قدمت الحكومة المصرية برئاسة الدكتور عاطف عبيد استقالتها إلى الرئيس حسني مبارك الذي كلف وزير الاتصالات الدكتور احمد محمد نظيف تشكيل الحكومة الجديدة. وترأس عبيد امس للمرة الأخيرة اجتماع حكومته. وهذه المرة الأولى في تاريخ الحكومات المصرية يعقد فيها مثل هذا الاجتماع يوم الجمعة، وهو العطلة الاسبوعية الرسمية في البلاد. وأفادت مصادر مطلعة أن الوزراء ابلغوا ظهراً بضرورة التوجه الى مقر مجلس الوزراء لحضور الاجتماع على عجل، ما عكس رغبة في انهاء عمل الحكومة ووضع حد للتكهنات والاشاعات عن التغيير. وخرج نظيف من الاجتماع بعد أقل من نصف ساعة وتوجه الى مقر رئاسة الجمهورية حيث كلفه مبارك تشكيل الحكومة الجديدة. وهو يبدأ اليوم مشاورات قد تستمر أياماً، على ان تعلن التشكيلة الوزارية، بعد عرضها على الرئيس، قبل نهاية الاسبوع الجاري. ونظيف أصغر الوزراء في حكومة عبيد سناً. فهو من مواليد العام 1952، وتخرج من كلية الهندسة في جامعة القاهرة العام 1973، وحصل على الماجستير في هندسة الكهرباء العام 1976 والدكتوراه في هندسة الكومبيوتر العام 1983. والتحق بالوزارة في تعديل وزاري اجراه عبيد على حكومته العام 2000. وكانت حكومة عبيد تضم وزراء تخطوا الثمانين من العمر مثل وزير العدل المستشار فاروق سيف النصر، كما أن عدداً كبيراً من حقائبها كان في حوزة "شيوخ" تجاوزوا السبعين. فمثّل اختيار أصغر وزير فيها لترؤس الحكومة الجديدة مفارقة ملفتة قد تكون متعمدة لتشير الى أن مبارك يعتزم اجراء تغييرات وتعديلات على السياسات وليس الاشخاص فقط. واعربت مصادر مطلعة عن اعتقادها بان الحكومة الجديدة ستضم وجوهاً جديدة "غير محروقة"، وانها في غالبيتها من أمانة السياسات في الحزب الوطني الحاكم التي يرأسها السيد جمال مبارك، ومن الذين يحملون افكاراً إصلاحية. وقالت ان بعض هؤلاء يحتلون حالياً مراتب متقدمة في صنع القرار من خلال توليهم ملفات اقتصادية ومالية مهمة تبلورت في المؤتمر السنوي للحزب الوطني الحاكم في أيلول سبتمبر الماضي. كما اضطلع بعضهم بوضع ملفات اخرى ستعرض على الرئيس حسني مبارك قبل اقرارها في المؤتمر المقبل للحزب. واوضحت المصادر ان شخصيات ستسند إليها حقائب وزارية ساهمت بالدفع في اتجاه الاصلاح السياسي في الشهور الاخيرة، من خلال الاجتماعات المتكررة التي عقدتها امانة السياسات في الحزب الحاكم. واعتبرت ان ما تسرب من مواقف، عبر مقالات وندوات ومؤتمرات خلال الفترة الاخيرة، يعبر عن اجندة الاصلاح التي تحظى بدعم من مبارك. واضافت أن التغيير الوزاري يهدف الى التعامل مع متغيرات دولية واقليمية ومحلية، خصوصاً أن على الحكومة، في الفترة المقبلة، تطبيق حزمة من الاجراءات الاصلاحية الاقتصادية تتضمن اصلاح النظام الضريبي والمحاسبي والمالي والتعجيل بعملية الاصلاح الاقتصادي والاسراع ببرنامج الخصخصة ودعم سياسات الاستثمار، وهي اجراءات لا بد منها لتتمكن مصر من الاستمرار في الحصول على القروض والمساعدات الخارجية. والى الاصلاح الاقتصادي، سيكون على الحكومة الجديدة تهيئة المناخ لطرح برنامج شامل للاصلاح السياسي، يتضمن مصالحة وطنية وتوسيع مجال المشاركة الحزبية، وتطوير قانون الاحزاب، اضافة الى الاصلاح الدستوري التي عبر مسؤولون في الدولة، بينهم رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف، عن اعتقادهم بإمكان الخوض فيها. ومعروف أن قوى المعارضة تصر على إجراء تعديلات في الدستور لتوسيع المشاركة السياسية وتغيير اسلوب اختيار رئيس الجمهورية ليكون بالانتخاب بدل الاستفتاء.