قال السيد عقل بلتاجي، ويزر السياحة والآثار الأردني، ان السنة الجارية سنة السياحة الخليجية التي حققت معدلات نمو لم تشهدها المملكة من قبل. وتوقع في حديث أجرته معه "الحياة" ان يستمر زخم السياحة الخليجية في ضوء التسهيلات السياحية التي تتطور في شكل كبير في الأردن. وأوضح بلتاجي ان معدلات الزيادة في أعداد السياح خلال السنوات الماضية بلغ نحو 10 في المئة، في حين ان معدل النمو العالمي كان 4 في المئة فقط، مشيراً الى ان السياحة تسهم بما نسبته 10 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، وان هذه النسبة في طريقها لأن تصبح 13 في المئة. وقال الوزير ان اسرائيل تستفيد من المواقع السياحية الأردنية غير انه ذكر ان اسواق السياحة والسفر مفتوحة، وامكان استقطاب السياحة العالمية يعتمد على قدرات الأردن على تجهيز وصيانة مواقعه السياحية. ونفى الوزير ان تكون اسرائيل الرابح الأكبر من الاحتفالات بحلول الألفية الثالثة لميلاد السيد المسيح بعد نحو عام قائلاً ان المنطقة كلها سوف تستفيد من هذه المناسبة، وهنا نص الحديث: تعتبر السياحة أكثر قطاعات الاقتصاد العالمي تطوراً في العقود الأخيرة، فماذا عن هذه الصناعة في الأردن، هل ترون أنها واكبت التطور العالمي؟ - واكبت السياحة الأردنية التطور السريع الذي شهدته هذه الصناعة على المستوى الدولي والتي استطاعت السنة الماضية تسجيل رقم زاد على 615 مليون سائح وأدى ذلك الى تحقيق ايرادات من الأنشطة السياحية وصلت الى نحو 4 تريليون دولار، وحققت السايحة الأردنية ازدهاراً كبيراً في اعقاب توقيع معاهدة السلام الأردنية - الاسرائيلية فزادت أعداد السياح على 1.2 مليون سائح نصفهم من البلدان الأوروبية والاميركية والنصف الآخر من السياحة الاقليمية وخاصة السياحة الخليجية. وكانت معدلات الزيادة في اعداد السياح خلال السنوات الماضية نحو 10 في المئة سنوياً في الوقت الذي كان فيه معدل النمو العالمي 4 في المئة فقط، وهذا يعني ان السياحة الأردنية حققت تطوراً كبيراً زاد على ضعف المعدل السياحي والعالمي، ومع ذلك فإننا ندرك جيداً على رغم التطورات السريعة، ان حصة الأردن من سوق السياحة العالمية ما زالت محدودة جداً ولا تتناسب مع الامكانات والموارد السياحية الضخمة التي تتمتع بها المملكة. ولهذا فإن توجهات الدولة وسياسات واستراتيجية وزارة السياحة تتجه نحو تطوير التجهيزات لجذب السياح الى المملكة. أين تضعون السياحة من باقي القطاعات الاقتصادية في المملكة وكم تبلغ مساهمتها في اجمالي الناتج المحلي؟ - تحتل السياحة في الوقت الحاضر، وفق معيار اجمالي الدخل المتحقق من الأنشطة الاقتصادية المرتبة الثالثة بعد تحويلات العاملين من الخارج والصادرات الأردنية، اذ بلغت ايرادات القطاع السياحي في السنة الماضية نحو 550 مليون دينار أردني وهذا يعادل نحو 10 في المئة من اجمالي الناتج الاجمالي، أي ما يشكل نحو 42 في المئة من اجمالي الصادرات الاردنية الى الخارج، ومن المتوقع ان تزداد نسبة مساهمة السياحة في اجمالي الناتج المحلي الى 13 في المئة في ضوء النهضة السياحية التي تشهدها المملكة ومع اقتراب احتفالات الألفية الثالثة. اسرائيل والسياحة الأردنية بعد معاهدة السلام الأردنية - الاسرائيلية التي وقعت في العام 1994 شهد قطاع السياحة ازدهاراً استمر طوال عام 1995 مما أدى الى توقعات كبيرة للمستقبل. غير ان الاعوام التي تلت لم تكن على تلك الدرجة من الازدهار. هل تعتقدون ان عدم الاستقرار السياسي هو السبب؟ - كما ذكرت لك ما زال القطاع السياحي الأردني يعيش ازدهاراً كبيراً، وبخاصة قطاع الفنادق والاستثمارات السياحية، فقد زادت اعداد الفنادق منذ توقيع اتفاقية السلام بنحو 70 فندقاً، وتم اضافة نحو 4000 غرفة بمعدل 10 في المئة سنوياً، كما زادت الاستثمارات نحو الفنادق بشكل كبير واذ وصل اجمالي تراكم الاستثمارات الى 400 مليون دينار أردني وبزيادة سنوية تجاوزت 60 في المئة وتعتبر هذه الارقام والزيادات قياسية بكل المعايير مع الأخذ في الاعتبار ان هذه التغيرات السياحية السريعة تمت على رغم اجواء عدم الاستقرار في المنطقة، وهذا مؤشر صحي جداً لمستقبل السياحة الأردنية التي ستشهد مزيداً من الطفرات في حال عودة الاستقرار السياسي الى منطقتنا، مما سيعزز من جاذبيتها ويزيد من قدرتها على استقطاب المزيد من الافواج السياحية من الاسواق العالمية. توجد في الأردن أعداد كبيرة من المواقع السياحية والأثرية النادرة هل تعتقدون انه قد تمت الاستفادة المثلى من هذه المواقع؟ - تزخر المملكة بالمواقع السياحية والأثرية، التي تتمتع بمميزات فريدة ونادرة، ويقول خبراء السياحة الدوليون ان الأردن بحكم مواقعه الأثرية متحف مفتوح، واستطاعت دائرة الآثار العامة تسجيل وتوقيع اكثر من عشرين ألف موقع أثري تشكل ثروة للمخزون الأثري السياحي الأردني وهذا يضع برامج تطوير هذا العدد الكبير من المواقع أمام تحديات كبيرة تفرض علينا التعامل مع تطويرها وتجهيزها وفق سلم أولويات وطنية. ويؤخذ في الحسبان الأهمية الأثرية والسياحية لهذه المواقع من ناحية، وضرورة ان تتم عملية التنمية السياحية في المملكة في اطار التوازن الجغرافي بما يحقق توزيعاً "عادلاً" لمكتسبات التنمية السياحية وبحيث تنعكس آثارها الايجابية على المجتمعات المحلية والسكان في المملكة، وتعتمد المملكة أيضاً سياسة تقوم على تحقيق تنمية سياحية دائمة وفق أعلى المواصفات والمعايير العالمية في اطار المحافظة على الخصائص البيئية الأردنية. السياحة الخليجية شهد الصيف الماضي عودة السياحة الخليجية الى الأردن، لكن ذلك كان على حساب السياحة الأوروبية والاميركية، وفي العام 1995 ازدهرت السياحة الأوروبية والاميركية في وقت انحسرت فيه السياحة الخليجية. كيف تنظرون الى هذه المفارقة؟ - كان العام السياحي الحالي خاصة خلال أشهر الصيف عام السياحة الخليجية التي حققت معدلات نمو قياسية لم تشهدها المملكة من قبل، اذ وصلت الزيادة في السياحة الخليجية الى 36 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وعوضت هذه السياحة التراجع الذي واجهته المملكة في السياحة العالمية لا سيما من الدول الأوروبية والاميركية. والحقيقة انه لا توجد مفارقات فيما يحدث من تطور سياحي، وانما يعكس هذا التفاوت بين السياحة العالمية والسياحية الخليجية صورتين مرتبطتين بواقع الاستقرار في المنطقة، فالدول الخليجية وبحكم قربها ومعرفتها بالاستقرار السياحي في الأردن وجدت في المملكة خدمات جديدة متميزة، بينما تعاني صورة السياحة الأردنية في الاسواق الأوروبية والاميركية من الضبابية نتيجة الخلط الجغرافي بين الاحداث التي تقع في منطقة الشرق الأوسط وخصوصية الموقع الجغرافي الأردني باعتباره قلب المنطقة العربية السياحية الرئيسية، ونظراً للتداخل والقرب الجغرافي بين الأردن ومناطق التوتر. ما هي توقعاتكم للسياحة الخليجية في المستقبل وهل تبنون عليها آمالاً كبيرة؟ - من المتوقع ان يستمر زخم السياحة الخليجية الى الأردن، خصوصاً ان الخدمات والتسهيلات السياحية في المملكة تتطور بشكل سريع، وتتميز المملكة في شكل عام بسهولة الدخول والخروج عبر موانئها الجوية والبحرية، وبالمعاملة المثلى التي يتمتع بها الزوار، والتي تعكس الضيافة المتميزة للشعب الأردني، بالاضافة الى الأمن وسيادة القانون والحريات والتسامح والتعددية وأجواء الديموقراطية التي تخلق أجواء مريحة للسياح والزوار، كما استطاعت السياحة الأردنية توفير خدمات الشقق الفندقية التي يقبل عليها السياح الخليجيون بسبب العادات والتقاليد المحافظة للاخوة الخليجيين، كما ان هناك مزيداً من الاستثمارات الخليجية التي تتدفق الى الأردن في مجالات المرافق والخدمات السياحية مما سيعزز من استقطاب المزيد من الزوار الخليجيين الى المملكة. قيل كلام كثير عن استفادة اسرائيل من المواقع السياحية الأردنية، خصوصاً البتراء، وذلك على حساب الأردن. الى أي مدى يصح هذا الكلام، وهل من امكان لاستئثار الأردن بمواقعه ومعالمه السياحية دون الآخرين؟ - القول ان اسرائيل تستفيد من المواقع السياحية الأردنية كلام غير صحيح، فالمواقع السياحية الأردنية ملك للاردن، ولكن أسواق السياحة والسفر مفتوحة، ويستطيع السياح التحرك بحرية كاملة بين جميع الدول والمواقع حسب رغباتهم واهتماماتهم، وكل سائح أو زائر يدخل الأردن مرحباً به من أي جهة كانت، فذلك يسهم في الايرادات السياحية التي يسعى الأردن الى تعظيمها. ويعتمد طول المدة التي يقضيها السائح في المملكة على نوعية البرامج التي يجري ترتيبها للأفواج السياحية، فهناك ترتيبات برامج سياحية تشمل أكثر من دولة، كما هو الحال في الزيارات التي تتم الى سورية ولبنان واسرائيل والأردن ومصر وأراضي السلطة الفسطينية وفق منظور السياحة الاقليمية. السياحة الاسرائيلية والسياح الاسرائيليون كانوا مثار انتقادات عدة، خصوصاً الفئات المتدينة منهم الذين قيل أنهم يأتون معهم بطعامهم وشرابهم، فضلاً عما يشاع عن مزاعمهم بملكية بعض المواقع الدينية، ما مدى صحة ذلك وهل يتم بحث هذه الأمور مع المسؤولين الاسرائيليين؟ - الأردن دولة ذات سيادة وكل السياح بغض النظر عن جنسياتهم يخضعون لقوانين وتعليمات الحكومة الأردنية وهو ما ينطبق على السياح الاسرائيليين، أما في ما يتعلق بنوعية الأطعمة والشراب الذي يفضله السياح فإن القطاع الخاص السياحي في المملكة يستطيع توفير جميع أنواع الطعام والشراب لجميع السياح، والأردن يزخر في الوقت الحاضر بالمطاعم التي تقدم الوجبات العالمية بأشكالها وأنواعها المختلفة. بعد نحو عام تحل الذكرى الألفية الثانية لميلاد السيد المسيح. ماذا أعد الأردن لهذه المناسبة؟ وما هي توقعاتكم في شأنها في ضوء ما يقال من ان اسرائيل ستكون الرابح الأكبر منها؟ - بغض النظر عما يقال، ستستفيد المنطقة من مناسبات احتفالات العالم بحلول الألفية الثالثة لميلاد السيد المسيح، والأردن كغيره من دول المنطقة يسعى الى تعظيم استفادته من هذه المناسبة ولا استطيع أن أفهم المقصود بكلامك ان اسرائيل ستكون الكاسب الأكبر، فمصر مثلاً تستقطب أعداداً من السياح ضعف ما تستقطبه اسرائيل، واعتقد ان الأردن يمتلك المقومات التي تؤهله لتحقيق أكبر استفادة من هذه المناسبة التي ستستمر احتفالاتها سنوات عدة، لا سيما مع تسارع برامجه ومشاريعه لتوفير البنية التحتية الاساسية لخدماته السياحية، وكذلك الجهود الكبيرة التي يبذلها القطاع الخاص لتوفير المرافق والخدمات من فنادق ومطاعم وخدمات التسوق وعلى الخدمات المساندة الأساسية التي توفر الراحة والمتعة للسائح. يذكر ان السلطة الوطنية الفلسطينية تعمل للاستفادة من هذه المناسبة المهمة هل هناك تنسيق بينكم وبين الأشقاء الفلسطينيين في هذا الشأن؟ - هناك تنسيق دائم بيننا وبين الاخوة الفلسطينيين ليس في مجال السياحة فحسب، وانما على جميع الأصعدة ونقوم بالتنسيق مع الاخوة الفلسطينيين في جميع المناسبات لزيادة المنافع المتبادلة في مجالات الخدمات وحركة السياحة. وهناك بيننا وبين الاخوة الفلسطينيين اتفاقات وبروتوكولات ولجان تعمل في شكل دائم لتحقيق التعاون والتنسيق والتكامل فيما بيننا. وبما ينعكس ايجابياً على واقع ومستقبل السياحة. والحقيقة ان الانفراجات السلمية التي تتحقق في المنطقة تعطي الاخوة الفلسطينيين فرصاً كبيرة من خلال التنسيق معنا للاستفادة من الزخم المتوقع في حركة السياحة العالمية نحو منطقتنا، خصوصاً ان بيت لحم مهد السيد المسيح والأردن أرض الموقع الذي تعمد فيه السيد المسيح، فنحن نكمل بعضنا الآخر في السياحة وفي غير السياحة. ما هي توقعاتكم لمستقبل السياحة في الأردن، لا سيما وانه تردد الكثير عن أنها قد تكون نفط الأردن لو أحسن استغلالها؟ - مستقبل السياحة الأردنية واعد وهذا ما تشير اليه الأرقام وتوقعات خبراء السياحة العالميين وبيوت الخبرة العالمية ومؤسسات التمويل الدولية التي تتفق في تقييمها لواقع ومستقبل السياحة الأردنية بأن السياحة ستكون النشاط الاقتصادي الأول في السنوات المقبلة، ومن المتوقع ان تزيد اعداد السياح خلال السنتين المقبلتين بما لا يقل عن نصف مليون سائح في حدودها الدنيا، غير انه في حال تحقيق الانفراجات الاقليمية، فإن اعداد السياح ستزداد بمقدار مليون سائح اضافي وسيحقق هذا للاردن عوائد تزيد على البليون دولار بما يعزز الرأي ان السياحة نفط الأردن