يؤمن الفلسطينيون أن أمنهم مهدد من قبل الاحتلال وظل سنين طويلة مهملا ونادرا ما نال اهتماما جديا في المحافل الدولية أو في مراكز الأبحاث والدراسات المتخصصة في نزاعات المنطقة. وقابله دائما اهتمام مبالغ فيه بالاحتياجات الأمنية الإسرائيلية التكتيكية والاستراتيجية. وبصرف النظر عن الأسباب السياسية والتاريخية الكامنة وراء عزوف القوى الدولية عن معالجة القلق الأمني للشعبين على قدم المساواة، فان نجاح معالجة النزاع يتطلب اعتراف المعنيين بصنع السلام في المنطقة بالاحتياجات الأمنية الفلسطينية أيضا، ومن دون تلبيتها يظل الأمن ناقصا ويصعب تحقيق تسوية تقود إلى استقرار المنطقة. والفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة مقتنعون بأن وجود طرف ثالث على الأرض يساهم في تأمين هذه الاحتياجات ويقلص الأخطار التي تهدد حاضرهم ومستقبلهم. ويراهن الفلسطينيون على مساهمة الطرف الثالث في توفير ظروف حياة أفضل وإيجاد آلية عمل فعّالة توقف التهديد الذي يتعرضون له. والجانب الفلسطيني يعرف قدر نفسه ويعي الأوضاع والظروف الإقليمية والدولية المحيطة بالقضية الفلسطينية ويعرف أنه ليس في وضع يفرض على احد شروطه أو صيغ تتعلق بالوجود العسكري للطرف الثالث. ويدرك أن طمأنة المواطن الإسرائيلي على أمنه ومستقبله يقوي التيار المؤمن بالسلام ويضعف مواقف القوى المتطرفة المعارضة لفكرة قيام دولة فلسطينية. وتدرك القيادة الفلسطينية أن تحقيق وجود قوات طرف ثالث على الأرض في الظرف الراهن وتحديد تفويضها ومرجعيتها وصلاحيتها وحجمها وتسليحها... الخ رهن بموافقة إسرائيل أو بقرار أميركي أو دولي يفرض على الطرفين. ويظل المطلب الفلسطيني أن تتشكل هذه القوات بقرار دولي وأن تأتي بسرعة مطلبا وهميا يستحيل تحقيقه من دون موافقة أميركية واذا لم تغير واشنطن موقفها المساند لإسرائيل ظالمة أو مظلومة. وفي سياق تهدئة الأوضاع ومعالجة النزاع تستطيع قوات الطرف الثالث القيام بمهمات كثيرة بصورة مباشرة، ويمكنها أيضا مساعدة الطرفين في ميادين متنوعة منها: 1 تشجيع الطرفين على الإقرار بالمخاوف المتبادلة، وتوفير القوة اللازمة لضمان هذا الأمن بصورة أو أخرى، وعدم السماح لأي طرف بتحقيق احتياجاته الأمنية الخاصة على حساب أمن الطرف الآخر. 2 مساعدة الطرفين في استعادة الثقة المفقودة وتشجيعهما على معاودة التنسيق الأمني وتنظيم أشكال التعاون العملية الضرورية وببما يوفر الأمن للشعبين ويضمن الكرامة الوطنية لأجهزة الأمن الفلسطينية، ويمنح الطرفين الوقت اللازم لبلورة مثل هذا النظام وترسيخه. 3 الفصل بين الطرفين في كل مناطق التماس على امتداد حدود 1967، والفصل بين المستوطنات والقرى والبلدات الفلسطينية علما أن بعضها يتداخل مع بعض، ومنع مصادرة الأراضي والتحقق من تجميد الاستيطان أفقيا وعموديا. 4 مساعدة السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية في تبديد ثلاثة مخاوف إسرائيلية تشد الإسرائيليين في اتجاه معاكس للسلام: الأول خطر تحول الدولة الفلسطينية في المدى البعيد إلى دولة معادية تستعين بقوى خارجية معادية لإسرائيل وبالفلسطينيين في إسرائيل لتحقيق طموحات الفلسطينيين في فلسطين التاريخية وإعادة اللاجئين إلى بيوتهم. والثاني خطر وقوع هجوم مباغت تشنه الجيوش العربية يوما ما، كما جرى في حرب أكتوبر تشرين الأول 1973، تكون أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة قاعدة رئيسية له. والثالث تواصل العمليات "الإرهابية" التي يشنها الفلسطينيون المتطرفون عبر حدود الدولة الفلسطينية. 