هدأ الحديث عن مستقبل الحكم في مصر بعد ما تأكد الجميع أن صحة الرئيس حسني مبارك طيبة للغاية، بعدما جاب الاسبوع الماضي العاصمة والمدن الجديدة حولها يفتتح مشاريع ويتفقد مباني ومصانع وطرقاً، مما بدد المخاوف التي سرت بداية الشهر الجاري حينما أصيب بوعكة أثناء إلقائه خطابه السنوي في بداية الدورة البرلمانية. لكن الحديث عاد مرة أخرى عن التغيير الوزاري المنتظر منذ مدة. فالانتقادات التي توجهها الصحف وحتى القومية منها المحسوبة على الحكومة لسياسات رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد عادت الى معدلاتها السابقة والرغبة في التغيير لم يبددها دفاع مبارك عن عبيد وتحميله الظروف الدولية والزيادة السكانية اسباب ارتفاع الاسعار في الداخل وموجات الغلاء المتتالية والازمات التي تواجه اقتصاد البلاد. صحيفة "الوفد" الناطقة باسم الحزب الليبرالي توقعت أن يشمل التغيير المقبل 15 وزيراً دفعة واحدة، ليكون اكبر تغيير وزاري في عهد مبارك. لكن دوائر سياسية رأت أن الأمر لن يصل الى هذا العدد. وأوضحت أن دفاع مبارك عن عبيد لا يعني عدم وجود نية لاجراء تغيير وزاري خصوصاً أن الرئيس لم يلمح ابداً من قبل الى نيته في تغيير الوزارة، وانما يأتي الأمر مفاجئاً للجميع. وتربط تلك الدوائر بين التغيير المقبل وبين الاصلاحات السياسية التي ينوي الحزب الوطني الحاكم الاقدام عليها في المرحلة المقبلة. وتوقعت ان يسفر الحوار الذي يجريه الحزب مع قوى المعارضة عن توافق على تغيير قوانين وسياسات ظلت المعارضة تشكو منها وترى انها تعيق التنمية الاقتصادية والسياسية في آن. ولا يستبعد بعضهم ان يأتي الحوار الوطني بنتائج طيبة على رغم شكاوى المعارضة وتقليلها من تأثيره على عملية الاصلاح السياسي. ومن غير المستبعد أن يعقب التغيير الوزاري تعديل بعض مواد القوانين التي تعيق ممارسة العمل السياسي والتي دعا رئيس لجنة السياسات في الحزب الوطني السيد جمال مبارك الى تغييرها، وهكذا فإن التغيير الوزاري قد يكون مقدمة لإصلاح سياسي واقتصادي تدفع كل الظروف في اتجاهه. وسيكون على الرئيس مبارك أن يحدد خلال العام المقبل ما اذا كان ينوي تمديد رئاسته للبلاد مدة أخرى أم لا. وفي كل الاحوال فإن العام الجديد لا بد أن تحسم فيه امور كثيرة في مصر سواء بالنسبة الى التغيير الوزاري أو رؤية مبارك لمستقبل البلاد. أما بالنسبة الى عبيد فإنه سيظل مادة يومية في الصحف التي لا تتوقف عن انتقاد سياساته، ومنذ عين رئيسا للحكومة في تشرين الاول اكتوبر 1999 وهو يتعرض لحملات صحافية عنيفة، بسبب اداء حكومته والاعباء التي يواجها المواطنون. وهو يعد واحداً من اقدم الوزراء في مصر، إذ عين وزيراً لشؤون مجلس الوزراء والدولة للتنمية الادارية في تموز يوليو 1984 واستمر في ذلك الموقع حتى 1987 عندما أُضيفت الى وزارته حقيبة البيئة، وفي 1993 اختير وزيراً لقطاع الاعمال العام وشؤون البيئة. وحل عبيد محل الدكتور كمال الجنزوري في رئاسة الحكومة، بدعوى الرغبة في الاستفادة من خبراته الاقتصادية والادارية في تحقيق الاصلاح.