يطيب للبعض أن يرجع أسباب هزائمنا وانكساراتنا المتوالية الى نظرية المؤامرة الخارجية وتربص القوى الاستعمارية بنا، وهم بذلك يستسلمون للوهم ويدفعون عن حكامهم تهمة التقصير وعبادة السلطة. ومع التسليم بأنانية القوى المهيمنة على العالم ووضعها مصلحة دولها في المقام الأول حتى ولو داست مصالح الدول الضعيفة، الا اننا يجب ان نوجه كل سهامنا الى الحكام الذين باعوا أوطانهم مقابل كرسي السلطة. ووصل الحال ببعض أحزابنا المعارضة المهمشة في وطننا العربي أن تنبذ هي الأخرى الديموقراطية وتداول السلطة داخلها فاستشرت الأنانية وراج الكذب والنفاق وانهارت الأخلاق وفقدت الكلمة صدقيتها ففاقد الشيء لا يعطيه. ولم يعد يُجدى معنا نظام رأسمالي أو اشتراكي بعد أن تكلست وتصلبت شرايين الاقتصاد. وأذكر عند دراستي الاقتصاد في السويد أنني وجدت سيدة تعمل بكل همة ونشاط في كُشك صغير بمحطة المترو فاعتقدت انه ملك لها وعرفت منها أنه ملك الدولة ومؤمم وأنها موظفة بأجر فيه. ثم عرفت ان الأخلاق والديموقراطية هما مفتاح حب العمل والرخاء أياً كان النظام المتبع. وعندما جلست مع أستاذ الاقتصاد المرموق وجدته يدافع عن العامل البسيط الذي يتقاضى مرتباً قريباً من مُرتبه لأنه دخل سوق العمل قبله وكان ينفق عليه أثناء تفرغه لدراساته العليا. ويماطل حكامنا حيال تطبيق الديموقراطية أو التنازل عن جزء يسير من سلطاتهم الواسعة ليعم الخراب ونقول انها مؤامرة خارجية يروج لها أناس وصلوا لقمة الهرم السياسي على أسنة النفاق والضلال. وتعاني أفريقيا مثلنا من كرسي الرئاسة الذي يقف سبباً للفقر والمجاعات وضياع فرص المشاركة في صناعة الحضارة ثم انزواء أهل الكفاية وازدراء العلم. مصطفى سالم كشك مستشار اقتصادي مصري 12/7/2004