والفستان بعاليه، هو الذي تناقلت أخباره الركبان وسهرت على تغريداته التويترية كتائب العربان. بين من قال إن قيمة الفستان في السهرة الأخيرة ل(الآراب آيدول) كان خمسين مليون دولار، وبين من أشاع أن أثمان الجواهر على الحلق والأذن ضعف قيمة الفستان نفسه. بين من ذهب للمقارنة حين (يغرد) أنه اشترى لزوجته نفس فستان (نانسي عجرم) بمئتي دولار وكأننا في مقاربة ما بين الموز وبين (الحبحب). سقطت أحلام كل هذا السقوط الأخلاقي الاجتماعي لأنها تصرفت تماماً مثلما يتصرف العقل العربي على الدوام: هيلمان المظهر على حساب (المخبر). وأنا اليوم لا أكتب عن فستان أحلام بل عن بنية العقل العربي، ومن الموحش المخيف أن تبدو المقارنة والمقاربة ما بين (عقل) وبين (فستان). وبدلاً من قيمة فستان شارد يفوق في سعره قيمة (ميسي ونيمار وكرويستيانو رونالدو) في عام كامل، كان لهذه (الأحلام) المتبخرة أن تدفع ألف دولار فقط لخبير متمرس في علم وعوالم العلاقات العامة. لأستاذ في علم (تقديم الشخصية العامة) ليقول لها بكل اختصار ماذا تقول وكيف تتصرف على المسرح. لخبير ينقذها من هذه الملايين التي حولتها إلى نكتة ساخرة. لخبير في العلاقات العامة يهذّب ويشذّب ظهورها (العنيف) مع كل تعليق يقتحم فيه مجرد (الفنان المطرب) مجال (السياسي) وهي تشيد (بالآيدول) الفلسطيني، أو المتنافسة العراقية الكردية. خبير يدخل إلى عوالم (العقل) لا إلى صانع (دبابيس) يشبك المجوهرات على الفستان قبل ثوانٍ من دخول المسرح. خبير في العلاقات العامة ليشرح لها أنها ليست وزيرة خارجية ولا إعلام ولا ثقافة. أستاذ في تقديم الشخصية العامة ليقول لها إن نانسي عجرم لم تنهض أبداً من فوق الكرسي في ثلاثين حلقة مكتملة ثم يقول لها بكل وضوح إن الفستان قد يشتري أغلى خمسين ناقة ولكنه أبداً لن يستطيع شراء فستان نانسي عجرم. كان لأحلام أن تشتري الظهور بخبير وأستاذ في (المظهر) ببضعة آلاف من الدولارات، لا بخمسين مليون دولار تعلق نهاية المساء في الدولاب: العقل هو الرأس وهو ما تنام به وتصحو معه.