تتجه منظمة التجارة الدولية نحو التوصل الى اتفاق تاريخي خلال اجتماعاتها المقررة ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل في جنيف في شأن تحرير المبادلات التجارية العالمية، الا ان الخلافات بين الشمال والجنوب حول الملف الزراعي يمكن ان توجه ضربة قاصمة الى صدقية هذه المنظمة. وأمام دول المنظمة ال147 مهلة حتى منتصف ليل الجمعة المقبل للتوصل الى اتفاق على تحريك جولة المفاوضات التي اطلقت في نهاية عام 2001 في الدوحة. والهدف الاساسي هو تطبيق القواعد التجارية التي وضعت للمنتجات الصناعية، منذ التوصل الى الاتفاقية العامة للتجارة والتعرفات الجمركية غات عام 1948، على المنتجات الزراعية. ويعتبر انتهاء المهلة في الثلاثين من تموز يوليو الجاري فرصة جديدة لمتابعة ما كان انقطع بعد فشل المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة الدولية الذي عقد في كانكون المكسيك في أيلول سبتمبر عام 2003 والذي شهد مواجهة بين الشمال والجنوب حول الملف الزراعي. وفي حال تكرر هذا الفشل في جنيف فستكون عواقبه وخيمة على منظمة التجارة الدولية التي تعهدت خلال اجتماع الدوحة وضع التجارة في خدمة التنمية. وقال المدير العام للمنظمة سوباشاي بانيتشباكدي قبل ايام:"علينا ان ننجح هذه المرة، وافضّل عدم تصور ما يمكن ان تكون عليه انعكاسات الفشل ليس فقط على هذه الجولة بل على المنظمة نفسها". واضاف بانيتشباكدي ان الفشل يعني"ان الناس سيكونون اقل حرصاً على العمل المتعدد الاطراف"، مبدياً تخوفه من تكاثر الاتفاقات التجارية الثنائية او الاقليمية التي لن تكون لصالح الدول الفقيرة. وزاد ان الاتفاق يقدم فرصة"تاريخية"لوضع حد للدعم التي تقدمه الدول الغنية لصادراتها الزراعية. ورفع هذا الدعم وارد في مشروع الاتفاق الذي سلمته منظمة التجارة الدولية في 16 تموز الى الوفود المشاركة. ومع ان هذا المشروع حظي بموافقة جميع المشاركين، باعتباره اساساً للنقاش، الا أن عدداً من الدول النامية انتقدته، معتبرة انه يتيح للدول الغنية التهرب من خفض الجمارك على المواد"الحساسة". كما انتقدت بعض الدول الغنية هذا المشروع ايضاً بعدما وجدت عكس ذلك تماماً. واعتبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك ان هذا المشروع"غير مقبول بالنسبة الى فرنسا في وضعه الحالي". الا ان الاتحاد الاوروبي هو الذي يناقش باسم الدول الاعضاء ال25 في الاتحاد. وقال سفير اليابان لدى منظمة التجارة الدولية شوتارو اوشيما، الذي يدير المفاوضات، ان هذا النص/التسوية الذي قدمه يعتبر حلاً وسطاً بين المواقف المتعارضة، وان اي تعديل اساسي عليه سيعرض للخطر فرص التوصل الى اتفاق شامل. ومن المتوقع ان يعرض اوشيما صيغة جديدة لهذا المشروع لدى بدء اجتماع المجلس العام للمنظمة الذي يعتبر الهيئة العليا فيها بحضور ممثلي 147 دولة. وتعثرت الاجتماعات التي عقدت خلال الايام القليلة الماضية على مستوى السفراء بسبب مسألة المنتجات الصناعية ايضاً. وقال دبلوماسي غربي ان"المفاوضات تتراجع"، موضحاً ان العديد من الدول النامية ترفض فتح المزيد من اسواقها امام هذه المنتجات مقابل تنازلات تقدمها الدول الغنية في الملف الزراعي. وتابع الدبلوماسي محذراً من أن"هناك تباطؤاً في المحادثات ويخشى ان يتكرر السيناريو الذي حصل في كانكون وتبقى كل الملفات عالقة حتى اليومين الاخيرين من المفاوضات". ورأى انه"كلما تقدم الوقت من دون اتفاق كلما اصبح من الصعب التوصل الى تسوية". كما من المتوقع ايضا ان تشهد جنيف تظاهرات لمزارعين ومناهضين للعولمة على هامش الاجتماع.