لم يجد ركنا "لقاء قرنة شهوان" النائب فارس سعيد وسمير فرنجية ومعهما عضو لقاء الحوار الإسلامي - المسيحي السابق الدكتور سعود المولى ومحمد حسين شمس الدين منبراً سوى نقابة الصحافة اللبنانية يتسلح بحصانة السلطة الرابعة، ويقبل باستضافتهم امس لإطلاق ولادة مشروع "إعلان بيروت"... وهو لقاء اسلامي - مسيحي شارك في صوغه عدد كبير من الشخصيات من مختلف المناطق والطوائف والشرائح في لبنان. ويأتي هذا الإعلان من مقر النقابة بعد إبداء احد الفنادق في بيروت اسفه لإلغاء الحجز في صالته الذي كان مقرراً الأحد لمناقشة "إعلان بيروت" وتوقيعه والتواصل والحوار في شأنه مع نحو ألفي شخصية فكرية وثقافية وقعوا عليه من مسلمين ومسيحيين اجتمعوا خارج الأطر السياسية المعروفة وتوصلوا في ما بينهم الى خلاصات وطنية على ضوء استخلاص دروس الحرب وما بعدها. وبعدما عرض النائب سعيد لملابسات ما حصل قال: "فوجئنا بعد اربعة ايام من إدارة الفندق التي اكدت لنا خطياً قبولها الحجز انها آسفة وتم إلغاؤه. وعند استفسارنا، قيل لنا ان الإلغاء اتى نتيجة ضغوط من احد الأجهزة الأمنية اللبنانية". وأكد سعيد ان هذا الإعلان ليس سياسياً. إنه إعلان تأسيسي يعيد الى اتفاق الطائف روحه الميثاقي وهو غير مرتبط بالاستحقاقات. ورأى ان "الوفاق ليس انقلاباً على وثيقة الوفاق الوطني ولا يمكن أحداً ان يمنعنا من توقيع الإعلان لا اجهزة امنية ولا من ينوب عنها". وسأل: "لماذا هذا المنع؟ هل لأنه يؤكد وحدة اللبنانيين ولاقى تجاوباً من كل المناطق اللبنانية؟ وهل لأن هذا الإعلان لم يتوسل حماية لا من الشام ولا من واشنطن؟". وقال: "لن نتراجع عن هذا الإعلان فإنه إعلان غير قابل للمنع"، مؤكداً ان "إعلان بيروت هو مدخل لإعادة احياء ميثاقنا الوطني وإعلان قيد الإنجاز الدائم وسنلتقي قريباً جداً لتوقيعه". وقال انه سيتصل بكل المسؤولين في السلطة لتحميلهم المسؤولية عما حصل ودعوتهم لاتخاذ التدابير بحق الفاعلين. مشدداً على ان هذا المشروع هو "مشروع لبناني هدفه الإسهام في تكوين خطاب لبناني مشترك" وأيدت النائب نايلة معوض "الإعلان"، واصفة اياه بالجريء وانتقدت بشدة "منع الأجهزة عقد اللقاء"، وقالت: "إنه تصرف معيب من الدولة التي اكدت مرة جديدة قمع الحريات وخرق الدستور وتعد على نائب منتخب من الشعب"، واستغربت "استمرار ثقافة القمع التي تغذيها السلطة حيال اي قضية وطنية ومنع التواصل بين اللبنانيين". ورفضت ان يبقى لبنان "ساحة قمع" وقالت: "نريد لبنان العيش المشترك والحريات، لبنان المتماسك، لا لبنان الممسوك والساكت ولبنان الفوضى". واستغرب سمير فرنجية منع اللقاء وسأل: "هل يشكل خطراً على امن الدولة. إن هذا الإعلان يهدف الى تقوية المناعة اللبنانية ولا نعتقد ان احداً في لبنان باستثناء اهل السلطة يمكن ان يختلف معنا حيال طروحات إعلان بيروت". وقال المولى إن "الإعلان يشكل خلاصة ما توصلنا إليه من مناقشات منذ العام 1992"، داعياً الجميع الى تعميم هذا الإعلان القابل للنقاش والتعديل. وقال شمس الدين: "إن اعلان بيروت الذي رأوا فيه بضاعة ممنوعة نرى فيه خير حياة للجميع". وتلي خلال المؤتمر الذي حضره نواب وهيئات سياسية وثقافية واجتماعية تلخيص للنقاط الأساسية في إعلان بيروت وفيه: "نحن اللبنانيين الموقعين عليه نريد التغيير السلمي الديموقراطي لطي صفحة الحرب معولين على تفاهم اللبنانيين، لا على الخارج، ولبنان المعافى لديه ما يقدمه لمصالحة المجتمعات العربية مع التراث". ويشير الإعلان الى ان "التطبيق الاستنسابي لوثيقة الوفاق الوطني والدستور أنتج سلطة غير ميثاقية جعلت لبنان بلداً معلقاً بين حرب انتهت وسلم لم يكتمل وباتت تشكل خطراً على مستقبل لبنان". ونص الإعلان على "اننا جزء من تضامن لبناني - سوري في وجه التهديد الإسرائيلي وجزء من تضامن عربي يفتش عن توازن في عالم متغير". ويخاطب الإعلان "الأشقاء السوريين" قائلاً: "إننا نريد التضامن معكم الى اقصى الحدود ولسنا اداة ضغط خارجية على سورية، غير اننا لا نستطيع ذلك اذا لم نمارس حقنا في إدارة شؤوننا بأنفسنا وفي إنتاج سلطتنا المعبرة عن إرادتنا. وهذا الأمر يحتاج الى تسوية تاريخية بين البلدين تقوم على تطبيق الطائف وانسحاب الجيش السوري فتضع حداً لكل المخاوف والهواجس، إذ ان سيادتنا واستقلالنا شرط ضروري لسلامة ميثاقنا الوطني". ويعتبر الإعلان ان القضية الفلسطينية لم تعد مسألة خلافية بين اللبنانيين بعد انتقال مركز النضال الى داخل فلسطين وبعد الإعلان عن عدم وجود مشروع سياسي او امني في لبنان او عبره، رافضاً الاستغلال السياسي الذي يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، وداعياً الى بسط سيادة الدولة على المخيمات. ويخاطب الإعلان ايضاً "الأشقاء العرب" بالقول: "إن التناقض المفتعل بين عروبتنا ولبنانيتنا اصبح خلف ظهورنا، فنحن عرب بامتياز ولبنانيون بامتياز لن نتخلى عن خصوصيتنا التي هي إثراء لعروبتنا". ويخلص الى ان استقرار العالم يتوقف على قيام حل عادل للصراع العربي - الإسرائيلي والأخذ بمبادرة السلام العربية التي اقرتها القمة العربية في بيروت". وبين المدعوين الى التوقيع على هذا الإعلان قريباً اشخاص شاركوا في الحرب وشبان وشابات لم يعرفوها.