ندد مفتي عام السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بالعملية الإرهابية التي وقعت في مدينة الخبر، واعتبر الأيدي المتورطة فيها "مجرمة غير راعية ذمة أو عهدا أرادت إهلاك المال والحرث والنسل"، وقال: "إنهم قتلة أصبحوا دمى تحركهم قوى تستهدف عقيدة البلاد وأمنها إلا أنها لن تظفر بمطلوبها". واضاف المفتي في تصريح الى "الحياة" ان "الأيدي التي اقترفت ما حدث في الخبر خلال اليومين الماضيين أيد مجرمة لا تخاف الله أو تتقيه وتهدف إلى تدمير اقتصاد الأمة وإلحاق الأذى والضرر بها وتسليط الأعداء عليها، وإعانتهم على تحقيق مآربهم في بلاد الحرمين". وزاد أن "ما جرى يؤلم نفس كل مسلم، ولا يرتضيه أي شخص يحب الخير للإسلام وأهله"، جازماً بأن القتلة "استغلهم الأعداء وجعلوهم دمى في أيديهم يحركونهم كما يشاؤون ، لكن ذلك لا يقلل من كون ما حدث جريمة نكراء سفكت فيها دماء أبرياء وأرعب بها الآمنين. والقتلة في واقع الأمر تحركهم قوى تستهدف عقيدتنا وأمننا... لكن الله يحول بينهم وبين ما يشتهون". ورفض آل الشيخ أن يكون للإرهابيين "أي حجة أو برهان أو شبهة، بل هي دعاوى باطلة، فالقوم ما قصدوا خيراً ولا أرادوه". كما استنكر إمام وخطيب المسجد الحرام في مكةالمكرمة وقعة الخبر، ووصفها بأنها "جريمة نكراء وفعلة شنعاء وعمل فظيع وجرم شنيع ولون من ألوان الإفساد في الأرض وصورة من صور المحاربة لله ورسوله والمؤمنين والغدر مع المعاهدين والمستأمنين". وقال: "ان الشريعة الإسلامية قصدت إلى حفظ الضرورات الخمس الدين والنفس والعقل والمال والعرض، وحرمت الظلم والعدوان وإزهاق الأنفس المعصومة". وحث المسلمين جميعاً على "التعاون في القضاء على هذه الظواهر المفزعة والسوابق المفجعة واستئصالها وان يكونوا يداً واحدة لحفظ دينهم وبلادهم ومنهجهم، والإبلاغ عن كل مشترك في الجريمة سواء بجلب هذه المتجرات أو الإعانة على نقلها أو التواطؤ في تهريبها أو السكوت على أصحابها". من جهته، أكد أستاذ العلوم الإسلامية والسياسية بكلية الملك فهد الأمنية الدكتور محمد النجيمي ل"الحياة" أن زمن التنديد والشجب قد ولى، معتبراً لهجتها "لم تعد مجدية أو تغني نفعاً"، ورأى أن النظرة إلى الأعمال الإرهابية في السعودية يجب أن تتغير إذ اعتبر "الإرهابيين يخططون بدقة، وليست أعمالهم عشوائية وغير مرتبة، بل هي مخططة بدقة، وذات أهداف وأجندة استراتيجية، تبرز فيها ملامح القاعدة التي تستهدف تغيير المجتمعات المسلمة حسب أيديولوجيتها القائمة على إخراج الكفار من جزيرة العرب". وأضاف: "إنهم يخططون لما هو أبعد من ذلك باعتبار كل من لا يتفق مع فكرهم وعقيدتهم داخلاً تحت فسطاط الكفر، حسب تعبير بن لادن نفسه في وقت مضى"... مشيرا إلى أن هذا الأخير قد أوضح استهدافه للحكام والعلماء ومن يؤيدهم ويدعمهم. كما أن النجيمي لم يستبعد "ان تكون القاعدة نفسها مخترقة من جهات دولية سخرتها لأهدافها الاستراتيجية في الخليج". كما حض على ضرورة "المواجهة الدينية بتوضيح الحكم الشرعي وبصراحة دون غموض، وأن نكون واضحين في الفتاوى، وأن نجتنب التعميم، فلا يكفي أن