سجن الاحتجاز الرقم واحد، المعروف في روسيا باسم "سكينة البحّار"، بات يضم بين جدرانه اثنين من أشهر رجالات عصر الانهيار في روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي، إذ استقبل أخيراً زعيم المافيا الروسية فيتشسلاف إيفانكوف الذي دوخ الأميركيين ودوخوه عندما قضى في سجونهم نحو عشر سنين، قبل أن يقرروا التخلص منه بتسليمه إلى الروس. وحل إيفانكوف أمس، ضيفاً في زنزانة مجاورة لأغنى أغنياء روسيا ميخائيل خودوركوفسكي الذي يعتبره كثيرون زعيماً من نوع آخر، خصوصاً بعدما حسمت النيابة العامة أمس الجدل في شأن التهم الموجهة إليه، وأعلنت أن أمبراطور النفط السابق متهم بقيادة عصابة نصب تخصصت في التزوير والاستيلاء بطرق احتيالية على عدد من أكبر الشركات الروسية خلال فوضى الخصخصة التي أعقبت انهيار الدولة العظمى. وقد تكون الصدفة وحدها وراء لقاء "الزعيمين" أول من أمس في باحة السجن، وهو لقاء لم يدم أكثر من لحظات قصيرة تبادل خلالها الرجلان نظرات التعارف، إذ كان عراب المافيا المعروف باسمه الحركي: "الياباني"، في طريقه نحو "مقر إقامته" الجديد حيث يحل في انتظار توجيه لائحة طويلة من التهم إليه، تنتظره منذ سنوات، ومن بينها اتهامات بجرائم قتل ونهب واعتداءات مختلفة. وفي غضون ذلك، كان خودوركوفسكي الذي تحول في سنوات قليلة إلى واحد من أغنى أغنياء العالم، يرافق حراسه إلى المحكمة حيث شارك في جلسة جديدة شكلت نقطة انعطاف في محاكمته، ففيها استمع إلى المدعي العام الروسي ديميتري شوخين وهو يتلو عرضاً مفصلاً بالجرائم التي تسعى أجهزة التحقيق إلى إثباتها. ومن بينها قيامه مع شريكه في مجموعة "يوكوس" النفطية بلاتون ليبيديف بتأسيس مجموعة عام 1994 "مارست الاحتيال والتلاعب للاستيلاء على أسهم عدد من كبريات الشركات الروسية، مستغلة حال الفوضى التي رافقت عمليات التخصيص". وأورد شوخين عدداً من الأمثلة التفصيلية على نشاط المجموعة من بينها اتهامها بالاستيلاء على 20في المئة من أسهم شركة "أباتيت" وهي واحدة من كبريات الشركات السوفياتية في ذلك الوقت، في عملية تزوير حولت قيمة الأسهم المباعة من بلايين الدولارات إلى قرابة 250 مليون دولار. واللافت أن مصرف "ميناتيب" الذي أسسته مجموعة خودوركوفسكي حينها لتغطية نشاطاتها تمكن من التملص من تسديد القيمة "الرمزية" للأسهم. ويبدو أن توجيه التهم المفصلة الذي تزامن مع بلوغ أزمة "يوكوس" ذروتها، يهدف إلى تسريع عملية محاكمة أمبراطور النفط بعدما احتجز على ذمة التحقيق قرابة عامين، ما يعني أنه قد يغادر "سكينة البحّار" قريباً، في حال توصلت المحكمة لإصدار قرارها بإرساله لقضاء فترة عقوبة في مكان آخر، تاركاً السجن الشهير للزعيم الجديد الذي وصل لتوه من وراء الأطلسي.