ربما يكون من غير المنصف الحكم على تجربة الفنان الإماراتي سعود أبو سلطان في ألبومه الأول الذي حمل اسمه وطرح في الأسواق أخيراً، من دون النظر إلى تجربته الفنية الحديثة، والتي لم تزد على العام، هواية واحترافاً. فسعود، خريج برنامج "سوبر ستار 1" حل رابعاً في ذلك البرنامج الجماهيري، الذي تعرض نسخته الثانية الآن على شاشة تلفزيون "المستقبل" بنجاح، كما أنه الرابع بين "أبطال" البرنامج، الذي يطرح ألبومه الخاص الأول، بعد ديانا كرزون وملحم زين ورويدا عطية. والعمل الذي يتضمن عشر أغنيات، ثمان منها باللهجة الخليجية، واثنتان باللبنانية، يبدو أشبه بورقة اعتماد فنية لأبو سلطان، ليشهر نفسه فناناً حقاً، يغني من أغانيه الخاصة، من دون النظر إلى قيمة هذه الأغنيات الفنية. فالألبوم يبدو باهتاً في شكل عام، ولكنه لا يجرح الأذن بأصوات غريبة ومزعجة، محققاً تقريباً معادلة غريبة بين متطلبات السوق، ومتطلبات الفن الحقيقي. والناتج هنا ألبوم عادي - هجين، لا أكثر ولا أقل. فأغنيات الألبوم العشرة لا تصنف إلى جانب الأعمال الغنائية الرائجة حالياً، والتي تعتمد أساساً على نغمة "ضاربة" تكتسح السوق، إلى أن تأتي أخرى. وقد تكون أغنية "سر العذاب" للثنائي نزار فرنسيس وسمير صفير الأقرب إلى هذه الفئة. الأغنيات تبدو معبرة عن شخصية فنية ينشدها أبو سلطان، لكنها تظهر في الألبوم غير واضحة المعالم. وكأنه يريد بعمله أن يواصل من حيث بدأ في برنامج "سوبر ستار"، يقدم أغنيات طربية محبوبة ومألوفة لدى الجمهور، ولكنه في الوقت نفسه يريد طرح اسمه في الساحة الغنائية فناناً يملك أغنيات خاصة به، فقط، من دون البحث عن تميز. ليس في أغنيات الألبوم ما يشدّ الانتباه، حتى ألحان عبد الله الرويشد بدت منهكة ومستهلكة، على رغم أنها كانت الأكثر إبرازاً لطاقات أبو سلطان الصوتية. الأغنيات تتوالى في إيقاعات خليجية جميلة، لكنها ليست المناسبة على ما يبدو للانطلاقة الأولى. كلها تحمل نفَساً محترِماً للفن، فلا نشازات في اختيار الأغاني، ولا أجواء أخرى بعيدة من الرزانة التي تميز بها صاحب الألبوم في "سوبر ستار" سابقاً. الأجواء تبدو في معظمها امتداداً منطقياًَ لشخصية أبو سلطان، الذي بدا حائراً ما بين الإبقاء على شخصيته التي أحبه من خلالها الجمهور، وبين متطلبات النجاح في السوق، فجاء العمل تائهاً بين هدفين بدا أن أبو سلطان أرادهما سوياً، فلم يطل عنب الشام ولا بلح اليمن. لكنه ربما طال صنفاً هجيناً آخر من الفواكه! قد يكون العمل ككل حلاً وسطاً بين ما رأيناه من أبو سلطان، وما يمكن أن نراه عليه، إن ألح عليه السوق بالدخول في معمعته أكثر. فطاقات أبو سلطان الصوتية نعرفها جيداً، وهي رائعة إذا ما قورنت بما يتوافر أمامنا في السوق الغنائي الحديث. الأغنيات تبدو هجينة، بين أمنيات وواقع، والنتيجة لا تزيد على كونها أوراق اعتماد لفنان جديد، ينضم إلى قافلة تغص بالفنانين، الذين لا ينفكون يفقسون يومياً، إما للبروز أمام الكاميرا، وإما للاختفاء، وذلك تبعاً لمتطلبات السوق أيضاً.