في الوقت الذي بدا ان الولاياتالمتحدة قد تطرح الخميس على مجلس الامن مشروع قرارها المتعلق بالازمة الانسانية في دارفور، غرب السودان، صعّدت الخرطوم لهجتها ضد التدخل العسكري الاجنبي الذي طرحت دول غربية احتماله من غير ان ينص عليه المشروع الاميركي. وفي ما بدا خطوة استباقية للتصويت على مشروع القرار الاميركي الذي اعلنت الدول الاوروبية تأييده اول من امس، طلبت الخرطوم ان يمنحها الاتحاد الوقت الكافي للوفاء بالتزاماتها بحسب التعهدات التي اعطتها للامين العام للأمم المتحدة كوفي انان. ومع اعلان تصعيد التعبئة الداخلية، قررت السلطات السودانية الافراج عن المعتقلين من حزب المؤتمر الشعبي الذي يقوده الدكتور حسن الترابي الذي يتلقى علاجاً حالياً في مستشفى تابع للشرطة، على ان تطلقه في وقت لاحق لم يحدد. راجع ص6 ونقلت وكالة "رويترز" عن السفير السوداني لدى الاتحاد الاوروبي علي يوسف أحمد ان امام بلاده مهلة 90 يوماً لوضع حد لنشاط ميليشيات الجنجاويد الموالية للحكومة والمتهمة بالانتهاكات في دارفور، وذلك بمقتضى الاتفاق مع انان. وقال السفير: "ينقضي أمد الاتفاق في الثالث من تشرين الاول اكتوبر... وقبل هذا الموعد يتعين عدم احداث ضجة لأنها ستشتت انتباهنا". وكان مجلس الوزراء السوداني عقد جلسة طارئة أمس برئاسة النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه، لمناقشة مواقف الدول الغربية واحتمالات التدخل العسكري في الاقليم، والمحادثات السياسية مع "متمردي دارفور". وقال وزير الزراعة المسؤول السياسي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم الدكتور مجذوب الخليفة ان المجلس قرر "تصعيد حملة التعبئة السياسية والديبلوماسية لمواجهة أي تدخل أجنبي في دارفور وتوحيد الجبهة الداخلية، وستعقد لقاء مع القوى السياسية في هذا الشأن". وحذر وزير الداخلية اللواء عبدالرحيم محمد حسين من أن أية محاولات للتدخل العسكري في دارفور سيكون مصيرها الفشل. وطالب بريطانيا والمانيا واستراليا بمراجعة مواقعها من بلاده و"المعلومات الخاطئة والمضللة" التي استندت إليها في مواقفها من الأزمة في دارفور. واعتبر المبعوث السوداني لدى الاتحاد الافريقي عثمان السيد أن التدخل العسكري الغربي في دارفور سيؤدي إلى تقسيم السودان وزعزعة استقرار الدول المجاورة. واتهم الولاياتالمتحدة بانها "تستغل أزمة دارفور لاسقاط حكومة السودان، لأن سياسة الحكومة السودانية لا تعجب الإدارة الأميركية. يستهدف الأميركيون حكومة السودان بسبب موقفها السياسي". في موازاة ذلك، أعلن حزب المؤتمر الشعبي أن السلطات أبلغته فجر أمس عزمها على اطلاق كل معتقلي الحزب، وعددهم 52، باستثناء زعيمه الترابي. وبالفعل افرجت عن سبعة من مساعديه الذين كانوا معه في سجن كوبر، وهم إبراهيم السنوسي والدكتور بشير آدم رحمة وبدرالدين طه ومحمد الأمين خليفة وإبراهيم عبدالحفيظ وخليفة الشيخ مكاوي وناجي دهب. وينتظر أن يطلق في وقت لاحق 44 آخرون من سجون بورتسودان في شرق البلاد، ومدني في وسطها وشندي والدامر في شمالها. وأكد المسؤول السياسي في الحزب بشير آدم رحمة ل"الحياة" عقب اطلاقه، ان السلطات أفرجت عن المعتقلين من دون شروط أو التزام، بعد وساطة من قادة إسلاميين، موضحاً أن المفرج عنهم، منذ اعتقالهم في 28 آذار مارس، لم يجرِ معهم أي تحقيق، ولم توجه إليهم أي اتهامات، خلافاً للدستور والقانون. وأكد المسؤول السياسي في الحزب الحاكم أن السلطات اطلقت جميع الذين اعتقلوا بسبب أحداث دارفور، ومعظمهم من حزب المؤتمر الشعبي، موضحاً أن الترابي سيفرج عنه أيضاً، لكنه لم يحدد موعداً لذلك. وذكر ان الخطوات تأتي في إطار خطة الحكومة لتوحيد الجبهة الداخلية وتعزيز الحريات وتطبيع الحياة السياسية وليس بسبب الضغوط أو ما يجري في دارفور.