استنكر الأمير نايف بن سعود بن عبدالعزيز محاولات "بعض المرجفين" النيل من القضاء في المملكة بعد عتق رقبة ولده الأمير فهد، الذي دانته المحكمة بقتل المواطن منذر سليمان القاضي. ونفى في تصريح إلى "الحياة" ما يشاع عن اتفاق للعفو عن ابنه، معتبراً ان "مثل هذه الاشاعات لا يقصد منها احقاق الحق بل يستهدف أبعاداً اخرى مشبوهة نعرفها جميعاً. واكد ان والد القتيل رفض كل الوساطات للعفو عن ابنه فهد، مثلما رفض الدية التي قدمت، وقال: "لا أملك إلا الدعاء لأبي تميم فهو عفا طلباً للأجر من الله ونحن نقدر له ذلك وندين له". وكان كل شيء معداً لتنفيذ حكم الإعدام بالأمير فهد في ساحة قصر الحكم في الرياض، وجيء به صباح أول من أمس السبت من السجن الى الساحة، وعصبت عيناه واستعد السياف لضرب عنقه بعدما دانه الحكم الشرعي بقتل منذر القاضي. وأمام حشد من المواطنين، صاح الأمير فهد بوالد القتيل: "اعتقني لوجه الله يا أبو تميم"... لكن الأب المفجوع بإبنه الشاب 15 عاماً رفض العفو. وكما هي العادة تقدم مدير الشرطة من أبا تميم وسأله ماذا يريد فرد بإصرار: "أريد تنفيذ الحكم". فطلب منه ان يصلي صلاة الاستخارة فرفض قائلاً: "استخرت الله تعالى من قبل وما أريده هو التنفيذ". ثم نظر إلى ابنه تميم فوجد عينيه وقد امتلأت بالدموع، حينها هاتف زوجته فبكت وقالت له: "انني فوضت أمري إلى الله سبحانه تعالى ثم فوضت إليك اتخاذ القرار"... عندها قرر ابو تميم ان يصلي ركعتين صلاة استخارة بجانب الأمير الجاثم أمام السياف. وقام بعد الصلاة وفك الرباط من يدي الأمير فهد، وقال له: "اعتقك لوجه الله، فعلّت التكبيرات في الساحة فرحاً. ووقع سليمان القاضي صك العفو، طالباً من الأمير فهد حفظ القرآن كاملاً. ثم توجه الى مكتب الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الذي خرج إليه واحتضنه. وقال الأمير نايف بن سعود ل"الحياة" أمس انه مثل أي شخص تعرض لمحنة، قد سعى إلى "لقاء عدد من المسؤولين في الدولة لإقناعهم بالتدخل، إلا أنهم رفضوا جميعاً مؤكدين ان الناس سواسية أمام القضاء". وروى أنه دعي يوم القصاص الى الإمارة وأُبلغ أمر تنفيذ الاعدام، وقال: "فوجئت بالخبر الذي وقع علي كالصاعقة، ولم اعد اتمالك نفسي. لم أعد أذكر الوقت الذي تلا ذلك. كانت لحظات صعبة مرت علي كأنها آلاف السنين. لم أتمكن من التوجه الى ساحة القصاص. لم أكن لأتحمل رؤية ذلك المشهد الذي لا أرغب في تخيله". وأضاف: "عندما أبلغوني بالعفو لم أصدق وما زلت حتى اللحظة غير مصدق ما حدث. نقلوا إلي اللحظات الحرجة التي شاهدوها، ولم أتمالك نفسي حتى وانا اسمعها، خصوصاً عندما انحنى والد منذر على ولدي وفك الرباط عن عينيه. حمدت الله انني لم أكن موجوداً هناك إذ لم يكن بإمكاني تحمل ذلك". وتحدث عن الفترة الحرجة التي عاشتها عائلته طوال سنة وتسعة أشهر منذ تاريخ وقوع الجريمة، وقال ان والدة الأمير فهد "لا زالت غير مصدقة حتى الآن انه تم العفو عن ولدها وهي تنتظر اللحظات التي تحضنه فيها". وجدد شكره وتقديره لوالد منذر وقال: "لا أعلم بماذا أصف هذا الرجل الذي كان يبتغي الأجر والثواب، فهو رفض أي شيء في المقابل ولم أعد أملك له سوى الدعاء". يذكر أن الأمير سلمان بن عبدالعزيز رفض التدخل للتأثير في قرار أسرة القتيل مثلما يرفض التدخل في قرارات القضاء، وشدد على وجوب ان تأخذ القضية مجراها وان ينفذ حكم العدالة الذي يقضي بالقصاص من الجاني ما لم يحصل على عفو من "أولياء الدم". ويعتبر تنازل "أولياء الدم" عن الجاني من الامور المعمول بها على نحو واسع في المجتمع السعودي. وأكد والد الضحية أنه لم يتعرض لأي ضغوط وأنه رفض الوساطات وقبول أي ديةً، مشيراً الى ان التنازل جاء عن قناعة تامة وطلباً للأجر. وعلق المحامي جاسم العطية على تنازل أصحاب الدم عن الجاني بأنه يمثل حال التسامح الذي يعيشه المجتمع السعودي والاقتداء بالشرع. واشار الى ان الحكم الذي صدر على الأمير فهد بن نايف يؤكد استقلال القضاء السعودي ونزاهته. وقال: "لم تعد هناك فرصة للمشككين في نزاهة القضاء السعودي، فالجميع أمام القضاء سواسية بغض النظر عن أي اعتبارات اخرى. وهناك شواهد كثيرة تؤكد استقلال القضاء منها الحكم الأخير على الأمير فهد الى جانب احكام أخرى شملت حتى دوائر حكومية لصالح مؤسسات وشركات أهلية".