حذّر خبراء في شؤون الإرهاب من ان تنظيم "القاعدة" يُعد على ما يبدو لهجمات وشيكة ضد أوروبا، مع اقتراب انتهاء مهلة عرض "الصلح" الذي قدّمه أسامة بن لادن للأوروبيين في 15 نيسان ابريل الماضي ومنحهم فيه ثلاثة شهور لفك تحالفهم مع الأميركيين والانسحاب من "دول المسلمين"، في إشارة الى العراقوأفغانستان خصوصاً. وذكّر بيان لجماعة "أبي حفص المصري - القاعدة"، نشرته "الحياة" أمس، بقرب انتهاء انذار بن لادن. وحذّر الأوروبيين من عمل وشيك ضدهم بسبب رفضهم "الصلح". لكن في حين شككت مصادر أمنية غربية في صدقية تحذير هذه الجماعة نظراً الى بيانات سابقة لها تبنّت فيها أحداثاً لم تثبت علاقة "القاعدة" بها، قال متابعون للشؤون الأمنية ان التهديد بعمل إرهابي، في أوروبا خصوصاً أو ضد مصالحها في العالم، بالغ الجدية. واعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني أمس ان باريس وروما تأخذان التهديدات الارهابية ضد اوروبا "على محمل الجد". ونقلت وكالة "فرانس برس" عن شيراك ان "فرنسا تأخذ على محمل الجد كل ما يمكن ان يهدد على مستوى الارهاب الاراضي الاوروبية". وأعلن شيراك الذي كان يرد على سؤال أثناء مؤتمر صحافي مشترك مع برلوسكوني يتعلق بتهديد "القاعدة" بتنفيذ اعتداءات في اوروبا "نحن على مستوى انذار عال جداً". أما برلوسكوني فقال: "نأخذ هذه التهديدات على محمل الجد"، مشيرا الى ان 14 الف هدف باتت تحت مراقبة قوات الأمن في ايطاليا. وقال خبير أوروبي بارز في شؤون الإرهاب ل"الحياة" ان دول أوروبا كلها رفضت عرض بن لادن "الصلح"، ولذلك فإنها معرّضة لضربات يمكن ان يشنها تنظيم "القاعدة" أو مؤيدوه. وأوضح ان إسبانيا التي فكّت تحالفها مع الأميركيين في العراق وسحبت قواتها منه هذا الصيف، لا يمكن ان تعتبر نفسها بسبب ذلك بمنأى عن هجوم جديد، إذ انها ما زالت طرفاً في أفغانستان حيث اعلنت مضاعفة قواتها هناك الى ألف جندي. وكان عرض بن لادن "الصلح" صدر بعد تفجيرات مدريد في 11 آذار مارس الماضي والتي أوقعت أكثر من 190 قتيلاً. وأضاف الخبير ان توجيه ضربة الى بريطانيا، بسبب مساندتها الأميركيين في العراقوأفغانستان خصوصاً، يأتي على الأرجح على رأس أولويات "القاعدة". ويقر مسؤولون بريطانيون بأن بلادهم تواجه ضربة "حتمية"، ويقولون ان عدم حصولها حتى الآن سببه الوحيد ان أجهزة الأمن كانت سباقة في كشف خلايا تُعد لها. واعتبر الخبير ان ايطاليا تأتي هدفاً ثانياً ل"القاعدة" من حيث الأولوية بعد بريطانيا. إذ ليس سراً مدى حماسة برلوسكوني للتحالف مع الولاياتالمتحدة في "الحرب ضد الارهاب" وفي العراق. وفككت أجهزة الأمن الايطالية ايضاً خلايا عدة يُزعم انها كانت تخطط لعمليات. وعلى رغم ان فرنسا والمانيا نأتا بنفستهما عن التحالف مع الولاياتالمتحدة في "مغامرتها العراقية"، إلا انهما تعرفان ان "القاعدة" لن تتأخر في ضربهما لو اتيحت لها الفرصة، خصوصاً بسبب دورهما في أفغانستان. ونقلت وكالة "رويترز" عن "مصدر استخباراتي أوروبي" قوله أمس ان تهديد "كتائب أبي حفص المصري - القاعدة لا يُغيّر شيئاً. لا نأخذهم كثيراً على محمل الجد... كنا سابقاً متأهبين لهجمات، ونحن الآن على تأهب لهجمات جديدة. لا شيء تغيّر". ونسبت الوكالة أيضاً الى "مصدر أمني بريطاني" ان "كتائب ابي حفص" تبنّت في السابق تفجيرات مدريد و"كان من الواضح انهم ليسوا وراءها ... التهديد العام نأخذه على محمل الجد. لكن ما يقوله هؤلاء الناس جماعة ابي حفص لا يضيف شيئاً مهماً على ذلك". وقال ديفيد كلاريدج، الخبير في تقويم المخاطر الأمنية في لندن، ان هناك تشكيكاً واسعاً في مدى علاقة "كتائب ابي حفص" ب"القاعدة". لكنه أضاف: "هناك انذار أُعطي من بن لادن، وواضح ان الانذار لم يلق قبولاً من الدول الاوروبية، لذلك اعتقد بأن ذلك سيدفع بدرجة التهديد الى أعلى". وقال رولان جاكار من المرصد الدولي للإرهاب باريس: "اعتقد ان هذا التهديد يجب ان يؤخذ بجدية. انه الإضافة المنطقية لإنذار بن لادن".