استقبل أغلب زعماء الدول الاوروبية الكبرى نتائج انتخابات البرلمان الاوروبي، بريبة غير اعتيادية، ليس لكونها زعزعت شعبية الاحزاب التي ينتمون اليها فحسب والتي يتوقع ان تزيد السلبيات في محطاتهم السياسية التالية، خصوصاً بالنسبة الى القادة المنتهية ولاياتهم وفي مقدمهم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، بل لقناعتهم بأن توسع قاعدة تمثيل الاحزاب المناهضة لمشروع الاتحاد الاوروبي ينسف التحالفات القائمة في القرارات المتخذة على صعيد القارة. وفي وقت حجز المنتخبون ال732 مقاعدهم في البرلمان استناداً الى نسبة التصويت الاكثر تدنياً منذ انشاء الاتحاد الاوروبي والتي تحددت ب.345 في المئة ولم تتجاوز ال.426 في المئة في الدول العشر المنضمة حديثاً الى الاتحاد في مطلع ايار مايو الماضي، يخشى كثيرون ان تترافق فترة الولاية التالية للبرلمان والتي تمتد خمس سنوات مع قرارات غير شعبية. ورأى رئيس البرلمان الاوروبي بات كوكس ان نسبة التصويت المتدنية وبالتالي النتائج توجهان "دعوة صريحة الى القادة من اجل تعزيز الانتماء الاوروبي والالتزام بثقافة الوحدة في المستقبل". هزيمة شرودر وشيراك وبالنسبة الى النتائج، مُني الحزب الاشتراكي الديموقراطي الالماني بزعامة المستشار غيرهارد شرودر بالهزيمة الاسواء منذ عام 1953. وهو حصل على .521 في المئة من الاصوات، في مقابل .544 في المئة للاتحاديين المسيحيين المعارضة المحافظة. ولم تتردد زعيمة الحزب المسيحي الديموقراطي انجيلا ميركل، بالمطالبة بدور اكبر للمحافظين في صناعة القرارات، وهو ما سيحصل انطلاقاً من ان الحضور الكبير للاشتراكيين الديموقراطيين سيعزز آمال المحافظين المتكتلين في الحزب الشعبي الاوروبي بالاحتفاظ بالكتلة الاكبر في البرلمان الاوروبي. وفي فرنسا، لم يتجنب حزب الرئيس جاك شيراك "الاتحاد من اجل حركة شعبية" التقهقر امام المعارضة الاشتراكية، الذي حصل على نحو ضعفي نسبة الاصوات .928 في المئة للاول في مقابل .616 في المئة للاخير. ومثلت نسبة الأصوات الهزيلة للحزب الحاكم عقبة امام طموح رئيس الحكومة جان بيار رافاران في تولي رئاسة "الاتحاد من اجل الحركة الشعبية"، بعد اعتكاف رئيسه الحالي آلان جوبيه في تموز يوليو المقبل، في حين تعزز موقع الامين العام للحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند الذي نجح في استقطاب الناخبين. وفي بريطانيا، تأكد احراج رئيس الوزراء بلير من خلال حصول حزب العمال الذي يتزعمه على نسبة .322 في المئة من الاصوات في مقابل .427 في المئة لحزب المحافظين، لكن الفارق غير الكبير جعل الوضع غير مأسوي بالنسبة الى حزبه في الانتخابات التالية لرئاسة الوزراء والمقررة منتصف العام المقبل. بيرلوسكوني واحتواء الخسارة وفي ايطاليا، سجلت المعارضة بزعامة روماني برودي تقدماً ملحوظاً. وحصلت على 22.5 في المئة، في مقابل 21 في المئة لحزب "ايطاليا الى الامام" بزعامة رئيس الوزراء سيلفيو بيرلوسكوني. ولكن الاخير نجح في احتواء السلبيات المحتملة للمعارضة الشعبية الواسعة التي يواجهها بسبب المشاركة في الحرب على العراق، وأفلت من الهزيمة امام ائتلاف "شجرة الزيتون" يسار- وسط برئاسة رومانو برودي، على رغم تدني نسبة الأصوات التي حصل عليها كثيراً، عما كانت عليه في الانتخابات الاشتراعية عام 2001. واعتبرت الانتخابات الاوروبية أكثر المواجهات الانتخابية، ورفع بيرلوسكوني فيها شعار امتحان شعبية حكومته، فيما ارتكزت حملة الائتلاف المعارض إلى فشل رئيس الوزراء في إدارة شؤون البلاد وإخفاقه في تنفيذ وعوده الاقتصادية. وتوقعت مصادر مطلعة ان يضع التقدم الملحوظ للائتلاف المعارض، بيرلوسكوني في موقع ضعيف في مواجهة متطلبات حلفائه المقربين. "الاشتراكي الاسباني" يستمر في التقدم وفي اسبانيا، تقدم الحزب الاشتراكي العمالي بزعامة رئيس الوزراء خوسيه لويس ثاباتيرو بفارق ضئيل على الحزب اليميني الشعبي .743 في المئة للاول في مقابل .840 في المئة للاخير، علماً ان هذا الفارق زاد بنسبة .70 في المئة عن تلك التي قادت الحزب الاشتراكي الى الحكم في الانتخابات الاشتراعية التي أجريت في آذار مارس الماضي. وفي وقت تبقى مؤشرات النتائج السلبية على القادة الكبار في اوروبا غير ملحوظة على المدى القريب، لا يستبعد ان تؤدي الى تعديل وزاري في ائتلاف اليسار الوسط الحاكم في تشيخيا، بعدما فاز بخمسة مقاعد فقط من 24 مخصصة للبلاد في البرلمان الاوروبي، علماً ان وزير الداخلية ستانيسلاف غروس أيد مناقشة تعديلات واسعة في الحكومة. ويبقى ان النتائج الانتخابية للبرلمان الاوروبي في قبرص، افضت الى انتصار ا.لاحزاب المعارضة لخطة اعادة توحيد الجزيرة. وفازت تلك الاحزاب بأربعة من اصل ستة مقاعد مخصصة للجزيرة في البرلمان الاوروبي.