"نحن نعاني بلادة في الانتاج. ولسنا في حاجة الى دعم مادي، بقدر ما نحتاج الى اهتمام في مجال الدراما"، قال الممثل السعودي عبدالله السدحان ل"الحياة"، بعد احتلال السعودية المركز الأخير في الجوائز الموزعة في مهرجان الخليج الثامن للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني. وعلى رغم أن بعضاً من دول الخليج بدأت هذا المجال بعد السعودية، فإنها تفوقت عليها. وحمل السدحان، بطل المسلسل السعودي الشهير "طاش ما طاش" وأحد منتجيه، وزارة الثقافة والإعلام والقناة السعودية الأولى المسؤولية. وردّ عبدالرحمن الهزاع، المدير بالنيابة للقناة الأولى، قائلاً: "نحن نقدم ما في وسعنا، وليس المطلوب منا الحصول على كل الجوائز". وكان المنتج والمخرج السعودي عامر الحمود، الذي أخرج مسلسلات كويتية أيضاً، حصل على الجائزة البرونزية عن مسلسل "نورا". كما حصل أيضاً على الجائزة الفضية عن تمثيلية "حالة خاصة" التي أنتجها خصيصاً للمشاركة في المهرجان. ولعل ذلك ما يؤكد اشارة البعض الى ان المخرج السعودي كفي. كما أن سبب تدني الدراما السعودية في رأيهم اعتماد شركات الانتاج على مخرجين غير سعوديين في الأعمال المعاصرة، إذ ان ذلك يؤدي الى غياب عمق الرؤية في نقل المشاهد الى حقيقة البيئة السعودية التي تختلف كثيراً عن الدول الأخرى. حلم... بعيد؟ على رغم المحاولات الكثيرة لخلق دراما سعودية على المستوى العربي، ظل هذا الحلم بعيد المنال. ومع تعثر محاولات كثيرة، انطلق الممثلون السعوديون يشقون طريقهم الفني بعيداً من أجواء التلفزيون السعودي ومسلسلاته التي لا تحقق لهم الشهرة المرجوة، خصوصاً في ظل زخم القنوات الفضائية. ولا يعد ظهور الممثل السعودي في مسلسلات عربية جديداً. ففي الثمانينات، الفترة التي كان فيها طغيان المسلسلات المصرية واضحاً في العالم العربي، اتجه ممثلون أمثال سعد خضر ومحمد بخش وبكر الشدي ومحمد العلي وخالد سامي وغيرهم الى تلك المسلسلات. وساعدهم في ذلك تطلع بعض المنتجين المصريين الى عرض مسلسلاتهم في التلفزيون السعودي. ولم تقتصر مشاركة أولئك على المسلسلات المصرية، بل تعدتها الى مسلسلات أردنية بدوية، في الوقت الذي كانت القناة السعودية الأولى تولي هذه النوعية من المسلسلات اهتماماً خاصاً. وفي هذا السياق، حاول الممثل والمنتج السعودي محمد حمزة قلب المعادلة، إذ عمد الى العمل على مسلسلات ضخمة مشتركة مع المصريين، ك"أصابع لزمن" و"ليلة هروب" وسواهما. ويعد مسلسل "ليلة هروب" من أروع ما قدمت الدراما السعودية بمشاركة ممثلين كبار من مصر وتونس والكويت: ابراهيم الصلال، زوزو نبيل، سناء جميل، فايزة كمال، سمية الألفي وآخرون، إضافة الى مجموعة من الممثلين السعوديين على رأسهم محمد بخش ومحمد حمزة وابناه لؤي ووائل. وقد صورت مشاهد المسلسل ما بين جدةوالرياض والاسكندرية وتونس. ومع بداية التسعينات، وتزامناً مع صحوة الدراما السورية والخليجية التي جاءت بقوة لتنافس الطغيان المصري، وساعدهما في ذلك ازدياد عدد القنوات الفضائية، ظهر دور الممثل السعودي في المسلسلات الخليجية واضحاً. ولم يكن ذلك على صعيد أدوار البطولة فقط عبدالمحسن النمر وإن كان هو صاحب المشاركات الأكثر، علي السبع، جعفر الغريب وسعيد قريش...