الهب الفنان اللبناني احمد قعبور الجمعة في الليلة الثانية من مهرجان "انغام من الشرق" الذي تنظمه هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث, حماسة الجمهور في امسية غنائية اكد خلالها ان "القضية الفلسطينية لا تزال العباءة التي تحتضن العالم العربي". وقال قعبور في بداية الامسية "ما اقسى من الجرح الا الجرح نفسه وما ليلة الجرح في الاساس الا جرحنا الفلسطيني، وكما فعل المسيح عندما حمل صليبه ومضى في سبيل الامه مفتديا الانسانية فعل الشعب الفلسطيني عندما حمل صليبه وجرحه النازف ليحمي مستقبل الامة والمنطقة العربية فلا زالت فلسطين هي عباءة العرب الاولى". وكان الحضور وقف لحظة رفع الستارة وظهور الفنان اللبناني وفرقته ليصفق مطولا وليستمع الى كلمته منطلقا بعدها في مشاركته اغنيته الاولى العائدة الى منتصف السبعينات من القرن الماضي وهي بعنوان "لينا... يا نبض الضفة". والحقها مباشرة باغنية "ياستي ليك ليك" للاشارة الى استمرار الاوضاع العربية على حالها من دون اي تقدم هذا اذا لم يكن قد حملت تراجعا. وفي الامسية وهي الاولى لقعبور في الامارات اعلربةي المتحدة في فعالية موسيقية وغنائية كبرى مثل هذا المهرجان انطلق قعبور الى زمن السبعينات ليستعيد ذكريات جيل من الغناء السياسي الذي انطلق مع بدايات استقلال الدول العربية وبلغ ذروته في السبعينات. فقام بتأدية اغنية من اغاني الشيخ امام وصديقه ورفيق رحلته احمد فؤاد نجم مشيرا الى ان الشيخ امام كرمه في حفل اقامه في لبنان للغناء معا على خشبة المسرح وعلى اساس هذه الذكرى قدم اغنية "شيد قصورك على المزارع من كدنا وعرق ايدينا". وضمن السياق نفسه قدم لوالده عازف الكمان الراحل اغنية المطرب المصري الراحل العندليب الاسمر عبد الحليم حافظ من كلمات الشاعر الكبير الراحل صلاح جاهين "احلف بسماها وبترابها" وهي الاغنية التي كان يعزفها والده على الكمان قبل حرب حزيران/يونيو 1967. واخلص قعبور في امسيته الغنائية لمساره الفني الذي عبر عنه في الكلمة التي انتقاها ليقوم بتلحينها وغنائها او تلك التي قام بتاليفها وتلحينها وغنائها, ولتجربة التلاحم الفلسطيني اللبناني كلبنة على طريق المستقبل فركزت كل اغانيه على البعد الفلسطيني وعلى بعض الهم الانساني والعربي. واستكمل امسيته بتحية الشهداء الذين اخلصوا لتجربتهم الابداعية او السياسية حتى النهاية من رسام الكاريكاتور ناجي العلي ابن قرية الشجرة الذي ترعرع في مخيم عين الحلوة في لبنان ومحمود درويش الذي اخلص لتجربته الشعرية حتى رحيله. ووصل الى سمير قصير ابن ام فلسطنية واب سوري وحياة لبنانية موحدا في تجربته بلاد الشام فقدم من خلاله اغنية وقصيدة ترتقى وتتصاعد الى الذروة. لينتقل الى السخرية من الاوضاع التي الت اليها امور الطبقة المتوسطة اللبنانية اثر الحرب من خلال اغنية "من طلب العلا سهر الليالي". الا ان تفاعل الجمهور وصل معه الى الذروة في قصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل توفيق زياد "اناديكم/ اشد على ايديكم/ وابوس الارض تحت نعالكم/ واقول افديكم" والتي طلب الجمهور اعادتها. وغناها ايضا في نهاية الحفل بعدما غنى مع الحضور قصيدة ابراهيم طوقان الخالدة التي اصبحت من علامات الحركة الوطنية العربية والفلسطينية "موطني موطني". وعندها امتلأت عيون الحضور بالدموع ووقفوا جميعا يغنون مع الفنان اللبناني وهج لحظة توحد فيها الجمهور مع الكلمة ومع المشاعر المغلفة بهمس الموسيقى. وكان سبقه في الجزء الاول تقديم تجربة مصرية متميزة للفنان الضرير مصطفى سعيد الذي بدأ مسيرته الفنية مع الكورال المدرسي عازفا على البيانو ثم تعرف على العود واصبح من العاشقين لهذه الالة العربية المشرقية وبقي يطور نفسه ويدرس العود حتى قام بتأسيس فرقته الخاصة الى جانب العمل مع الموسيقار اللبناني نداء ابو مراد. وقدم وفرقته "اصيل" حفلا موسيقيا ارتكز على اداء بعض القصائد الصوفية مع ارتجالات للعود والقانون والناي والرق الى جانب ارتجالات صوتية وتنويعات عليها لخلق حالة من الاستماع الجميل والتي استطاعت ان تنتزع الكثير من تصفيق الحضور. وكان الفنان التونسي لطفي بوشناق والفنان الاماراتي سعيد السالم افتتحا فعاليات المهرجان مساء الخميس. ويقدم مهرجان "انغام من الشرق" في دورته الثالثة مجموعة من الاصوات الرائعة ابرزها المطرب السوري صباح فخري. ___________ * رياض ابو عواد