أثارت تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون بشأن سعيه لوجود "امني" اردني في الضفة الغربية على غرار الدور المصري في قطاع غزة علامات تساؤل لدى الفلسطينيين حول الاهداف الحقيقية وراء خطته "فك الارتباط" التي رأى محللون انها تهدف الى العودة بعجلة التاريخ الى ما قبل حرب 1967 وشطب الدور الفلسطيني في المعادلة السياسية. وسادت حالة من الغضب والاستياء الشديدين اوساط اليمين الاسرائيلي ازاء تعهد شارون بتطبيق خطته القاضية بالانسحاب الكامل من قطاع غزة مع نهاية العام 2005 وحمل هذا بعض النواب على نعته ب "الخرف والجنون" متعهدين باسقاطه هو وافكاره، رغم اعرابه عن ثقته بتمرير خطته كاملة عند التصويت عليها في جلسة الحكومة الاسبوعية الاحد المقبل، متسلحا بموقف الادارة الاميركية الداعم له بهذا الشان. ألقى أرييل شارون "قنبلة" سياسية امام لجنة "الخارجية والامن" في البرلمان الاسرائيلي الكنيست يرى المراقبون ان تداعياتها ستخلف ارتجاجات على الصعيدين الفلسطيني والاسرائيلي على حد سواء، وان اختلفت المنطلقات. فقد أبلغ شارون اعضاء اللجنة البرلمانية الاسرائيلية ان خطة "الفصل" المؤلفة من اربع مراحل تشمل "وجودا اردنيا" في شمال الضفة الغربية حيث سيتم اخلاء اربع مستوطنات في اطار هذه الخطة. ونقل عن شارون قوله انه اجرى اتصالات مع الملك الاردني عبد الله الثاني في هذا الشأن، مشيرا الى ان هذا الدور سيكون مشابها لدور مصر في قطاع غزة. فلسطينيا، رأى الوزير قدورة فارس في تصريحات شارون محاولة منه "لتسويق افكاره على الصعيد الداخلي الاسرائيلي في ضوء الازمة التي يواجهها مع حزبه واليمين المتطرف لترك انطباع بان خطته تندرج تحت ترتيبات اقليمية مع دولتين ابرمتا معاهدتي سلام مستقرتين مع اسرائيل وليس مع الفلسطينيين الذين "لا يلتزمون تعهداتهم". واضاف الوزير في تصريح خاص ل"الحياة" ان "الاخوة في مصر والاردن ابلغونا انهم لن ينوبوا عن الفلسطينيين وان الفلسطينيين قادرون على ادارة شؤونهم وتنظيمها بأنفسهم". اما المحلل السياسي الفلسطيني علي الجرباوي فأكد ل"الحياة" ان تصريحات شارون "تنسجم ورؤيته لحل الصراع مع الفلسطينيين "بالانابة" مع طرفين عربيين هما مصر والاردن". وقال ان شارون يحاول ان يؤكد ان "الضامن الامني" لاسرائيل في قطاع غزة هو مصر، وفي الاماكن التي سينسحب منها في الضفة الاردن، "اي ان القضية الفلسطينية والتعامل معها اسرائيليا عادت لتصبح ب "الانابة بعد ان جاهد الفلسطينيون طويلا لضمان استقلال قرارهم وباتوا في احسن الاحوال شريكاً بالانابة ضعيفاً ايضا". وعلمت "الحياة" من مصادر مطلعة ان وفداً عسكرياً اردنياً برئاسة نائب رئيس اركان الجيش الاردني رافق ضباطاً اسرائيليين في جولة في منطقة غور الاردن من طوباس شمالا حتى منطقة "غاليا". ولم يعرف الهدف من هذه الجولة. غير ان مصادر رسمية استبعدت ان يستجيب الاردن لمساعي شارون بإشراكه في دور امني في الضفة الغربية. وكان وزير الخارجية الفلسطيني نبيل شعث اكد انه التقى نظيره الاردني مروان المعشر مطلع الاسبوع الجاري وجرى النقاش حول الخطة الامنية المصرية. واكدت مصادر فلسطينية ل "الحياة" ان المبادرة المصرية لا تتطرق الى اي دور اردني في تنفيذها". وكان شارون اكد اثناء مغادرته جلسة "لجنة الخارجية والامن" في الكنيست الاسرائيلي ان "الحكومة ستصادق على الخطة الاحد المقبل" الامر الذي قرأه