استبعدت أوساط سياسية اسرائيلية ان تستجيب الدولة العبرية طلب نيوزيلندا الاعتذار منها على محاولة اثنين من عملاء جهاز الاستخبارات الخارجية الاسرائيلي موساد الحصول على جوازات سفر بالاحتيال، وإقرارها بمسؤوليتها عن محاولتهما، لقاء إلغاء تعليق العلاقات الديبلوماسية بين البلدين. وحكمت محكمة في أوكلاند، الخميس، بسجن الاسرائيليين يوري زوشيه كيلمان 30 سنة وايلي كارا 50 سنة ستة شهور بعد اعترافهما بالاتهامات الموجهة اليهما. وكانا يواجهان عقوبة بالسجن خمس سنوات حداً أقصى. وقالت رئيسة وزراء نيوزيلندا هيلين كلارك إن لا شك عندها في ان الاسرائيليين يعملان لجهاز "موساد"، وعلّقت العلاقات بين البلدين. وقال رويترز رئيس الوزراء الاسترالي جون هاوارد، أمس، انه ينظر في الوسيلة التي يمكنه فيها مساعدة اسرائيل ونيوزيلندا على تسوية المشكلة الديبلوماسية بينهما. وقال للإذاعة الاسترالية انه لا يريد التدخل في شؤون الدول الأخرى، لكنه أشار الى انه يتمتع بعلاقات جيدة مع هيلين كلارك ورئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون. ومن المقرر ان يزور الرئيس الاسرائيلي موشيه كاتساف استراليا الشهر المقبل، لكن كلارك قالت انها لن تسمح له بزيارتها، كما كان مقرراً من قبل. وقال وزير خارجية نيوزيلندا فيل غوف، في حديث لموقع صحيفة "هآرتس" على الانترنت، ان كل ما تطلبه بلاده من اسرائيل، لقاء اعادة العلاقات الى مجراها، الاعتذار والاعتراف بمسؤوليتها عن الحادث والحصول على توضيحات وتأكيدات بعدم تكراره تماماً، مثلما حصل حين اعتذرت للأردن بعد محاولة عملاء "موساد" اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل في عمّان عام 1998 واعتذارها لكندا لاستعمالها جوازات سفر كندية مزورة في تلك المحاولة الفاشلة. ورفض الوزير الادعاء بأن الهدف من الحصول بالاحتيال على جوازات سفر نيوزيلندية "محاربة الارهاب"، قائلاً ان من الجائز استعمال هذه الجوازات لتنفيذ عمليات اغتيال على أراضي دولة أخرى، ما من شأنه ان يسبب اضراراً لا تحتمل لنيوزيلندا. وتابع ان محاولة العميلين الحصول على جوازات سفر عن طريق الخداع ليست الأولى، وان اسرائيل استعملت في الماضي مثل هذه الجوازات المزورة. وعلى رغم تأكيده للصحيفة انه صديق لاسرائيل، فإنه شدد على ان محاولة الحصول على الجوازات "تشكل مساساً خطيراً بسيادة نيوزيلندا". وفيما دعا النائب الاسرائيلي اليساري يوسي سريد الحكومة الى تقديم الاعتذار لنيوزيلندا على أن تحقق لجنة الخارجية والأمن البرلمانية في القضية، قال رئيس هذه اللجنة النائب يوفال شطاينتس ان لا مفر من نشاطات من هذا النوع في دول كثيرة. وأضاف ان اسرائيل ملزمة بالنشاط الاستخباراتي في ارجاء العالم "لرصد ومنع تهديدات لوجودها"، وانها في ذلك لا تختلف عن دول كثيرة أخرى "فللضرورة أحكام". وحملت تعليقات الصحف العبرية على جهاز "موساد" بسبب "اخفاقه". وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن هذا الفشل ينضم إلى سلسلة من الحوادث التي قُبض فيها على عملاء "موساد" في أرجاء العالم. وتناولت باقتضاب عشرة منها بدءاً من العام 1963. وتكررت كلمة "اخفاق" و"فشل ذريع" في تعليقات كبار المعلقين في الشؤون العسكرية الذين تناولوا أساساً "الاستعلاء الإسرائيلي" والاستهتار بالعلاقات مع نيوزيلندا. وكتب يوس ملمان في "هآرتس" ان جهاز الاستخبارات الإسرائيلي لم يستوعب بعد انعكاسات أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001 كاملة. وقال إن هذه الأحداث تطلبت من إسرائيل انتشاراً أوسع لعملائها "لمواجهة سلم الأولويات الجديد، وتحديداً محاربة الإرهاب وجمع معلومات عن المشروع النووي الإيراني"، ما استدعى محاولة الحصول على "مخزون" في متناول اليد من جوازات السفر "التي تثير الثقة وتفتح الأبواب" أمام العملاء. لكن المعلّق رأى ان المشكلة تكمن في ان الدول لم تعد تتساهل اليوم مع عمليات تمس سيادتها وتهدد حرية تنقل مواطنيها. وتابع ان خطورة القضية تتعدى العلاقات مع نيوزيلندا، وهي عملياً تحمل رسالة تقول إنه حتى تحت لواء محاربة الإرهاب لن تغض أي دولة الطرف عن انتهاك حرمة أراضيها "هذا فضلاً عن ان الاخفاق قد يمس بالقدرات العملياتية لموساد ويسيء إلى سمعته في العالم". وفي ويلينغتون رويترز، تعرضت مقبرة يهودية للتدنيس بعد يوم واحد من إدانة العميلين المفترضين ل"موساد". وقال ناطق باسم المجلس البلدي في ويلينغتون ان صلباناً معقوفة وشعارات نازية غطّت 16 قبراً يهودياً في مقبرة تعود الى العام 1880.