"دار القهوة"، "البلاك هاوس"، "تايم كفي"، "الدكتور كييف"، "الليل"، "الهرم"، "إيفل"، "كان"، "كازنوفا"... تلك هي أسماء بعض المقاهي كافي شوب التي انتشرت خلال العشر سنوات المنصرمة، في مدينة الرياض. لا تخلو زاوية شارع رئيسي من مقهى، وتتواجد بكثرة داخل الأسواق والمراكز التجارية الضخمة. مقاه لا تشبه المقاهي التي يمكن أن يدخلها شخص في أي من الدول العربية، فهي مصممة لتشبه مقهى في باريس أو كان أو لندن أو نيويورك وسواها. الطبقة الاجتماعية تتميز بديكور باهظ التكاليف، إضاءة خافتة، ملونة أحياناً، وفي كل الأوقات تصدح موسيقى الروك والراب والجاز وأحياناً موسيقى رومنسية، ومن النادر أن تسمع أغنية عربية. اما العمال فيها، فغالبيتهم شبان من الفيليبين والمغرب. يمكن التعرف الى الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها المرتادون من سياراتهم، من السائقين الأجانب الذين ينتظرون النساء أو السيدات الصغيرات، كذلك من الملابس والعطورات والصرعات الجديدة في تسريحات الشعر وبنطالونات الجينز. تقدم هذه المقاهي مشروبات، لم يكن لها ذكر قبل عشر سنوات: نيرفانا، موكا، كابتشينو، شاي مغربي، سنوت، باورهورس، ريد بول... إلى ما لا يمكن حصره من المشروبات الساخنة والباردة، وجميعها بأسعار لا تقدر عليها شريحة واسعة من سكان الرياض. واحد من أسباب انتشارها، يعود إلى افتقاد الناس في هذه المدينة إلى البحر مثلاً، أو الطبيعة الخلابة. من اللافت داخل هذه المقاهي، تقاطر عدد كبير من الأشخاص في طابور طويل أمام "الكاشيير"، حيث تكثر الطلبات على المشروبات الحارة والباردة والوجبات الخفيفة والحلويات، من دون اعتبار للأسعار التي تختلف ايضا من مقهى إلى آخر، وفقا لنوعية الأصناف وجودتها ولموقع المكان، إضافة إلى اعتبارات أخرى خاصة بكل مقهى. ويمثل المقهى بالنسبة إلى الفتيات الفرصة في قضاء لحظات ممتعة وأحياناً نادرة، بعيداً من سطوة العائلة. تقول أمل الحامد: "قد يكون الفراغ هو الدافع لنأتي معظم الأحيان ونتنزه في مثل هذه الأمكنة". وأضافت: ان المقهى أفضل مكان للقاء الصديقات والتحدت معهن في أمور تهمنا". تغير في العادات صارت هذه المقاهي تمثل ظاهرة لافتة، ويبلغ عددها نحو 700 مقهى، لذا من الطبيعي أن يرتفع الإنفاق الفردي، فقد أكدت دراسات اقتصادية ان السعوديين والمقيمين ينفقون أكثر من 1500 مليون ريال في المقاهي سنوياً، في سوق يبلغ حجمها نحو خمسة مليارات ريال. في هذا الخصوص يقول رياض الصالح المدير الإداري لشركة "كان" التي تضم مقهى كان وغيره ان المقاهي والمطاعم هي المتنفس الوحيد للعائلات وللشباب على حد سواء، مشيراً إلى أهمية المقاهي لعدد كبير من الرجال في الفترة الصباحية، بعد توصيل أولادهم للمدارس أو زوجاتهم إلى أماكن عملهن، حيث يفضلون احتساء فنجان قهوة والجلوس في المقهى إلى أن تحين ساعة الذهاب إلى العمل. وأضاف ان فكرة المقاهي مستوردة من الخارج وبالتحديد من أميركا وأوروبا. ويرى عبدالله زياد مالك ومدير مقهى "دار القهوة" ان ازدهار عمل المقاهي في الآونة الأخيرة، سببه تغير في العادات والتقاليد. وقال: في الماضي كان الناس يستغربون وينفرون أحياناً من الدعوة إلى المقهى، أما الآن "وبسبب الاختلاط بين الشعوب من بلدان متعددة، انتقلت هذه العادات وتم الاختلاط بين الشعوب والحضارات وبخاصة العربية والغربية. والمجتمع السعودي هو جزء من الوطن العربي الذي تأثر ببعض المفاهيم الغربية من ضمنها الدعوة إلى المقاهي". ولفت إلى أن المقاهي "قد تكون أفضل الأماكن للقاء من أجل العمل، فضلاً عن أنها مكان مفضل للأصدقاء".