شددت موسكو على موقفها الرافض ارسال قوات حفظ سلام روسية الى العراق، لكنها اكدت "دعمها الكامل" لجهود الحكومة العراقية الموقتة من اجل تحقيق الاستقرار، وزيادة التنسيق على مختلف المستويات بين الجانبين . وبدا ان زيارة وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، وهي الاولى الى موسكو منذ توليه منصبه، نجحت في اذابة الجليد الذي ساد علاقات الطرفين منذ سقوط النظام السابق. واجرى زيباري محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف وصفها بانها كانت "بناءة وايجابية"، كما التقى سكرتير مجلس الامن القومي الروسي ايغور ايفانوف. وذكرت مصادر روسية ان اجواء ارتياح سادت المحادثات الثنائية. واللافت ان زيباري مهد لمحادثاته بدعوة موسكو الى المشاركة في قوات حفظ السلام في العراق، وقال للصحافيين فور وصوله الى العاصمة الروسية صباح أمس ان بغداد "ترى ضرورة المشاركة الروسية في مهمات حفظ السلام"، لكنه تراجع عن دعوته بعد جلسة مناقشات عقدها مع لافروف الذي كرر في مؤتمر صحافي مشترك موقف بلاده المعارض في شكل حازم للتواجد عسكريا في العراق، مؤكدا في الوقت نفسه استعداد موسكو لتقديم "كل الدعم للعراق بوسائل اخرى مختلفة" وخصوصا على الصعيد الاقتصادي وخطط تدريب كوادر عراقية في روسيا وكذلك في اطار "نادي باريس" الذي سيبحث مسألة اعادة جدولة ديون العراق الخارجية. واشار لافروف الى ان هذه المجالات "لا تقل اهمية وحجما عن التواجد العسكري"، وتحدث مطولا عن مسألة الديون العراقية وقال ان بلاده مستعدة لاعادة جدولة ديونها التي تبلغ نحو ثمانية بلايين دولار. وزاد ان موسكو ستعمل في شكل وثيق مع بقية الدول الاعضاء في "نادي باريس" الدولي من اجل تقليص الضغوط المالية على العراق ومراعاة ظروفه الاقتصادية مشيرا الى اتفاق تم التوصل اليه بان يقوم خبراء الجانبين الروسي والعراقي باتخاذ الاجراءات اللازمة على هذا الصعيد. ولفت الوزير الروسي الى ان الطرفين بحثا تأسيس اطار عراقي - روسي مشترك من اجل تعزيز التنسيق بين الجانبين في المجالات الاقتصادية التجارية. وقال ان بلاده تؤيد نهج الحكومة العراقية الهادف الى تحريك العملية السياسية وصولا الى اجراء انتخابات عامة في العراق، واشاد بتعاون الحكومة العراقية الموقتة مع كل القوى المعارضة ما عدا تلك المتورطة في نشاطات ارهابية، وزاد ان آلية عقد المؤتمر الدولي الذي دعت اليه روسيا لمناقشة الملف العراقي يمكن ان تشكل دفعة مهمة لتحقيق الاستقرار في المنطقة كلها، مشيرا الى ان محادثات الطرفين اثبتت الحاجة لعقد هذا المؤتمر بمشاركة جميع الاطراف المعنية بما في ذلك مجلس التعاون الخليجي، وكان الاقتراح الروسي شغل حيزا مهما من مناقشات الجانبين وشدد زيباري على رغبة بغداد في "الاطلاع عن قرب على تفاصيل المبادرة الروسية". الى ذلك تركزت المحادثات على آفاق التعاون الاقتصادي التجاري بين البلدين، وقال زيباري انه بحث مسألة مشاركة الشركات الروسية في عمليات احياء الاقتصاد العراقي، وشجع موسكو على اعادة الشركات الروسية العاملة في مجال الطاقة الى العراق من اجل استكمال العمل في ثلاثة مشاريع حيوية لتوليد الكهرباء كانت تعمل فيها قبل انسحابها من العراق بسبب تدهور الاوضاع الامنية، وقال ان العراق يتفهم جيدا أهمية الضمانات الامنية المطلوبة لهذه العودة. وأكد في الاطار نفسه ان بلاده ستشكل لجنة لدراسة العقود التي كان العراق وقعها مع الشركات الروسية في اطار برنامج "النفط للغذاء" من اجل استكمال تنفيذها، وتحدث من جانب آخر عن خطوات تقوم بها بلاده لتعزيز التعاون مع روسيا مشيرا الى طلب ستقدمه قريبا الى موسكو لاستئناف العلاقات الديبلوماسية وتعيين سفير جديد للعراق في موسكو . واعلن زيباري ان بغداد ستطلب خلال الفترة القريبة القادمة اعادة خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى العراق وقال ان الاتصالات مع المدير العام للوكالة محمد البرادعي متواصلة في هذا الشأن.