، بل حتى على صعيد الأدوار المساندة والكومبارس أيضاً. ويبدو ذلك واضحاً في المسلسلات الكويتيةوالبحرينية والعمانية. ويرجع البعض سبب هذه المشاركات الى العلاقات التي تلعب دوراً رئيساً في توزيع الأدوار، اضافة الى "الشللية" الموجودة في الوسط الفني في تلك الدول، ما يستدعي استقدام ممثلين من دول أخرى. وبالطبع لا يمكن أحداً تجاهل السبب الرئيس الذي يلعبه المنتجون في تنويع جنسيات الممثلين حتى تحظى مسلسلاتهم بالعرض في المحطات الحكومية لدول أولئك الممثلين. إذ تشترط بعض التلفزيونات الحكومية في دول الخليج لعرض المسلسل وجود ممثل يحمل جنسية دولتها. جديد جديد الأدوار البدوية التي لعبها الفنان السعودي سعد خضر ليست هي الوحيدة التي جعلته يعلق في ذاكرة السعوديين. مسلسله "غريب" الذي أنتجه ولعب بطولته الى جانب ممثلين من مصر، يعد من أشهر ما قدم، على الأقل لدى أهل الجيل الحالي. اضافة الى مسلسلاته القديمة في أوائل الثمانينات والتي شاركه البطولة فيها الفنان اللبناني الراحل رشيد علامة. وبدأ سعد خضر تصوير مسلسله الجديد "الأرملة"، الأسبوع الفائت، ما بين الرياض والأردن. وهو من تأليفه وانتاجه أيضاً. ويتناول المسلسل قصة أرملة ترك لها زوجها إرثاً وأولاداً مراهقين. اضافة الى زوجة أخرى في السعودية، ما يولد خطوطاً درامية متشابكة هي المحرك الرئيس للمسلسل. ويشارك في البطولة فنانون من البحرينوالكويت وقطر بينما يلحظ مشاركة فناني مسرح سعوديين شباب أمثال مشعل المطيري، محمد التكروني، جلواح الجلواح وعبدالله الحسن. "عمارة الأسرار" مسلسل سعودي آخر، بدأ تصويره منذ شهر ونصف الشهر. خالد المسيند مدير شركة "جديرة للإنتاج الفني"، المنتجة ل"عمارة الأسرار"، يضع اللمسات الأخيرة على مسلسله. المسيند هو مهندس صفقات شركة "جديرة"، وقد حقق معها نجاحاً باهراً، خصوصاً في مسلسلي "طعم الأيام" و"دمعة عمر". يشارك في "عمارة الأسرار" من مصر: نشوى مصطفى، نورهان، عبير أحمد ومحمد رياض ومن الكويت: غانم الصالح وابراهيم الحربي. ومن الإمارات فاطمة الحوسني. ويخرج الأردني فيصل الزعبي مسلسل "الأرملة"، في حين أنيطت هذه المهمة الى المخرج المصري محمد النقلي في مسلسل "عمارة الأسرار". وقد تكون هي الصدفة المحض، التي جمعت مخرجي المسلسلين الشهيرين "أبو الطيب المتنبي" و"الحاج متولي" ليخرجا، كل على حدة، عملين سعوديين في الوقت نفسه. ترى، هل كان سبب اختيار الشركتين المعنيتين للمخرجين يعود الى نجاح أعمالهما، أم أنهما تسعيان الى خلق هالة اعلامية فقط؟ سعد خضر برر سبب اختياره الزعبي قائلاً: "لقد عملت معه، في مسلسل "المتنبي"، إذ لعبت دور كافور الإخشيدي وأعجبت كثيراً بطريقة اهتمامه بالممثل وعمله. اضافة الى ان الزعبي من مخرجي المدرسة الروسية. وهذا ما قد يثري شيئاً في التجربة السعودية. طرحت عليه فكرة العمل في مسلسل سعودي معاصر، ونحن في انتظار ما تثمر عنه التجربة". ما الذي سيختلف في هذين العملين عن الأعمال السعودية الفائتة؟ وهل سيثبت الزعبي والنقلي أن الدراما السعودية بحاجة الى مخرجين أكفياء؟ وفي حال فشلهما في تقديم ما يتطلع اليه المهتمون، هل سيلقي كل منهما اللوم على الممثلين، الكتّاب، المنتجين أم التلفزيون السعودي وشروط رقابته؟