عاد لبنان مسرحاً لتبادل الرسائل بالوسائل العسكرية في سياق الوضع الاقليمي المتأزم، فشهدت مزارع شبعا المحتلة تصعيداً جديداً أمس أدى الى اصابة جندي اسرائيلي، بعد ان كانت اسرائيل تعدّت في عملياتها العسكرية الجبهة الجنوبية ليل أول من أمس، فضربت على بعد 20 كيلومتراً من العاصمة بيروت، حينما قصفت طائراتها الحربية بلدة الناعمة بحجة استهداف موقع ل"الجبهة الشعبية - القيادة العامة". راجع ص8 وفيما جاء القصف الاسرائيلي اول من امس بحجة الرد على اطلاق اربعة صواريخ كاتيوشا بقيت مجهولة الهوية، انطلقت من الجنوب فسقطت ثلاثة منها داخل الاراضي اللبنانية والرابع في المياه الاقليمية الاسرائيلية قرب احدى السفن الحربية، اكدت المصادر الامنية اللبنانية ان هوية مطلقي هذه الصواريخ لم تتحدد، وأن القوى الأمنية لم تلق القبض على أي شخص، وأكد الناطق باسم "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" ان لا علم للجبهة بالعملية. لكن الجديد في دورة التصعيد هذه اعلان اسرائيل على لسان وزير الدفاع فيها زئيف بويم، صراحة ان قصفها الناعمة "رسالة واضحة للحكومة اللبنانية..."، وان "الغارة قرب بيروت العصب الاقتصادي للبنان، تعني انه يمكن ان يدفع غالياً ثمن مواصلة نشاطات ارهابية...". وأضاف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكنيست الاسرائيلية يوفال شتاينتس على ذلك قوله ان الغارة "رسالة تهديد للبنان وسورية". إلا أن المراقبين سجلوا ان اسرائيل التي كانت توعدت بالرد على اي عملية ضدها بقصف مواقع سورية او أراض سورية كما فعلت قبل اكثر من سنة حينما ضربت موقع عين الصاحب رداً على نشاط "حزب الله"، عادت لتطاول اهدافاً لبنانية، لكن بالعمق. وذكرت مصادر لبنانية انه لم يكن في استطاعة "حزب الله" الا ان يرد في مزارع شبعا، "حتى لا يعتقد الاسرائيليون انهم يستطيعون تغيير قواعد اللعبة"، خصوصاً انهم خرقوا الخط الازرق الذي رسمته الأممالمتحدة حين اغاروا على بلدة الناعمة، فيما يلتزم "حزب الله" حصر المواجهات بينه وبينهم في منطقة المزارع. وظلت هوية الجهة التي اطلقت صواريخ الكاتيوشا اول من امس مجهولة، ما اطلق العنان لتكهنات حول الهدف من وراء سقوط هذه الصواريخ، فهناك من اعتبر انها رد على محاكمة أمين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية مروان البرغوثي، وبالتالي فإن الجهة قد تكون فلسطينية، ورأى آخرون فيها نموذجاً عن الفوضى التي يمكن ان تحصل اذا تركت الأمور على غاربها في لبنان. أما من الجانب الاسرائيلي فقد كان تناقض الموقف الاسرائيلي في شكل يدل الى ان هدف غارة الناعمة غير ما هو معلن، اذ بررها وزير الدفاع شاؤول موفاز بالقول انها "تحذير اننا لن نسكت عن هجمات "حزب الله". وسأل بعض المراقبين: كيف ينفذ موفاز غارة على موقع ل"القيادة العامة" ويتحدث ليرد على هجمات حزب الله"، في وقت قالت الأولى ان لا علم لها بقصف صواريخ الكاتيوشا، ولم يكن "حزب الله" قد فتح جبهة المزارع التي شهدت القصف بعد ادلائه بتصريحه بساعات؟ ودعا مراقبون من اتجاهات عدة الى عدم استبعاد دور العلاقة الاميركية - السورية المتوترة في هذه المرحلة، كعامل من عوامل التصعيد الذي حصل، نظراً الى غلبة الألغاز على اسبابه الميدانية والواقعية. وكان لافتاً ان الأممالمتحدة دعت امس اسرائيل الى الكف عن خروقها للخط الأزرق، معتبرة الهجوم الجوي عملاً عسكرياً في عمق التراب اللبناني، فيما طالبت السلطة اللبنانية بفرض سيطرتها على ترابها.