خيم الحزن والأسى على عدد من حاملي الأسهم في بورصة بغداد أمس عندما وجدوا انهم خسروا ثروات كبيرة بسبب سوء في التقدير، اذ باعوا أسهمهم في الجلسات الثلاث الماضية التي عقدتها البورصة بأسعار متدنية، ليفاجأوا أمس بأن بعضها ارتفع بنسب تصل الى 400 في المئة، في مؤشر على حيوية السوق المالية في بغداد منذ استئناف التداول قبل نحو اسبوعين. انهالت طلبات الشراء على أسهم بعض الشركات بشكل جعل بعض المستثمرين يشعرون وكأنهم يعيشون عالماً غير عالمهم. وندم بعض المستثمرين على التفريط بأسهمهم في جلستي الأسبوعين الماضين، اذ وجدوا أن أسعار بعض الأسهم التي باعوها ارتفعت بشكل يتجاوز ما كانوا يحلمون به، فعلى سبيل المثال ارتفع سهم"شركة بغداد للمشروبات الغازية"المنتجة لشراب البيبسي كولا بنسبة 400 في المئة، خلال فترة اسبوعين، أي منذ استئناف التداول في بورصة بغداد بعد توقف استمر نحو خمسة عشر شهراً. واحتار حاملو الأسهم في تفسير دلالات الارتفاعات، التي وصفوها بال"جنونية"للأسهم المتداولة في البورصة أمس. وأكدوا ان من تريث في البيع خلال الفترة الماضية استطاع ان يؤمن لنفسه مبالغ لم يكن يحلم بها طوال حياته. وقال مستثمر لديه أسهم في شركتي"الصناعات الكيمياوية"و"الهلال"انه باع اسهمه في جلسة أمس بمبالغ جعلت منه مستثمراً جديداً، على رغم ما راوده من تردد حول احتمال ان ترتفع الأسعار في الجلسة المقبلة الى أضعاف. واشار في هذا المجال الى ان سهم شركة"بيبسي كولا"تم بيعه ب40 ديناراً بعدما بيع الاسبوع الماضي ب12 ديناراً، وسهم"الكيمياوية"ب50 ديناراً بعدما بيع ب12 ديناراً، و"الخفيفة"ب35 ديناراً مقابل 15 ديناراً الاسبوع الماضي، و"الهلال"ب48 ديناراً مقابل 15 ديناراً للسهم الاسبوع الماضي. وارتفعت أسهم المصارف الخاصة بشكل خاص لم يكن يتوقعه المستثمرون في احلامهم وشهدت لوحة الاعلانات طلبات متوالية لشراء أسهمها جعلت حاملي الأسهم يتريثون الى حين انجلاء الأسباب الحقيقية وراء هذه الطفرة، التي شبهها البعض بثورة في عالم الاستثمار في سوق البورصة في العراق. ويتوقع مستثمرون متابعون لاسعار الأسهم ان ترتفع اسعار اسهم المصارف بشكل غير متوقع في ضوء التدفق المرتقب على صعيد الاستثمار العربي والأجنبي، والذي ستؤدي فيه المصارف العراقية دوراً مهماً على صعيد الاقراض أو نشاطات الصيرفة الاخرى. وتشير الارقام التي بيعت بها أسهم مصارف"الاستثمار"و"دار السلام"و"الإئتمان"و"بغداد"و"بابل"و"الوركاء"و"المتحد"و"الشرق الاوسط"والتي كانت أضعاف اسعارها السابقة الى احتمال ان يتبوأ الاستثمار في المصارف منزلة مهمة على مستوى النشاط الاقتصادي والتنموي في العراق. شركات الوساطة انتعشت آمال شركات الوساطة ومكاتبها المتخصصة في بيع الأسهم وشرائها والتي تكبدت خسائر كبيرة خلال فترة ال15 شهراً الماضية التي أعقبت اغلاق البورصة عقب سقوط النظام السابق، فيما ظلت تسدد فاتورة الايجار ورواتب العاملين فيها. وتسعى شركات ومكاتب الوساطة، التي يبلغ عددها 49 شركة ومكتباً وكلها تعمل في بغداد، إلى تكوين اتحاد أو رابطة ما بينها لتنسيق نشاطها وتنظيم عملها وتوحيد مواقفها ازاء المشاكل التي تواجه مسؤوليها ومندوبيها اثناء تعاملهم اليومي مع حاملي الأسهم، وكذلك مع ادارة سوق العراق للأوراق المالية. يذكر ان هذه الشركات والمكاتب، وبعضها يعمل ضمن المصارف الخاصة المساهمة، تتقاضى عمولة تبلغ واحد في الألف من مجموع مبلغ قيمة الأسهم المباعة والمشتراة، إلا ان عدداً من اصحاب هذه الشركات والمكاتب يسعون إلى تخفيض قيمة عمولة سوق العراق للأوراق المالية التي تتقاضاها منهم وتبلغ 20 في المئة من قيمة الواحد في الالف التي يتقاضاها الوسطاء من حاملي الأسهم. ويقول حمزة هلبون صاحب"شركة الوفاء للتوسط في بيع وشراء الأسهم":"إن 10 في المئة قد تكون النسبة المعقولة الواجب دفعها وهي تساعدنا في تحمل الكثير من الأعباء المالية والادارية". ويشير وليد المعمار وهو شريك في مكتب للوساطة إلى ان المرحلة الحالية التي تمر بها البورصة تتطلب وضع آلية جديدة للعلاقة بين شركات ومكاتب الوساطة وبين ادارة البورصة وتنظيم هذه العلاقة بشكل يخدم التوجه المشترك نحو ارساء قاعدة عمل قوية للبورصة يؤدي فيها المستثمرون دوراً فاعلاً عبر شركات ومكاتب الوساطة. وكانت النتائج الاولية للتداول في البورصة وحجم النشاط القوي رفع من قيمة شركات وكاتب الوساطة، وعزز ذلك العوائد المالية التي يمكن ان تجنيها جراء التداول الواسع في الاسهم والأرقام العالية التي بلغتها الاسعار.