يروج الرياضيون لمقولة "لا رياضة من دون المال"، و لا يمكن لأحد إنكار دور المال في تسيير الرياضة، ويرى الآسيويون أن قارتهم تستطيع النهوض والتقدم نحو الصفوف الأمامية ومزاحمة القارات الأخرى خصوصاً القارة العجوز أوروبا وأميركا اللاتينية، فالأولى تملك المال وربما تفتقد للعنصر البشري، والثانية لديها العناصر البشرية الماهرة التي تساعدها في التغلب بعض الشيء على نقص النواحي المادية. تمتاز القارة الآسيوية عن غيرها من القارات بالكثافة البشرية، وفيها أكبر دولتين في العالم من حيث عدد السكان الصين والهند، وتملك القارة أيضاً الإمكانات المادية بوجود أكبر الدول المصدرة والمنتجة والمستوردة للنفط في العالم. وعندما قال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جوزيف سيب بلاتر في حفل افتتاح البطولة الحالية: "المستقبل لآسيا" فإنه يؤكد حرص الفيفا على كسب القارة الأكبر وضمها إلى عالم كرة القدم قبل أن تسبقه إلى القارة الصفراء الاتحادات الأخرى بألعابها المختلفة. وكان بلاتر قد أعلن في بداية العام أن لعبة كرة القدم قد نشأت في الصين وأن لعبة جيو جو القديمة هي شكل بدائي لكرة القدم. وذلك بعد أن توصل المختصون الصينيون إلى أن منطقة لين زي الواقعة في مقاطعة شاندونغ الساحلية شرق الصين كانت موطن لعبة جيو جو لذا فهي موطن لعبة كرة القدم أيضاً. وفي المقابل رد الآسيويون التحية للفيفا وهذا يتضح من الاهتمام المتزايد الذي تبديه دول القارة بكرة القدم خصوصاً دول الشرق، ففي إحصائية حديثة أبرزت أن 90$ من اليابانيين بدؤوا بمتابعة كرة القدم. يقول صحافي ياباني: "إذا كان اليابانيون قد تعلقوا في الستينيات بفرقة البيتلز الخنافس فإن توجهاتهم اختلفت تماماً في الألفية الجديدة وأصبح شعارهم هو ف ف ف نسبة إلى فوتبول وفاشن وفاميلي" أي كرة القدم والموضة والعائلة. ويشعر الاتحاد الدولي بكثير من الارتياح وهو يشاهد مدرجات الملاعب الآسيوية تمتلئ بالمتفرجين، ففي عام 2002 بلغ المعدل السنوي لمتابعة اليابانيين لمباريات الدوري الممتاز حوالي 430 متفرج ونسبة امتلاء الملاعب تصل إلى 45$ وهي أرقام جداً مشجعة. في صيف العام الماضي جال فريق ريال مدريد الإسباني في دول شرق آسيا. وسبقه إليها أندية إنكلترا مانشستر يوناتيد وتشلسي وليفربول. هذا الاندفاع الأروربي نحو آسيا سببه الكثافة السكانية والسوق الاقتصادية التي تمتاز بهما القارة. وفتح أسواق ومنافذ بيع جديدة للأندية الأوروبية. لكسب الأموال التي تحتاجها الأندية لتغطية نفقاتها في جلب النجوم بملايين الدولارات. بعد أن وصلت السوق التنافسية بين الأندية العالمية إلى مرحلة أشبه ما تكون ب الجنونية. ولم يعد ممكناً السيطرة على هذا السوق إلا بإيجاد مداخيل جديدة. خصوصاً أن نقاط البيع الداخلية في أوروبا لم تعد تضيف شيئاً جديداً. ما دعا الأندية التي تحتاج للسيولة المادية إلى تعزيز عائداتها بإضافة جماهير أخرى خارج النطاق المحلي. في عام 2003 تم الإعلان عن صفقة انتقال النجم الإنكليزي ديفيد بيكهام من ناديه مانشستر يونايتد إلى ريال مدريد عندما كان بيكهام يقضي إجازته في العاصمة اليابانيةطوكيو. ويري الكثير أن هذه العملية كان وراءها هدف تسويقي بحت. ويراهن مسؤولو التسويق في ريال مدريد على أن بيكهام الملقب في آسيا ب بيكها مساما يستطيع أن يحول خمسة ملايين مشجع من مشجعي مانشستر يونايتد البالغ عددهم 17 مليوناً في آسيا إلى تشجيع ريال مدريد. ولقد نجح ريال مدريد في بيع 300 ألف قميصاً يحمل رقم بيكهام 23 بعد خمسة أشهر من انتقاله إلى الريال وفي إحصائية رسمية لصحيفة الإيكيب الفرنسية اتضح أن أغلب الذين ابتاعوا قميص النجم الإنكليزي هم من قارة آسيا. اللافت أن هذا الرقم يعادل -حسب الإيكيب- إجمالي بيع قمصان النجوم زيدان ورونالدو وفيغو وروبرتو كارلوس في عام 2003. وتؤكد التقارير التي نشرتها مجلة نيوزويك الأميركية التي ظهرت متزامنة مع زيارة بيكهام إلى شرق آسيا بأنه قد كسب خلال إقامته في اليابان فقط التي لم تتجاوز أسبوعاً واحداً حوالي خمسة ملايين جنيه استرليني من جراء إعلان لشركات زيوت السيارات ومصانع الشوكولا. ومن الأمثلة التي تدل على الاهتمام الأوروبي بآسيا ما حدث في عام 2002 عندما انتقل المهاجم البرازيلي رونالدو من الإنتر إلى الريال في صفقة بلغت 45 مليون يورو وقد تمكن نادي الريال من تحصيل نصف هذا المبلغ بعد أن باع أكثر من 200 ألف قميص لرونالدو في السوق الآسيوية. في عام 2001 قام نادي فيرونا الإيطالي بتسويق منتجاته الرياضية في السوق الآسيوية ويأمل خبراء النادي بأن يحصلوا على 42 مليون يورو في نهاية العام الجاري. ولم يقتصر الغزو الأوروبي لآسيا داخل القارة فقط، فقد حرصت بعض الأندية الأوروبية على استقطاب بعض اللاعبين الآسيويين حتى ولو كانوا متواضعي المواهب من أجل جذب الشركات المعلنة. وعندما انتقل لاعب الوسط الياباني ناكاتا إلى الدوري الإيطالي عام 1998 استطاع فريق بيروجيا ثم بارما من تغطية مصاريفهما من خلال التعاقد مع الشركات اليابانية لنقل مباريات الفريقين وتوزيع قمصانهما في السوق اليابانية. كما نجح الناديان في جذب السياح اليابانيين إلى إيطاليا لمتابعة نجمهم ناكاتا. وفعل مانشستر سيتي الشيء ذاته عندما تعاقد مع النجم الصيني تشي هاي فبلغ معدل المشاهدة التلفزيونية لمباراة الفريق الإنكليزي ما يقارب المليار في الموسم الواحد. وفطن الأمريكيون للاندفاع الأوروبي فبدؤوا رحلة إيجاد وضع قدم لألعابهم في الصين ووقع اتحاد البايسبول الصيني اتفاقاً مع اتحاد البايسبول الأميركي للمحترفين لدفع تعميم وتطوير رياضة البايسبول في الصين لإقامة منافسات دوري البايسبول في الجامعات والمدارس الابتدائية والثانوية في المدن الصينية.