نشرت "الحياة" في 21 حزيران يونيو مقالاً تحت عنوان "قوات مغربية وتونسية في العراق"، تضمن افكاراً ومعطيات تجانب، مع الأسف، الحقيقة. فبخصوص مسألة إرسال قوات عربية الى العراق كان من المفروض ان يكون كاتب المقال مطلعاً على بيان وزارة الخارجية التونسية الصادر في 18 حزيران، والذي نفى ان تكون مسألة إرسال قوات للعراق قد طرحت سواء في إطار الجامعة العربية أو في نطاق المؤتمر الإسلامي، وأكد ان "تونس التي تحرص على تعزيز وتفعيل العمل العربي الإسلامي المشترك لن تتخذ أي مبادرة في الموضوع خارج هذين الإطارين". وما يثير الاستغراب حقاً في مضمون المقال هو ربط الكاتب ل"الخطوة" التونسية الموهومة بتخمينات غريبة حول التعديل الدستوري الأخير في تونس. هذا الربط يستند على فرضية مختلفة، وهو يعكس، على الأرجح، رغبة لدى الكاتب في تناسي كون الإصلاح الدستوري إنجازاً سيادياً قال الشعب التونسي كلمته فيه خلال استفتاء مباشر. وهو تعديل طال أكثر من نصف مواد الدستور بهدف تحديث مؤسسات الدولة، وتطوير النظام السياسي على أساس توسيع دائرة الحريات، وترسيخ حقوق الانسان ودعم تمثيلية الشعب من خلال إحداث غرفة ثانية، الى جانب مجلس النواب. ولذا فإن محاولة اختزال هذا الاصلاح في مسألة الترشح لرئاسة الجمهورية تحريف وتجن واضح على حقيقة شمولية أبعاده، وعمق مراميه، علماًبأن الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس ستشهد تعزيزاً للتعددية في الترشحات بفضل الاصلاحات الاخيرة، وان قبول الرئيس بن علي الترشح لهذه الانتخابات كان استجابة لرغبة شعبية عامة. ان تونس، منذ تحول السابع من تشرين الثاني نوفمبر 1987، احرص ما تكون على استقلالية قرارها الوطني وممارسة سيادتها كاملة في كل المجالات. وما تتخذه من مواقف ينبع أولاً، وقبل كل شيء، من سلطتها الوطنية، ومن تجذر انتمائها العربي الإسلامي. اما الزعم عكس ذلك فهو من باب الجهل بواقع البلاد، او المزايدة الديماغوجية الواهية. لندن - محمد بوقمرة المستشار الإعلامي في سفارة تونس