تستأنف الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" في الاسبوع الاخير من الشهر الجاري الجولة النهائية لانجاز اتفاق سلام شامل، بعدما وقع النائب الاول للرئيس على عثمان طه وزعيم "الحركة" الدكتور جون قرنق أول من أمس، ستة بروتوكولات اتفق عليها سابقاً، وسط تفاؤل حذر بانهاء النزاعات المسلحة سلمياً في كل السودان، بما في ذلك غرب البلاد وشرقها والسيطرة على الميليشيات في الجنوب. اللجان الفنية المؤلفة من طرفي النزاع ستستأنف المفاوضات في 22 من الشهر في منتجع نايفاشا الكيني لمناقشة مسائل فنية واجرائية تعد الاسهل في ملف المفاوضات الشائك. وتشمل الجولة الضمانات الاقليمية والدولية لاتفاق السلام وفصل القوات العسكرية وخرائط إعادة انتشار قوات الطرفين الى مواقع جديدة واعداد جدول زمني لسحب الجيش الحكومي من الجنوب وسحب "الجيش الشعبي" من شرق السودان، وتشكيل القوات المشتركة التي يبلغ عديدها 39 الفاً، بينها 24 الفاً في الجنوب و12 الفاً في النيل الازرق وجبال النوبة وثلاثة آلاف في الخرطوم، اضافة الى قوات حفظ سلام دولية او مراقبين. علماً أن الخرطوم ترفض انتشار قوات دولية، لأنها تعتبر ذلك تدخلاً في الشؤون الداخلية وانتقاصاً للسيادة الوطنية، وتُفضل نشر مراقبين دوليين. كما سيتفاوض الطرفان على الجداول الزمنية لتنفيذ الاتفاق النهائي مع ملاحقه والفترة التي تسبق المرحلة الانتقالية، والتي تصل الى ستة اشهر قبل تأليف حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية التي اتفق الطرفان على مشاركة كل القوى السياسية فيها. ووستبحث الجولة ايضاً في الاتفاق الشامل والدائم لوقف النار. واعتبر مراقبون "اعلان نيروبي" عن المرحلة النهائية من سلام السودان الذي وقعه طه وقرنق السبت الماضي بمثابة برنامج شراكة للمرحلة الانتقالية بين الخرطوم وقرنق لتنفيذ اتفاق السلام وانهاء حرب الجنوب، خصوصاً بعدما اعلن الطرفان اطلاق المرحلة النهائية من عملية السلام واتفاقهما على تناسي مرارات الماضي. ويؤسس البرنامج لنظام حكم جديد اعتمد الديموقراطية قاعدة للحكم، واحترام حقوق الانسان وتأليف حكومة قومية، وتأسيس حكم لا مركزي يمنح الولايات سلطات واسعة بما في ذلك رفع علم خاص داخل كل ولاية. وتضمن الاتفاق - الاطار ستة بروتوكولات سابقة هي "اطار مشاكوس" في تموز يوليو 2002 ، و"اتفاق الترتيبات العسكرية" ايلول سبتمبر 2003، و"اتفاق قسمة الثروة" كانون الثاني يناير 2004، و"بروتوكولات قسمة السلطة ومستقبل النيل الازرق والنوبة وأبيي" ايار مايو 2004. وهدف الطرفان، بتوقيع الاطارات السابقة نفسها، إلى منح السلام زخماً اعلامياً كبيراً وقوة دفع جديدة واستجابة طلب المانحين تقديم وثيقة تعكس رغبة الطرفين في السلام. إذ كان توقيع طه وقرنق على وثيقة السبت الماضي، الأول منذ قيادتهما وفديهما في ايلول من العام الماضي، لتسويق الاتفاق في مؤتمر الدول الثماني في جورجيا الثلثاء المقبل لحشد الدعم الاقتصادي لاعادة البناء وتعمير ما دمرته اطول الحروب الافريقية عبر 20 عاماً من القتال المتواصل. وعلى رغم أجواء التفاؤل في تحقيق السلام، إلا أن نزاعات مثل دارفور وشرق السودان، ربما تنسف عملية السلام. واشارالطرفان الى حلهما باعتماد نموذج اتفاق النيل الازرق وجبال النوبة. لكن ماذا عن وضع قوات دارفور وقوات "التجمع الوطني" المعارض في الشرق، لدى تنفيذ خطة اعادة انتشار القوات، خصوصاً ان الطرفين لم يقدما حلاً سياسياً للنزاع في غرب السودان؟. الى ذلك، يرفض بعض السياسيين المعارضين تخصيص اتفاق قسمة السلطة نسبة 14 في المئة لكل القوى المعارضة بما فيها متمردي دارفور، ونسبة 20 في المئة من السلطة في الولايات الشمالية خلال الفترة الانتقالية. وفي هذا الاطار، اشار زعيم حزب الامة الصادق المهدي الى رفضه المشاركة في الحكومة الانتقالية واختياره المعارضة للحكومة الجديدة قبل تكوينها مع دعمه للسلام. كما شككت مصادر في المعارضة في استعداد الحكومة لتنفيذ الاتفاق وتتوقع التلكؤ في التنفيذ رغم اعلان الخرطوم ان ما تبقى من مسائل سيحسم خلال اسابيع ومن ثم توقيع الاتفاق النهائي في آب اغسطس المقبل.