تحية للسيد الكاتب رؤوف مسعد للجهد الذي بذله استقصاء عن فصل كالح من فصول السودان سماه بمذبحة "الضعين"، او "من مذبحة الضعين الى دارفور". لم نسمع من قبل بتلك المذبحة البشعة التي حدثت عام 1987. وهي حتماً جزء من سلسلة المذابح التي حدثت في السودان، وذهب ضحيتها ما يزيد على المليونين من سكانه ذوي الاصول الافريقية. ان ايدي الحكومات السودانية المتعاقبة طوال العشرين سنة ونيف الماضية، ملطخة بدماء الافارقة السودانيين، وأيدي القبائل العربية، امثال الرزيقات والجنجاويد وغيرهم، وقناصي الافارقة وبائعيهم عبيداً في سوق النخاسة. وهذا كله موثق. وهو جزء من تاريخ اضطهاد الاقليات سواء في شمال افريقيا ضد الامازيغ او السودان ضد الافارقة السود او العراق ضد الآشوريين والاكراد، وحتى الشيعة ايام سيئ الذكر صدام حسين .... هل من المعقول ان ترتكب اكثر المجازر بشاعة ضد الاقليات في العالم العربي، خلال العقدين او الثلاثة الماضية؟ وهل من المعقول ان تبقى النخبة العربية ساكتة وصامتة، وفي بعض الاحيان توفر الغطاء الضروري، الاعلامي، للجلادين فتتهم الضحية بأنها من عملاء اسرائيل او الاستعمار، او انعزالية؟ كيف تسول لنفسها تلك النخبة التي تعلم قسم منها في ارقى الجامعات العالمية او تلك الفضائيات التي تدعي لنفسها الشفافية وانها صوت من ليس له صوت، فتقيم الضجة والمبالغات عن احداث الفلوجة، او تورا بورا، ولا ترى او تسمع اصوات مئات الألوف من ضحايا دارفور وجنوب السودان، ومن قبل ذلك ضحايا كردستان العراق او المقابر الجماعية؟ انها احدى وسائل غسيل الادمغة في عالمنا العربي. ونتيجته الحتمية هي اعداد جيل مشرب بالكراهية للغير. وهو مع الاسف اسلوب متأصل في الثقافات العربية، وقد سماه سابقاً ابن خلدون "بالعصبية القبلية". ومعظم الحكومات العربية تُغذي هذا الاتجاه لأنه يحول انظار الغوغاء والعوام عن مفاسد وسوء تصرف تلك الحكومات. واشنطن - زهير عبدالله