفرقة إنانا السورية للمسرح الراقص، وتوجت هذه المغايرة مع السائد باستضافة أحمد قعبور. جمهور عنجر غير الأونيسكو إنّها الاطلالة الجماهيرية الثانية خلال شهرين لقعبور، وربما تكون بداية لمشروع مقبل، وتدشيناً لتواصل مستمر يسدل الستار على الغيبة الماضية. وقعبور بهذا الحضور سيواجه تحدياً فنياً وجماهيرياً وتاريخياً، يقف فيه أمام ممكنات التطوير الموسيقي والغنائي، وما بإمكانه اجتراحه من أغنيات جديدة تحقق له حضوراً مميزاً وقوياً، وهو في الوقت نفسه يقع تحت حماسة جمهور جاء ليستمع إلى "نبض الضفة"، و"شوارع المدينة"، و"يا رايح صوب بلادي"، وتحت وطأة تاريخ نضالي صنعته أغنية "أناديكم" بكل ما تحمل من تركة روحية وتاريخية. في عنجر غنى قعبور الأغنيات التي غناها في الأونيسكو مع بعض الإختصار في البرنامج. حيا أم كلثوم والشيخ إمام وسيد درويش وزكي ناصيف، وغنى لميشيل برجيه "بدي غني للناس"، وسواها من الأغنيات. جمهور عنجر بدا مختلفاً عن جمهور الأونيسكو. الشباب المعتمر للكوفيات الفلسطينية لم يكن حاضراً. الرفاق القدامى كانوا غائبين أيضاً. ربما اثر بعد المسافة عن بيروت في ذلك وجعل الحضور أقل من المتوقع. حماسة الجمهور هي الأخرى لم تكن كحماسة جمهور الأونيسكو. في الأونيسكو بكى قعبور وهو يغني "أناديكم" ليحتضنه أنور ياسين. في عنجر غنى قعبور "أناديكم" مرتين لكنه لم يبك. الجمهور جاء ليستمع بهدوء في جو مفتوح وهواء طلق، مفضلاً السماع على التمايل الحماسوي مع الأغنيات. إيمان حمصي عازفة القانون، وتوم هوزنغ عازف الساكسفون برعا في العزف، من دونهما كان سيكون مستوى الحفل أقل بكثير. طبعاً جنباً إلى جنب زملائهم الذين أحسن قعبور في إختيارهم. وكان على الباس عبود السعدي، وعلى الرق علي الخطيب.