5 الإشراف على تنفيذ كل الاتفاقات الأمنية المتعلقة بقضايا الحدود والمعابر البرية والموانئ والمطارات والمجال الجوي والمياه الإقليمية للدولة الفلسطينية، ومحطات الانذار المبكر ووضعها تحت السيطرة ومراقبتها بصورة دائمة. 6 الإشراف على تنفيذ قضايا المرحلة الانتقالية التي لم تنفذ وأي قضايا انتقالية جديدة يتفق عليها. وتحضير القوى والوسائط اللازمة للإشراف على تنفيذ ما يتفق عليه بشأن قضايا الحل النهائي. 7 التحقق من احترام إسرائيل حرمة الأراضي والأجواء والمياه الفلسطينية وعدم الاعتداء عليها ومنع إسرائيل القوية من إعادة احتلال أراضي الدولة الفلسطينية بعد قيامها. ويفضل الجانب الفلسطيني أن يتضمن تفويض القوات منحها صلاحيات استخدام القوة ليس فقط في حالات الدفاع عن النفس والمعدات بل وأيضا في ردع كل من يتجاوز المرسوم في الاتفاقات. 8 حماية الحقوق الإنسانية والحريات الشخصية للإنسان الفلسطيني ومنع الاحتلال ومرتكزاته على الأرض المستوطنون من التطاول عليها. ويرى بعض الفلسطينيين أن يمنح الطرف الثالث حق التدخل في حماية المواطنين في حال حدوث نوع من الفلتان الأمني أو تصاعد مستويات القمع والإرهاب الداخلي. لكن أصحاب الرأي الآخر يعتقدون أن منح هذه القوات مثل هذا الحق يمس بالسيادة الوطنية ويثير تساؤلات من نوع من الذي يحدد موجبات التدخل؟ وما هي الحدود المسموح بها للتدخل؟ وما الموقف في حال التعارض؟ 9 منع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين والقوى المتطرفة من تنفيذ عمليات إرهابية ضد الفلسطينيين. وحماية حرية الإنسان الفلسطيني في التنقل الآمن الحر وحقه في العمل والتجمع والتظاهر والتصدي لأي عمليات دهم واعتقال وهدم المنازل وتجريف الأراضي. 10 مساعدة أجهزة الأمن الفلسطينية في محاربة "القوى الإرهابية" والقوى المناهضة للسلام وإحباط توجهاتها المعادية للحل ولوجود طرف ثالث. ومنع تحول أراضي الدولة الفلسطينية إلى قواعد انطلاق لعمليات عسكرية عدوانية صغيرة أو كبيرة ضد دولة إسرائيل ومواطنيها. 11 مساعدة أجهزة الأمن الفلسطينية مركزيا وفي المناطق على القيام بمهامها الأمنية، خصوصا في مجال جمع السلاح غير المرخص ومنع تهريبه عبر الحدود، وفرض الأمن داخل حدود الدولة الفلسطينية، وتنظيم الحركة على المعابر ومنع جميع أشكال التحريض التي تؤدي إلى الحقد والكراهية بين الشعبين وتشجع على القيام بأعمال عنف ضد دولة إسرائيل ومواطنيها. 12 المساهمة في حماية الأرض العامة والممتلكات الخاصة والتراث والآثار من النهب والمصادرة والتدمير، وحماية كل ما هو فوق الأرض الفلسطينية وفي باطنها من ثروات طبيعية ومنع الاحتلال ومرتكزاته المدنية وشبه العسكرية من استغلالها. 13 منح الأجهزة الأمنية الفلسطينية الوقت اللازم لإعادة بناء الذات وإعادة تأهيل المراكز والكوادر والأفراد ومساعدتها في رفع كفاءتها وتزويدها بالخبرات المتوفرة. 