نقول هؤلاء خوارج، ولكن لا بد أن نبين للناس كيف كانوا كذلك"، لافتاً إلى أهمية "مناقشة أدلة الإرهابيين في وسائل الإعلام وعلى الهواء مباشرة، أملاً في الوصول إلى الحقيقة، وكى تتمكن الأجندة الشرعية من إقناع من لم يقتنع بعد". وتابع: "وإذا أردنا علاجاً مجدياً للتطرف، فلا بد من إبعاد صنفين من الناس: الذين يتصيدون أخطاء العلماء ويجيرونها لمصالح شخصية ، من ضمنها البروز والظهور، والذين يتسمون بالسلفية. كما يجب إبعاد الجانب المتطرف من الليبراليين الذين يريدون تصفية الحسابات... ليس إلا. وتبقى الشرائح المعتدلة بكل أطيافها المختلفة كافية لعلاج الظاهرة بأبعادها الفكرية والسياسية دون المساس بالوحدة الوطنية، وإثارة المزيد من الحقد والكراهية". واعتبر أستاذ الفقه والدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور صالح السدلان في اتصال هاتفي مع "الحياة"، ما وقع في الخبر "منكراً وجرماً عظيماً وإثماً كبيراً لما فيه من قتل النفوس والاعتداء على المسلمين والمستأمنين والمعاهدين وسفك دمائهم والاعتداء على الأطفال، ولما فيه من ترويع وبث للفرقة والخلاف والخوف وعدم الأمن والاعتداء على ممتلكات وأموال المسلمين". ودعا السدلان المغرر بهم إلى الرجوع إلى جادة الحق والصواب والعودة إلى العلماء الثقات لمعرفة الأحكام الشرعية، مطالباً اياهم بإلقاء السلاح وإعلان التوبة والبراءة من شبكات الاجرام والتعاون مع الجهات المسؤولة في سبيل محاربتها واقتلاع جذورها. ودعا عضو مجلس الشورى السعودي سليمان الزايدي إلى ضرورة "محاربة الأفكار المتطرفة التي تبث الفرقة والفتنة، ونبذ الأفكار الارهابية التي اعتنقتها جماعات تتستر بالدين الإسلامي وهي بعيدة عنه تماماً". وأشار الزايدي في تصريح الى "الحياة" إلى ان "من يحملون هذه الأفكار هم إفراز جماعات تحمل أفكاراً متطرفة نتيجة تحولات فكرية في حياتهم"، معتبراً ان ما تقوم به هذه الجماعات "منكر وجرم عظيم وإثم كبير لما فيها من قتل النفوس والاعتداء على المسلمين بقتلهم وسفك دمائهم والاعتداء على المستأمنين والمعاهدين". إلى ذلك، هاجم استاذ الفكر السياسي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران الدكتور سلطان بن حثلين تلك الجماعات الشريرة، واصفاً أعضائها بمن يسعون في الارض فساداً. وقال ل"الحياة" انه "يجب ان يكون هناك اجماع شامل وموقف موحد تجاه هذه الفئة الضالة الخارجة على الدين الإسلامي وتعاليمة السمحة". وأضاف: "ليس مقبولاً أي تبرير لأعمالهم لان الجريمة هي جريمة سواء لبست ثوباً اسلامياً أو غير اسلامي، لذلك لا تنفع مع هذه الفئة انصاف الحلول". واعتبر ما يقومون به من أنواع "الجريمة المنظمة"، ملمحاً إلى انهم ادوات تعمل لجهات معينة وجب تطبيق اقصى العقوبات الشرعية المقررة بحقهم. وأوضح انهم اتجهوا اخيراً إلى محاولة ضرب المنشآت الاقتصادية الحيوية بعد أن فشلت خططهم السياسية، مؤكداً انهم يسعون إلى زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، لكنهم لن يجدوا القبول في الشارع السعودي وهو ما يكشف ضعفهم وخيبة نياتهم الخبيثة.