بعدما كانت الاتهامات موجهة الى الشباب بأنهم لن يستطيعوا تحمل المسؤولية أثبت الشباب أنهم يستطيعون التميز والإبداع حتى فى الصحافة، مهنة البحث عن المتاعب. فالواقع قد أفرز فى مصر مجلتي "كلمتنا" بالعربية وTeen stuff بالانكليزية حيث يبلغ أكبر محرريها 24 عاماً فقط... بداية التجربة وتقويمها، تابعها معنا عبر سطور التحقيق الآتي: تقول الأستاذة نسرين عباس - رئيسة تحرير مجلة "كلمتنا" إن رئيسة مجلس الإدارة منال المهدي خريجة الجامعة الأميركية تخصص علم نفس وجدت أن لا مجلات تعبر عن سن المراهقة، فكل المجلات والمواضيع الشبابية موجهة الى الشباب ولكنها ليست منهم أو بأقلامهم. واقتنع بهذه الفكرة عادل ثابت شاب في احدى المدارس الألمانية ومن ثم خرجت للسوق الصحافي فى مصر مجلة Teen stuff بالانكليزية منذ ما يقرب من سبع سنوات ويتمثل جمهورها في الجامعات الخاصة ومدارس اللغات. ووجدنا بعد ثلاث سنوات من نجاح Teen stuff أن السوق يحتاج الى مجلة عربية تغطى مساحة أكبر وهي "كلمتنا"" ومنذ ثمانية أشهر صدرت النسخة العربية من Teen stuff و"كلمتنا" فى دبي لتغطي الخليج وسورية ولبنان" وهي الاصدار المصري نفسه بنسبة 80 في المئة في ما عدا الإعلانات" وهدفها واضح هو أن يعبر الشباب العربي كله عن نفسه. وأشارت نسرين إلى أن العمل تطوعياً فى المجلة. وكل من يريد المساهمة من الشباب له الفرصة وعندما يثبت نفسه يعين ويصبح من أسرة التحرير" وتعتمد المجلة في الأساس على مراسلات الشباب من داخل مصر وخارجها "ولا يوجد لدينا desk للتصحيح لأننا نريد أن يكتب الشباب ويعبروا عن أنفسهم بالطريقة التى يرضونها ولا نتدخل في الصياغة" إنما يقتصر تدخلنا على التصحيح اللغوي واختيار المواضيع الجيدة. وأخذنا الترخيص من شركة TPA اللندنية لأن قبرص، بعد اعطاء الكثير من التراخيص للصحف المصرية، أصرت على أن يكون الطبع لديها حتى تحصل على عملة صعبة ولكن ذلك مأساة ومكلف جداً. لذلك فالترخيص أسهل من لندن حتى نطبع داخل مصر. وتمويل المجلة يعتمد بالأساس على الإعلانات والتوزيع. وسياستنا التحريرية هى أن يتحدث الشباب إلى الشباب في أي موضوع طالما بعدنا عن ثلاثة أشياء: الدين، السياسة، الجنس. وعن سؤال يتعلق بقلة القيمة الثقافية في المجلة وتجاهلها للقضايا السياسية في وقت يحتاج فيه الشباب الى زيادة وعيهم فضلاً عن المادة التى تقدمها المجلة والتى ترتكز في معظمها على رسائل القراء وليس العمل الصحافي، أجابت نسرين قائلة: نحن يمكننا أن نعمل عرضاً لكتاب سياسي فى المجلة، أو نعطي معلومات ثقافية في شكل غير مباشر في بعض المواضيع ولكن التركيز على السياسة والثقافة وتقديم المادة الصحافية التقليدية متوافر فى مجلات أخرى، بينما المجلة خدماتية للشباب وتعبر عن القضايا الاجتماعية التي تشغلهم. فمثلاً موضوع الزواج العرفي سهل جداً أن يعبر الشاب لنظيره عن تجربته لأنه مثله وسوف يقدر ظروفه. ونفت نسرين أن يكون هناك طبقية فى المجلة أو أن تعبر عن الطبقة الراقية فقط لأن هناك رسائل تأتي من نجوع مصر. "وأرسل إلينا ذات مرة شاب فى السجن إذ لم يجد متنفساً يسمع من خلاله الناس صوته إلا "كلمتنا" ونحن يمكننا بفضل هذه الخطابات أن نصدر عددين أو ثلاثة من دون