تعكف الحكومة الأردنية، بالتعاون مع القطاع الخاص، على بلورة آلية عمل لتطبيق استراتيجية سياحية وطنية في مسعى الى مضاعفة الدخل المتأتي من هذا القطاع الحيوي ليبلغ 1،3 مليار دينار بحلول العام 2010، في بلد تعد السياحة إحدى الركائز الأساسية لاقتصاده الوطني كونها تشكل 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وقال مدير عام هيئة تنشيط السياحة مروان خوري إن القطاع الخاص ووزارة السياحة "بصدد إنهاء خطة عمل لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية التي أعلن عنها الشهر الماضي في المنتدى الاقتصادي العالمي" الذي استضافه الأردن على شاطئ البحر الميت. وأضاف خوري: "نرغب في أن تلبي الاستراتيجية اهدافنا في كل محاورها لأنها شاملة بعكس استراتيجيات ومبادرات سابقة لم تتحقق بسبب تعاقب الحكومات ما أدى الى التأخير في تنفيذها أو حتى تجميدها". وتشكل هذه الاستراتيجية رؤيا مشتركة بين القطاعين العام والخاص، وتتضمن رفع مساهمة الحكومة في عملية الترويج السياحي من 5 ملايين دينار سنوياً إلى 12 مليوناً، وتطوير المنتج السياحي ليتلاءم مع احتياجات الزائر، وتدريب العاملين في هذا القطاع، وتطوير التشريعات بما يفتح الباب أمام القطاع الخاص لإدارة مواقع سياحية عامة. في المقابل، سيساهم القطاع الخاص بحوالي 3 ملايين دينار، أو 25 في المئة من حصة الحكومة الترويجية لتسويق الأردن عالمياً. واعتبر خوري أن الحكومة والقطاع الخاص يعلقان الأمل على نجاح هذه الاستراتيجية في إسناد قطاع السياحة الذي انخفضت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 11 إلى 8 في المئة خلال السنوات الثلاث الماضية، وذلك على خلفية زلزال الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، وغزو العراق، والأحداث الدامية في الأراضي الفلسطينية. وقال: "إن الاستراتيجية طموحة لان الظروف التي تشهدها المنطقة لا تزال صعبة، لكن في الوقت عينه جاءت أرقام السياحة الوافدة خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام مشجعة خصوصاً من السوق الأوروبية". وتشير إحصاءات وزارة السياحة الى أن عدد السياح الكلي وصل حتى نهاية شهر ابريل نيسان إلى 469.759 اي بزيادة قدرها 43.3 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها عن العام الماضي. وكانت حصة السوق الاوروبية 18 في المئة من السياحة الوافدة خلال الربع الأول من هذا العام . وتعد هذه السوق التقليدية من أهم مصادر الدخل السياحي للأردن وكانت تشكل أكثر من 50 في المئة من حصة السوق قبل أربع سنوات. غير أن الاضطرابات الأخيرة وما رافقها من عدم استقرار في المنطقة شكلت تحديات كبيرة في المحافظة على جذب السياح من هذه السوق الواعدة. وشدد خوري على ضرورة إيجاد وحدة في وزارة السياحة معنية بمتابعة وتقييم الاستراتيجية خلال السنوات الست القادمة حتى ترفع من معدل نسبة صرف السائح في الاردن، والتي تقدر حالياً ب 485 دولاراً خلال الرحلة السياحية وهي أقل من المعدل العالمي الذي يناهز 670 دولاراً. ومن خلال هذه الاستراتيجية، يحاول الاردن ابراز مزايا قطاع السياحة وتنوع نقاط جذبه البيئية والثقافية والصحية، وسياحة المؤتمرات، والسياحة الدينية في بلد يزخر بالآف المواقع الأثرية. ولا يزال قطاع السياحة يعاني من خلّل في المعادلة في ظل عرض متنامٍ وانحسار الطلب مع صعوبة في الحفاظ على حجوزات الفنادق التي تتذبذب صعوداً وهبوطاً بحسب تداعيات الأحداث السياسية الساخنة في المنطقة. وعلى رغم ان السياحة العربية شكلت قفزة مهمة وباتت أكثر من 70 في المئة من حصة السوق، فقد أوضح خوري ان قطاع السياحة يريد أن يتأقلم ويتجاوز الأزمات في المنطقة من خلال المحافظة على وجوده في الأسواق التقليدية واستقطاب سياح من روسيا وطرق أبواب الصين التي اعتمدت الأردن مقصداً سياحياً لرعاياها في أواخر العام الماضي.