عقب انفصال فيروز عن الأخوين رحباني مطلع الثمانينات من القرن الماضي طرح سؤال: "هل أفلست فيروز؟". استعاضت فيروز عن الإجابة المباشرة بمجموعة من أجمل الأغاني مع زكي ناصيف، فيلمون وهبي وابنها زياد. بعد سنوات عدة تكرر السؤال، وللمرة الثانية ردت فيروز بكاسيت "مش كاين هيك تكون". اكتفت فيروز بالغناء، وابتعدت عن الإعلام، فكانت مقابلاتها الصحافية معدودة، ومشاركتها في البرامج الحوارية وغيرها نادرة، ان لم نقل معدومة. في سهرة الأسبوع الماضي من برنامج "سوبر ستار" على فضائيّة "المستقبل" طرحت القضيّة نفسها... مع نانسي عجرم - ضيفة الحلقة - إنّما في شكل معكوس... تعتلي نانسي عجرم خشبة المسرح قبل بدء البث المباشر بدقائق. تمرين اللحظات الأخيرة يتيح للجمهور المراهق في غالبيته، فرصة إبداء الرأي في الضيفة. تختلف التعليقات باختلاف جنس موجهيها: "على التلفزيون أحلى"، "خصرها شو ضعيف"، للفتيات، تقابلها "بتعقد"، و"كثير حلوة"، للشبان. يبدأ البث المباشر، وتتولى مقدمة البرنامج رانيا الكردي مهمة تقديم "الفنانة المليئة بالأنوثة" إلى الجمهور. ال"لوك" المظهر المتجدد دوماً، الفستان، الشعر، سؤال لا يهدف إلى اختبار ذكاء الضيف، إلا أن تصدره كل مقابلة في برنامج تلفزيوني واجب لا بد منه. تطرح الكردي السؤال، وتنصرف للدردشة مع زميلها ايمن، إلى أن تفاجئها عجرم بالإجابة: "فستاني من تصميم المصمم العالمي..."، وتسكت. تدرك الكردي أن عجرم نسيت اسم المصمم الذي يبدو اقل أهمية من كونه "عالمياً"!، فتجيب: "انه المصمم العالمي زهير مراد". ويفقد السؤال هدفه البديهي، ولا يعود طلباً لاستفسار يلي إعجاب الكردي بفستان الضيفة. يمر الجزء الأول من السهرة على خير، تليه "البرنامج كتير شوي صغيرة عليي"!، التي تعبر بها نانسي عن الامتنان لاستضافتها. ثم دخول الياس الرحباني طرفاً في الحوار، فيبدأ بمقاطعة الضيفة في المرحلة الأولى، ثم الإجابة بدلاً منها. إذ، ما إن يسألها ايمن عن سر نجاحها، حتى يقاطعه الرحباني: "أنا أقول لك ما هو سر نجاح نانسي، عندما كان عمرها 14 عاماً، أخذتها شركة ما عرفت تمشيها...". وتتصاعد وتيرة التعاون أل "نانسي- رحباني" ليتحول اللقاء إلى حديث ثنائي، يعلن فيه الأخير للضيفة انه طلب من الشركة التي كانت تتعامل معها في بداياتها أن تنتج لها شريطاً مصوراً، و"أنت لا تعرفين هذا الأمر حتى اللحظة". جي جي لامارا اسم يتكرر في مقابلات نانسي. لامارا هو اسم مدير أعمالها، بل اكثر تحديداً، هو الاسم المرتبط مباشرة بنجاحها. أجابت نانسي عن سؤال بهذا الخصوص عشرات المرات، ربما كان بينها ما يشبه جواب الليلة: "إذا واحد بدو يشتغل، لازم يكون في حدا بينشغل له، حتى يشتغل"! في السهرة الماضية توجه عدد كبير من محبي نانسي إلى منطقة سن الفيل لمشاهدتها مباشرة. بعضهم أحب "عفويتها" وبعضهم الآخر أحب "طلتها". غير أن عدداً كبيراً من محبي غناء نانسي عجرم انتقد اشتراكها في حوار لم تنجح في أن تكون طرفاً فاعلاً فيه، أو انتقد عبارات أطلقتها فنانته ب"سذاجة" لا يمكن القبول بها. تنتهي السهرة وينصرف الحاضرون، بينما فضل عدد منهم لو استعاض عن الحضور بشراء شريط مسجل يسمعه كلما خطرت مطربته المفضلة على البال. وبالعودة إلى السؤال الوارد في الفقرة الثانية من المقال... فيروز مطربة، والمطربة تغني، فهل تحمل أحدكم عناء إعلام فنانينا الكثيرين بجدوى الاكتفاء بالغناء والتخفيف من المقابلات المباشرة؟ الاكتفاء بالغناء والتخفيف من المقابلات المباشرة...