جهد أسرة التحرير. واختتمت قائلة: "ان العمل فى "كلمتنا" عادة ما يكون مرحلة انتقالية للعمل فى أماكن أخرى لأن الشاب لا يعمل بعد أن يبلغ الرابعة والعشرين بل يترك الفرصة لشاب غيره يعبر عن أبناء جيله، ولكن من عمل جيداً فى كلمتنا يجد فرصة أخرى مثل شريف جميل الذي يعمل الآن في قناة النيل الدولية وخالد شعلان في النيل للأخبار ويمتحن في الخارجية، وراوية راجح بمكتب دبي لوكالة الاسوشيتدبرس ونحن على علاقة جيدة جداً بهم حتى الآن". وتضيف نورا جلال احدى محررات "كلمتنا" وخريجة آداب قسم فلسفة "مسألة العمل حتى الرابعة والعشرين لا تقلقني لأنني لم أعمل فى الصحافة لأكتسب مالاً. فلو كنت أبحث عن المقابل المادي ما عملت بالصحافة أساساً". ويشير محمد عطية محرر آخر في "كلمتنا" وطالب هندسة إلى أنه يعمل تطوعاً لأنه يحب فريق العمل ويشعر بالانتماء إليه "مع أن أول مرتب فى عمله كمهندس سوف يغطي كل ما حصل عليه من الصحافة". ردود فعل القراء نالت التجربة استحساناً من بعض الشباب ونفوراً من آخرين. فمحمد علي 19 سنة ابدى اعجابه البالغ بكلمتنا لأن الذين يكتبونها شباب ولا يتجاهلون رسائل القراء إذ نُشرت له قصيدة من قبل، ويرى أنها تعبر عن كل الطبقات لأنه رأى موضوعاً سابقاً عن عمل الشباب وسعرها ليس مبالغاً فيه لأنها شهرية. ويرى أن Teen stuff جيدة ولغتها بسيطة وغير ركيكة وتعجبه فيها القصائد وعرض الأفلام. وتتفق معه زينب هشام 24 عاماً إذ تشعر أنها تخاطب الشباب وأن "كلمتنا" مواضيعها جيدة وذات طابع ترفيهي" ولكنها استدركت قائلة. عندما أحب قراءة المواضيع الجادة والأكثر تعمقاً فى مشاكل الشباب فإنني أقرأ مجلة "الشباب". أما باسمة علي 20 سنة فقد شنت هجوماً لاذعاً على المجلة قائلة: "المجلة ليست لها سياسة تحريرية واضحة" ومواضيعها تافهة جداً"، ولا تشتريها إلا فى حال أعجبها بوستر ما أو عرضاً للأفلام، "لكنها لا تعبر عن شباب الطبقات الكادحة ولكن فقط المستقرين سياسياً واقتصادياً". وتضيف مي أحمد 20 سنة أن مناقشتها للقضايا مستفزة جداً مثل الاختلاط في المدارس وتقتصر مواضيعها على الحب والعلاقات بين الجنسين، لذلك لم تشتر منها سوى ثلاثة أعداد فقط. وتختتم مي توفيق 21 سنة قائلة أنها كانت تتابع مجلة "شباب عشرين" وتراسلهم، ولكنها توقفت وصدرت في شكل جديد وهو "كلمتنا" ولكنها لم تجدها في الشكل نفسه فلم تستمر فى قراءتها. ويشير الكاتب الصحافي الأستاذ محمد عبد القدوس وأمين لجنة الحريات بنقابة الصحافيين الى أنه كان ينوي اصدار جريدة "المصري السياسي" بمشاركة أحد أصدقائه، ولكنه أغلق لأسباب مادية وكان سيستعين ببعض الشباب العاملين فى "كلمتنا". وأضاف: "فكرة مجلة كلمتنا جيدة جداً ولا بد من ترك الشباب حتى يأخذوا فرصتهم للتعبير عن أنفسهم وكفى بالدولة كبار السن، وهي موجهة للشباب في شكل خاص عكس الصحف القومية التى تتوجه الى قارئ واحد. وطبيعي جداً أن يأخذوا الترخيص من خارج مصر لأن البلد ليس فيها حرية صحافة فذلك هو الحل الوحيد. ولكنني أتمنى أن يزيد اهتمام هذه المجلات بالدين، لأن الشباب ما زال بعيداً من الدين. وليس بالضرورة اثارة النقاط الخلافية في تناول المواضيع، ولكن الأهم تقديم المواضيع الدينية التربوية".