يرى بعض الجنود الأميركيين في ترديد بعض الكلمات العراقية المنتشرة بين المراهقين والشبان وسيلة للتقرب من السكان العراقيين خصوصاً لدى خروجهم في دورياتهم العسكرية أو في تجولهم على الطرق العامة، حيث اعتاد الأطفال والمراهقون التجمع قربهم ومحادثتهم. وحين يريد أحد الجنود أمر طفل أو مراهق بالابتعاد يقول له "أشطح" باللهجة العراقية، وينطقها "أشتح" بطريقته الخاصة لأنه لا يستطيع لفظ حرف الطاء. وكلمة "اشطح" ترادف بالمعنى كلمة "ورينا عرض كتافك" المصرية. ويأتي آخر يصافح أحد الأطفال ويقول له "شلونك"، وغيره يبتسم لزملائه الجنود وهو يخاطب الطفل نفسه "اشبيك". ومن جانب آخر، اكتظت مقاهي الانترنت ومعاهد تعليم اللغات التي انتشرت أخيراً في بغداد بالشبان المتطلعين الى المستقبل والراغبين بتعلم اللغة الانكليزية. وأقبل الكثير من الشباب العراقي على تعلم الانكليزية لما توفره من حوافز لايجاد فرص عمل برواتب عالية، مترجمين أو مرافقين لأصحاب الأعمال أو من أجل مواكبة "الأمركة" القادمة لهم من الاحتلال. وقال أمجد كامل 23 عاماً: "أصبح الحصول على وظيفة في الوقت الحالي امراً صعباً ويقتصر على اصحاب الكفاءات في الكومبيوتر واللغات". وأضاف: "اللغة الانكليزية ضرورية، ليس بسبب وجود الاميركيين حالياً بل لأنها ضرورة حتمية للمستقبل الحر". وعند دخول القوات الأميركية بغداد بعد سقوط النظام السابق، انتشرت قواتهم في المدن والقرى، بين الضواحي والأزقة، واختلطوا بالمواطنين متوقعين التأييد والترحيب. وبالفعل، يستطيع المرء مشاهدة الأطفال والمراهقين حتى هذا اليوم في كل مكان توجد فيه دبابة. ولكن "من باب الفضول والعلم بالشيء بعد الهالة الاعلامية للقوات الأميركية وقوتها". هذا ما قاله صلاح حسن 17عاماً ل"الحياة" اثناء جلوسه قرب إحدى نقاط التفتيش الاميركية في حي سكني. وأضاف: "نحن لا نرحب بوجودهم ولكننا بحاجة الى التطور والاحتكاك الحضاري بعد السبات الذي وضعنا فيه النظام المنحل". وفي احدى الجولات الاميركية في الأسواق واثناء تجمهر الأطفال قرب الجنود، استطاع أحد الأطفال استغلال غفلة أحد الجنود وسرقة مسدسه والاختفاء بلمح البصر من المكان. وبعد تطويق المنطقة والبحث المكثف، تمكن الجندي من استعادة سلاحه المسروق. وقال صفاء رياض 13 عاماً: "أنا لا أخاف الأميركيين، بل هم يخافون منا". وأضاف: "عند سماعهم دوي انفجار أو تعرضهم لاطلاق نار يطلقون النار بشكل عشوائي متعمد لاخافة المهاجم كي لا يكررها". أما ليث عبد العباس 15 عاماً، فضحك قائلاً: "نحن نستمتع بوجودنا قرب الأميركيين، ونضحك كثيراً لأنهم لا يفهمون لغتنا، فنستطيع بذلك شتمهم وهم يعتقدون اننا نستلطفهم". ولم تعد كلمات السباب والشتم التي يلقيها الأطفال تنطلي على الجنود الاميركيين لاختلاطهم الواسع خلال فترة الاحتلال ودور المترجمين الفاعل في توضيح استهزاء الأطفال بهم. ومن خلال هذا الاختلاط استطاع عدد من هؤلاء الجنود الاميركيين التقاط بعض الكلمات باللهجة العراقية العامية رغبة بكسب ود الاهالي، كما كان يفعل الحاكم المدني بول بريمر لدى إطلالته على شاشة التلفزيون بخطابه الاسبوعي الذي كان يبدأه ب"رمضان كريم" باللغة العربية.