لم يكن الفنان الشاب رضا تامني يظن يوماً أنه سيصبح نجماً حقيقياً، يهتف الشباب باسمه ويسارعون الى اقتناء البومه وحضور حفلاته، ولم يكن يظن أيضا انه سيكون في يوم من الأيام وراء إثارة الجدل حول موضوع الزواج المختلط بين الجزائريين والاجنبيات. لكنه في المقابل كان يأمل فقط في أن تساهم اغنية "جوزيفين" في ابراز قصة صديقه المهاجر، لانها تتناول جانباً واسعاً من حياته، ومعاناته بسبب زواجه من يوغسلافية. الفنان تامني المشهور باسم "رضا الايطالي"، يعترف بان أغنيته التي أصدرها بحلول موسم الصيف الحالي كانت سبباً في دفعه إلى الواجهة اعلامياً وفنياً، بعد أن كان اسمه معروفا فقط في مساحة ضيقة، ولا يتعدى صداه حدود مدينة وهران التي تبعد 450 كيلومتراً غربي العاصمة، والتي تعتبر مهد أغنية الراي في الجزائر . في لقاء مع "الحياة"، أكد رضا إنه فوجئ كثيراً من رد الفعل الايجابي الذي لمسه من الجمهور ووسائل الاعلام بمجرد صدور البوم "جوزيفين". وقال: "سبق لي أن اصدرت خمسة ألبومات، لكنها للأسف لم تحقق نجاحاً كبيراً، على عكس ألبومي الأخير الذي أكدت ارقام مبيعاته مدى نجاحه، وأظن أن الفضل الرئيس في ذلك يعود إلى مضمون اغنية جوزيفين، التي أسلط من خلالها الضوء على قضية زواج الشباب الجزائري من الأجنبيات". وأضاف: "اظن ان هذا الموضوع مهم جداً ويستحق التوقف عنده مطولاً، لأنه يتعلق بمصير آلاف الشباب الذين هجروا بلادهم، وربطوا مستقبلهم بأجنبيات. وتابع: "الكثير من أصدقائي هاجروا إلى أوروبا وتزوجوا من فرنسيات وإيطاليات وغيرهن، بعضهم أصاب في الاختيار، فيما اخطأ بعضهم الآخر، وهم الآن يدفعون الثمن غالياً، ومثال على ذلك صديق لي، تزوج من يوغسلافية اسمها جوزيفين لكن علاقتهما للأسف انتهت بالفشل، ما جعلني افكر في ابراز قصته من خلال هذه الأغنية، التي أتمنى أنها ستساعد الشباب على التفكير قبل الارتباط بنساء يختلفن عنهم في الثقافة والديانة والتربية". هذه الرؤية التي يحملها صاحب الأربعة وعشرين ربيعاً يتفق حولها الكثير من الشباب، لاقتناعهم بأن الزواج من أجنبيات يعتبر مغامرة حقيقية تظهر نتائجها على المستوى البعيد خاصة عندما يكبر الأبناء. هذا ما حاول رضا ابرازه في اغنيته حيث قال: "جوزيفين ما درتي فيا، أعطيني كوارطي باش نولي لدارنا" بمعنى "ماذا فعلتي بي يا جوزفين، اعطيني وثائقي لاعود إلى بيت عائلتي". لكن المفارقة التي صنعتها هذه الأغنية، خاصة بين الشباب الذين لم تكن لهم فرصة السفر إلى الخارج هي أن الكثير منهم اصبح يرددها تعبيرا عن رغبته في الهجرة، كقول احدهم "اين انتي يا جوزيفين، ساعديني في الحصول على تأشيرة"، فيما يستخدم آخرون هذا الاسم لإثارة غيرة صديقاتهم وزوجاتهم كأن يستفز أحدهم شريكته، فيقول لها "أظن أنني غيرت رأيي وسأتزوج جوزيفين". وإذا كان عدد كبير من الشباب مقتنعين بأن الزواج من أجنبيات ليس الوصفة السحرية لضمان حياة الأحلام في المهجر مثلما كان يظن الكثيرون، يصر آخرون على ان الزواج من الاجنبيات يبقى حلما يسعون إلى تحقيقه، ومثال على ذلك جلال 27 عاماً الذي قال إنه يفضل الزواج من اوروبية، لانها "صادقة مع نفسها ومع الأخرين"، واضاف: "صحيح أن زواج العرب عامة والجزائريين خاصة من اجنبيات يعتبر مغامرة، للاختلاف الكبير بين الطرفين، لكن يجب البحث عن الاسباب التي تؤدي في الكثير من الحالات الى الفشل... نعم إنه زواج المصلحة، فبعضهم يبحث عن وثائق، وبعضهم الأخر يبحث عن الاستفادة من حقوق لارتباطه بأجنبية، لكن إذا كان الزواج مبنياً على الحب فلن يجد الفشل طريقه إلىه". وعلى العكس تماماً كان اعجاب الفتيات بأغنية رضا الإيطالي أكبر بكثير، ربما لأنها جاءت لصالحهن، باعتبار انها تنصح الشباب بطريقة غير مباشرة بعدم الزواج من أجنبيات، ما يعني انها تحثهم على الزواج من جزائريات. هذا ما استنتجته لامية حساني 25 عاماً التي ابدت اعجابها الكبير بالفكرة التي تضمنتها الأغنية، وقالت: "الجميل فيها انها تحمل هدفا، على عكس الكثير من أغاني الراي التي شوهت سمعة هذا النوع الغنائي". رندة مصباحي طالبة في كلية الإعلام والاتصال ابدت هي الاخرى اعجابها بالاغنية، غير أنها اعترفت بأن مستوى اغنية الراي في الجزائر أصبح في انخفاض مستمر، وأضافت: "لم تعد مثلما كانت عليه في السابق، خصوصاً بالنظر الى الموجة الهابطة التي اجتاحت هذه الموسيقى اخيراً ببروز مغنين لا علاقة لهم بالفن". وتابعت: "نتمنى فقط أن يرفع الفنانون مجددا من مستوى الراي، ويحرصون على تقديم أعمال هادفة، لأن هذه الأغاني الراقصة لها تأثير منقطع النظير".