14 ترك مسألة معالجة المتطرفين الفلسطينيين أعداء عملية السلام لأجهزة الأمن الفلسطينية، وتقديم المساعدة لهذه الأجهزة عند الطلب والتعامل معهم في حدود التفويض الممنوح، والذي يجب أن يتضمن حق استخدام القوى والوسائل المتاحة لردعهم عند خرق الاتفاقات ومحاولة فرض مواقفهم على الجميع. 15 الإشراف على القواعد العسكرية المستأجرة، في حال وجودها، ومنع الجانب الإسرائيلي من القيام في/ ومن هذه القواعد بأعمال تمس بسيادة الدولة الفلسطينية ووحدة أراضيها. 16 المساهمة في توفير الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية والبلدية والنقابية، والمساعدة في توفير الحماية اللازمة لصناديق الاقتراع وحرية المرشحين في الدعاية وتسهيل تنقل الناخبين، ومساعدة السلطة في إجراء استفتاء حول الاتفاق النهائي. 17 المشاركة في تنفيذ الترتيبات الأمنية الخاصة بالأمن العام في مدينة القدس، وضمان الوصول الحر للمواطنين الفلسطينيين من سائر أنحاء الضفة والقطاع إلى هذه المدينة المقدسة، والإشراف على تنفيذ الاتفاقات المتعلقة بجميع الأماكن الدينية. التدقيق في ميدان عمليات قوات الطرف الثالث وطبيعة المهام الكثيرة والمتنوعة التي يمكن أن تتولاها يؤكد الحاجة "من وجهة نظر فلسطينية" إلى قوات كبيرة لا يقل حجمها عن سبع فرق عسكرية معززة تعداد الواحدة 67 ألف جندي وضابط وخبير. وأن يكفل التفويض الممنوح للقوات حرية الحركة والعمل في الميدان المحدد. ويرى الجانب الفلسطيني أن تكون القوات قوية ومسلحة بكافة صنوف الأسلحة باستثناء المدافع والصواريخ الثقيلة والطائرات الحربية. وان تكون مدعمة بعدد من طائرات الهيلوكبتر والزوارق الحربية والمصفحات. ويمكن لهذا العدد أن يزداد بشكل تدريجي إذا دعت الضرورة ذلك، كما يمكن أيضا تقليصه بشكل تدريجي كلما تم التقدم في إنجاز المهام المحددة. مناطق التمركز والانتشار بعد الاتفاق على مهمات وصلاحيات قوة الطرف الثالث في كافة المجالات، تعمل قيادة هذه القوة على نشر قواتها في نقاط التمركز المحددة وفق الخرائط المتفق عليها، وعلى الطرفين تسهيل الأمر، ويمكن أن يأخذ انتشارها الشكل التالي: فرقة رقم 1: تتركز مهماتها في القدسالشرقية وحدود المدينة مع إسرائيل بحسب التعريف الفلسطيني وضمنها البلدة القديمة التي تضم المسجد الأقصى وساحاته وكنيسة القيامة، ومنطقة أبو ديس والطور وراس العامود وشعفاط ومحافظة بيت لحم وقراها ومناطق التماس مع المستوطنات داخل حدود البلدية عام 1967 وخارجها في المحافظتين القدس وبيت لحم. فرقة رقم 2: تكون جزءا من قوة موحدة تتولى المهمات المحددة بحسب التفويض الممنوح في مدينة غزة وكامل قرى ومخيمات المنطقة الشمالية. ومعبر بيت حانون والحدود البرية والبحرية مع إسرائيل بحسب خرائط 1967 ومناطق التماس مع المستوطنات. فرقة رقم 3: تكون جزءا من قوة الطرف الثالث في قطاع غزة وتنتشر في المنطقتين الوسطى والجنوبية، وتغطي قرى ومخيمات محافظتي دير البلح ورفح والحدود الدولية البرية والبحرية المصرية - الفلسطينية، وكذلك الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل ومناطق التماس مع المستوطنات في هذه المنطقة. وتنشأ هذه القوة مكتب تنسيق قوات طرف ثالث مع مصر وتوفر مستلزمات عمله. فرقة رقم 4: جزء من قوة طرف ثالث في الضفة الغربيةوالقدس المكونة من خمس فرق عسكرية معززة، تنتشر في منطقة الوسط من الضفة وتغطي