المحللون على انه اشارة الى عزمه اقالة وزيرين على الاقل من حكومته من حزبي "مفدال" و "الاتحاد القومي" اليمينيين المتطرفين الرافضين للخطة لضمان غالبية مؤيدة من بين 24 وزيرا في ائتلافه الحكومي. ونقل عن شارون قوله "مع نهاية العام 2005، لن يوجد اي مستوطن يهودي في قطاع غزة". واعادت اذاعة الجيش الاسرائيلي صياغة اقوال شارون هذه بالقول انه في نهاية العام المقبل "سيتم الانتهاء من المصادقة على الخطة". وقال شارون مبتسماً في رده على سؤال حول مصير الرئيس الفلسطيني ان عرفات "يمضي اوقاتا طيبة في المقاطعة حيث هو، والخطط الاسرائيلية بشأنه لم تتغير". وبدا جوابه هذا رداً ايضاً على تقرير بثه التلفزيون الاسرائيلي اشار الى "تغير" في موقف شارون ازاء عرفات في اتجاه الموافقة على منحه حرية الحركة للتنقل بين القطاع والضفة. وتحدث شارون عن "الاضرار" التي ستلحق بالعلاقات الاسرائيلية - الاميركية اذا افشلت خطته مرة اخرى. ولاقت تصريحات شارون عن خطته ردود فعل صاخبة في اوساط النواب الاسرائيليين من اليمين واليسار على حد سواء. فقد نعته شاؤول يهيلوم من حزب "مفدال" بأنه "اصيب بحالة من الجنون والخرف". وتعهد النائب الليكودي يحييل حازان ب"فصل شارون عن كرسيه واستبدال شخص آخر به". ونقل عن رئيس الكنيست روفين ريفلين قوله تعليقا على الجدول الزمني الذي حدده شارون لتنفيذ الانسحاب من غزة انه شعر "وكأن شيئا يطبق على انفاسه بعد كل هذه السنوات التي مارسنا فيها حقنا في الاستيطان في غزة، وهذا شعور الكثيرين الذين سمعوه". ونسبت مصادر صحافية الى النائب ارييه الداد قوله "كنت اعرف ان شارون خائن للحركة الاستيطانية، ولكني لم اعرف انه ينوي التخلي عن يهودا والسامرة الضفة لوجود عربي". ودعا حزب شاس شارون الى "التفاوض مع الفلسطينيين بدل الهرب وفقا لخطة شارون". في غضون ذلك، كشفت مصادر فلسطينية ل "الحياة" ان مصر تصر على الحصول على رد فلسطيني "خطي" من الرئيس الفلسطيني ازاء خطتها المقترحة قبل منتصف الشهر الجاري. واشارت المصادر ذاتها الى ان الخطة تنص صراحة على ان "يكون رئيس الوزراء الفلسطيني في صدارة صنع القرار وليس في ذيله" في اشارة الى ضرورة تنازل الرئيس الفلسطيني عن صلاحيات سياسية وامنية حقيقية. ونفت المصادر ان تكون مصر "هددت" عرفات ولكنها اشارت في الوقت ذاته الى ان رسالة مصر السياسية هي انها "سترفع يدها بالكامل" اذا لم تتم الموافقة على خطتها". ورأى المحلل السياسي على الجرباوي ان الرئيس الفلسطيني "في وضع غاية في الصعوبة والتعقيد" موضحا انه يجاهد للحفاظ على بقائه. واوضح: "المطلوب من ابو عمار ان ينحّي نفسه بنفسه بطلب من الاخرين وان يتخذ خطوات من شأنها ان تؤدي الى استبعاده، وهذا امر لا يقبله احد ولن يقبله ابو عمار". وتردد في اروقة صنع القرار الفلسطيني امس اسم الطيب عبد الرحيم مدير مكتب الرئيس الفلسطيني كمرشح لتولي منصب وزير الداخلية الفلسطيني الجديد الذي يفترض ان يتولى كامل الصلاحيات الامنية والمسؤولية عن الاجهزة الامنية التي ستنضوي تحت ثلاثة عناوين رئيسة هي الامن الوطني والشرطة والمخابرات. واشار مراقبون الى "توتر" في العلاقات بين الرئيس عرفات ورئيس وزرائه احمد قريع أبو علاء عكسته قرارات اتخذها الرئيس "من دون علم" قريع وتتعلق بصلب صلاحيات مجلس الوزراء منها تعيين وكلاء للوزارات وتعيين وزير زراعة جديد اضافة الى رفع رواتب المعلمين الفلسطينيين.