بعد 34 سنة خدمة تحت التاج السويدي وصل اخيراً حارس السفارة السويدية في بغداد، ابراهيم علي 67 عاماً الى استوكهولم، ومعه زوجته خاتون وابنته زينب، ليتسلم من وزيرة الخارجية ليلى فريفالدس ميدالية نجمة الشمال تكريماً لتضحياته في السلم والحرب. "ابو علي"، كما يطلق عليه المجتمع السويدي، بات أشهر من نار على علم. الصحف تتداول أخباره، وكبار المحللين السياسيين يكتبون عنه باستمرار لانه منذ حرب الخليج الثانية سنة 1991 اصبح "بطلاً قومياً" في السويد. ففي ذلك العام سحبت السويد كل طاقمها الديبلوماسي من بغداد وبقي "ابو علي" وحيداً يحرس مبنى السفارة من العصابات. يبتسم قليلاً ويقول ل "الحياة"، بُعيد وصوله الى مطار العاصمة السويدية: "طلبت الخارجية السويدية مني ان اترك مبنى السفارة واسكن في فندق قريب منها للحفاظ على حياتي، لكني رفضت ذلك لأن العصابات كانت تعيث فساداً وتنهب معظم السفارات الغربية". "ابو علي" صديق الجميع، فهو ايام النظام البعثي، تمكن من تحصيل رخصة سلاح "لكن لم استخدمه كثيراً لأن الامن كان شبه مستتب وقتذاك" وبعد دخول الاميركيين "بنيت علاقة جيدة معهم ايضاً" وحصل منهم على تراخيص "لثماني رشاشات وبعض القنابل اليدوية، فعندما أشعر بأن الحرامية اقتربوا من السفارة اطلق النار في الهواء فيهربون على الفور". لم يتمكن احد من اقتحام السفارة وسرقتها باستثناء مرة واحدة تمكن أحدهم من التسلل، لكن "ابو علي" كان له بالمرصاد "واعطبت رجليه". لم ير "ابو علي" السويد من قبل إلا من خلال بطاقات المعايدة. وهو حصل قبل الآن على دعوات كثيرة لزيارة هذه البلاد الباردة الا انه رفض ترك السفارة "لكن هذه المرة اوكلت مهمة الامن لابني وابن اختي واتيت مع زوجتي وابنتي الى السويد". نظمت الخارجية السويدية ل "ابو علي" برنامج زيارات ونشاطات من اقصى جنوبالسويد الى شمالها، وأقام مع عائلته في ارقى فندق "غراند" في استوكهولم، وهو فندق الرؤساء ومشاهير الفنانين العالميين والفائزين بجوائز نوبل. لكن "ابو علي" لا تغريه مظاهر الثراء ولا الشركات الكبرى التي سيزورها ولا الملوك والرؤساء، فهو بعد 34 سنة خدمة في "الحقل الديبلوماسي" اتقن لعبة الديبلوماسيين ومنها تفجير القنابل الاعلامية في الوقت المناسب. قال امام حشد صحافي: "قدّمت اجمل سنين حياتي للسويد، زوجتي مريضة وبحاجة الى عناية طبية عاجلة. مطلبي الوحيد من السويد مساعدة زوجتي طبياً والاهتمام بمستقبل اولادي الثلاث". صمت قليلاً ثم قال ل "الحياة": "لم افاتح الخارجية في هذا الامر عندما كنت في بغداد لأني اعرف ان كلامي يدخل من اذنهم اليمين ليخرج من الشمال، لذا انتظرت وصولي الى هنا لأطلب ذلك مباشرة من الصحافة". لم تعلق الخارجية السويدية على الامر في البداية ثم بادرت الى تلبية الطلب. وما لبث "ابو علي" ان اطلق "قنبلته" الثانية التي وصلت الى مسامع رئيس الحكومة والملك والى كل بيت في السويد. قال انه يرغب في الحصول على الجنسية السويدية. الخارجية قالت انه متى قدم طلباً وهو بلا شك سيفعل، فإنها ستتعامل معه. في الصحافة يعتبرون ان مطالب "ابو علي" محقة.