مدينة رام الله وقرى المحافظة ومخيماتها ومدينة أريحا ومخيماتها والقرى المحيطة بها بحسب التقسيمات الإدارية الفلسطينية، ومناطق التماس مع الأردن وإسرائيل ونقاط التماس مع المستوطنات. فرقة رقم 5: تتمركز في محافظات جنوب الضفة الغربية أي مدينة الخليل وألويتها وعلى الحدود مع إسرائيل في المنطقة وفي نقاط التماس مع المستوطنات داخل المدينة وخارجها، والإشراف على تنفيذ ما يتفق عليه حول استعمال الحرم الإبراهيمي. فرقة رقم 6: تنتشر في محافظات وألوية شمال غرب الضفة الغربية وتغطي محافظات نابلس وطولكرم وقلقيلية ومنطقة سلفيت. وتتمركز في خط الهدنة المحدد ومناطق التماس مع المستوطنات والمستوطنين في هذه المحافظات. فرقة رقم 7: تنتشر في محافظات وألوية شمال شرق الضفة الغربية، وتغطي محافظة جنين ومنطقة طوباس والأغوار الشمالية. وفي سياق تنظيم التعاون والتنسيق مع طرفي النزاع لا بد من تشكيل أطر للتنسيق والارتباط بين قيادة القوات وفروعها في المناطق وبين الجهات المعنية من الطرفيين الفلسطيني والإسرائيلي، وأيضا تنظيم العلاقة مع دول الجوار، الأردن ومصر، وتأسيس ثلاث مكاتب ارتباط وتنسيق رئيسية في الضفة الغربية وقطاع غزة تنبثق منها مكاتب فرعية في كل منطقة أو محافظة تتولى تنظيم العلاقة بين الطرف الثالث والأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية وبحث المهمات اليومية والأوامر الطارئة ومراقبة الوضع ميدانيا ومعالجة الخروقات وتقديم المعلومات التي تطلبها قيادة قوات الطرف الثالث والضرورية لنجاح المهمة المسندة للقوات وإجراء تقويم دوري ورفع التقارير اللازمة للجهات الأعلى. كما يمكن تشكيل لجنة ارتباط ثنائية مركزية مع كل طرف من طرفي النزاع تتولى معالجة القضايا الثنائية بين قوات الطرف الثالث والطرفين الفلسطيني والإسرائيلي كل على انفراد، وتأسيس مكاتب تعاون وتنسيق مع الجهات المصرية والأردنية المعنية ومعالجة قضايا المعابر. التشكيل والتسليح والتفويض يعتقد الجانب الفلسطيني أن مهمات قوات الطرف الثالث ورقعة عمليات تتطلب توفير سبع فرق عسكرية لا يقل تعدادها عن 50 ألف عنصر معززة بالمعدات الثقيلة، وقابلة للزيادة بشكل أتوماتيكي. ويفضل الجانب الفلسطيني أن تكون قوات دولية تشكلها الهيئات الدولية المعنية، ويشارك فيها من يرغب من الدول أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما يقبل أي صيغة أخرى يتفق عليها من نوع قوات متعددة الجنسية أو قوات أميركية وأية أطراف أخرى يتفق عليها مع إسرائيل. ويفضل الفلسطينيون أن يصدر مرسوم التفويض لقوات الطرف الثالث عن الهيئات المعنية في الأممالمتحدة ممثلة بمجلس الأمن والجمعية العامة وأن تعمل القوات تحت مظلة الأممالمتحدة ويكون مجلس الأمن والأمين العام مرجعيتها. وبديهي أن يشمل التفويض منح القوات استخدام كافة صنوف الأسلحة المتوافرة عند الضرورة لأغراض الدفاع عن النفس، ويحبذ الجانب الفلسطيني أن تمنح القوات الصلاحيات والمهام التي تمنح عادة لقوات الردع، وضمنها حق استخدام الأسلحة المتوفر ضد من يخرق الاتفاقات الموقعة. ويحبذ الجانب الفلسطيني أن تبقى القوات أطول فترة زمنية ممكنة، ويقبل بقائها فترة يتم الاتفاق عليها. ويعتقد الجانب الفلسطيني أن المرحلة الأولى من وجود القوات يجب ألا تقل