شجعت استقالة الممثل الخاص للأمم المتحدة الى الصحراء الغربية جيمس بيكر من منصبه الاسبان على المضي في وساطة صامتة وطويلة النفس بين الفرقاء في النزاع الصحراوي. ويعتبر الحوار الذي باشرته حكومة خوسيه لويس رودريغز ثاباتيرو مع الفرقاء في الأسابيع الأخيرة، الوحيد الذي لم يثر انتقادات أو اعتراضات من أي طرف، فوزير الدولة الاسباني للشؤون الخارجية برناردينو لوباز زار تيندوف نهاية الشهر الماضي واجتمع مع قيادة جبهة بوليساريو في مهمة طغى عليها الطابع الاستطلاعي، ولم ينتقد المغرب الزيارة أو يحتج على الاتصالات بين مدريد وبوليساريو، بل أكثر من ذلك، زار وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى اسبانيا بعد ثلاثة أيام ما أكد وجود "دور ما" تلعبه مدريد في الملف الصحراوي. ويعتبر الاسبان الذين تحسنت علاقاتهم مع الجزائر بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة الطرف الوحيد الى جانب الأممالمتحدة القادر على الحديث مع كل الفرقاء وكسب ثقتهم. وهذا ما حفز وزير الخارجية الاسباني ميغيل أنخيل موراتينوس على القيام بجولته المغاربية الأخيرة والتي كان قطب الرحى فيها انضاج الشروط لاجتراح تسوية سياسية لقضية الصحراء. ويرجح مراقبون أن الوقت الدي سيستغرقه البحث عن بديل مقبول من الجميع ليحل في مكان بيكر سيمنح فسحة زمنية لموراتينوس لمتابعة مشاوراته وبلورة "أفكار للمستقبل" قد تشكل قاعدة لتسوية توافقية. لكن مصادر اسبانية أوضحت أنه لا يمكن الحديث الآن عن مبادرة اسبانية وشددت على أن تحرك مدريد يندرج ضمن ثوابت هي، أولاً أنه لا يعوض الدور الدولي وانما يستند الى قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة، وثانياً أنه يشترط قبول الأطراف الثلاثة المعنية أي المغرب والجزائر وجبهة بوليساريو بدور في تسهيل الحوار بينها، وثالثا أن مدريد تنطلق في هذا الدور من "مسؤوليتها التاريخية" بحسب تعبير موراتينوس، في اشارة الى أن اسبانيا هي التي كانت تحتل الصحراء حتى العام 1975، وهو ما يرتب عليها "مسؤوليات خاصة" لانهاء الصراع. ويأتي التحرك الاسباني في فترة اتسمت بمحاولة احياء مؤسسات الاتحاد المغاربي في ضوء الاجتماع الأخير لمجلس الشورى المغاربي في الرباط بعدما كان موضوعاً في الثلاجة، وكذلك التقدم في انشاء "مصرف الاستثمار والتجارة المغاربي" الذي قررت القمة التأسيسية للاتحاد في مراكش العام 1989 تكوينه لكنه لم يبصر النور حتى اليوم بسبب خلافات سياسية. وأفيد أن البلدان الخمسة اتفقت على استكمال اجراءات اقامته قبل نهاية العام وسيكون مقره في تونس، وهو يعتبر آخر مؤسسة مغاربية ترى النور.