عن ثلاث سنوات تجدد تلقائيا كل سنة. وفي كل الحالات يشترط الجانب الفلسطيني أن يكون انسحاب هذه القوات مرتبطا بموافقة كل الأطراف المعنية وضمنها القيادة الفلسطينية، وان يتم الانسحاب باتفاق يشارك فيه الفلسطينيون. الموقف الإسرائيلي على رغم أن إسرائيل دولة نووية وقدراتها العسكرية التقليدية تتفوق على طاقات الدول العربية مجتمعة، فإن غالبية الإسرائيليين تشعر انها مهددة وتعيش في جزيرة صغيرة وسط بحر عربي واسع معاد. وعلى رغم ادراك القادة والمحللين الإستراتيجيين الإسرائيليين أن الدولة الفلسطينية ستكون ضعيفة عسكريا ومرتبطة اقتصاديا لسنوات طويلة بإسرائيل، إلا أن معظمهم وبخاصة من ينتمون لمعسكر اليمين ينظرون لهذه الدولة إذا قامت كثعبان سام يرقد مع إسرائيل داخل فراش واحد ويصرون على رفض قيام الدولة الفلسطينية. والواقعيون منهم يعارضون قيامها قبل التأكد بصورة قاطعة من أنها لن تكون معادية لإسرائيل وغير قادرة على التحول لاحقا إلى مصدر تهديد لأمنها. والمبررات التي يسوقها قادة إسرائيل لتأخير مفاوضات الحل النهائي تؤكد أنهم لن يسلموا بسهولة في تحويل "دويلة الحكم الذاتي" القائمة إلى دولة مستقلة ذات سيادة. ومنذ نشوئها ظلت إسرائيل ترفض الاعتماد على أي دور أمني مستورد حتى إذا كان من الولاياتالمتحدة أو يحمل علامة هيئة الأممالمتحدة. واعتمدت فقط على قواها الذاتية في ضمان أمنها، وبنت جيشا قويا وامتلكت ترسانة نووية لم تعترف رسميا بوجودها. وعملت من عام 1965 وحتى عام 1991، على إنهاء "العنف" الفلسطيني وقواها بشن الحروب الصغيرة والواسعة ضد منظمة التحرير في الخارج ومارست القمع والإرهاب ضد الفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة. كما ظلت إسرائيل على مدى نصف قرن ترفض أي دور ميداني لطرف ثالث في نزاعها مع الفلسطينيين، ورفضت فكرة وجود قوات دولية مرجعيتها الأممالمتحدة. وبينت التجربة أنها تقبل بدور طرف ثالث كمسهل للقاءات والمفاوضات وتفضل أن يكون الراعي الأميركي وحده. ولا تخفي القيادة الإسرائيلية رفضها وجود قوات طرف ثالث على الأرض. وإذا كان لا بد من قوة عسكرية فالجانب الإسرائيلي يفضل، كما ظهر في المفاوضات في عهد حزب العمل، أن تكون محدودة العدد وأميركية أو متعددة الجنسية بقيادة أميركية. وقد توافق اسرائيل في مرحلة من مراحل المفاوضات على وجود قوات طرف ثالث للمساعدة في تنفيذ اتفاقات المرحلة النهائية، وليس في المرحلة الانتقالية. وهذا الاستنتاج مستخلص من اتفاقات كامب ديفيد المصرية - الإسرائيلية حيث وافق الليكود بزعامة مناحيم بيغن على وجود قوات دولية في مناطق الجانب المصري من صحراء سيناء، كما وافق على الاستعانة بقوات دولية في جنوب لبنان وفي الجولان السوري. وبديهي القول أن الجانب الإسرئيلي سيطالب قوات الطرف الثالث في حال موافقته عليها أو فرضها على الطرفين بمطالب متنوعة ويفرض على عملها شروطا كثيرة منها مثلا محاربة "الإرهاب" وضرب بنيته التحتية ومنع "الإرهابيين" الفلسطينيين من القيام بعمليات ضد إسرائيل وضد الإسرائيليين في كل مكان في الضفة الغربية وقطاع غزة وتعطيل دخول الدولة الفلسطينية في أحلاف عسكرية معادية لإسرائيل، وعدم السماح لأي طرف خارجي باستخدام الأراضي الفلسطينية في أعمال ضدها. * كاتب فلسطيني.