تحولت محاضرة ثقافية عن الكاتب المسرحي الراحل سعدالله ونوس الى مسرح لنقاشات سياسية تركزت على الديموقراطية في العالم العربي وسورية. لكن الكاتب فيصل دراج حذر من ان "تطبيق الديموقراطية في شكل مرتجل سيقضي على ما تبقى من المجتمع"، داعياً الى "تحالف شعبي ديموقراطي ينطلق من الحاجات اليومية للمواطن لتحقيق حياة افضل". وكان مقرراً ان تكون النقاشات بعد محاضرة الدكتور دراج عن الكاتب ونوس في الذكرى السابعة لرحيله انطلاقا من علاقتهما الشخصية والفكرية، لكن المتحدثين طرحوا اسئلة سياسية اكثر مما هي ثقافية. وعلق احد الحضور على ذلك قائلاً: "كما كان ونوس رائد مسرح التسييس ومثيراً للنقاشات ومدافعاً عن الحرية في حياته، اثار نقاشات سياسية عن الديموقراطية في ذكرى رحيله". وقال دراج امام حوالى 150 شخصاً جمعتهم قاعة تاريخية في طرطوس القديمة: "عندما اقول انني ضد فكرة الديموقراطية في شكل مجرد ومرتجل، تكون في ذهني التجربة الجزائرية. كيف يمكن تطبيق الديموقراطية مع قوى لا تؤمن بها؟". واشار الى عدم وجود "ديموقراطية في الفراغ. فهي تتحقق في مجتمع يحوي اسساً لها"، داعياً الى "عمل تمهيدي منظم" والى "تغيير تدريجي" يتضمن الكثير من الخطوات من بينها "تحالف جديد بين السلطة السياسية والقوى الاجتماعية الرافضة لأي فكرة طائفية والقوى المؤمنة بالعروبة والقومية كشرط للنهوض ومحاربة التطرف والاصولية". وجاءت محاضرة دراج في اطار اسبوع ثقافي نظمته مجموعة من النشطاء المدنيين في "النادي السينمائي" في مسقط رأس الراحل ونوس. وكان واضحاً ان هوامش الرقابة اجتماعياً وسياسياً لطرطوس اوسع من هوامش مدينة دمشق البعيدة عنها جغرافياً، اذ شملت النشاطات عرضاً تلفزيونياً لمسرحية "طقوس الاشارات والتحولات" التي اخرجتها نضال الاشقر وفيلم "كان اشياء كثيرة يمكن ان يتحدث عنها المرء" للمخرج عمر اميرلاي اللذين لم يتسع لهما صدر العاصمة. وبعيداً عن أي تسمية سياسية مباشرة، انطلق مجلس ادارة النادي من امكانات متواضعة مالياً، لتنظيم نشاطات ثقافية مهمة في المدينة الساحلية غير مألوفة في المدن السورية الاخرى، تتضمن عرضاً اسبوعياً لفيلم سينمائي في مقر "الجمعية السورية للمعلوماتية" بدلاً من صالة "الكندي" التابعة لوزارة الثقافة، كان بينها "صندوق الدنيا" للمخرج اسامة محمد و"الدجاج" اللذين لم يتح للجمهور الدمشقي مشاهدتهما في عروض عامة، علماً ان "صندوق الدنيا" من انتاج "المؤسسة العامة للسينما". ويضم مجلس الادارة المكون من 293 عضواً من بينهم 97 عضواً فاعلاً، عبدالله ديب وفيصل ملحم ورولا حسن ويوسف احمد وعماد مخلوف. ولا تعتمد قوة النادي على الموازنة المالية التي تتجمع من رسم اشتراك مقداره نصف دولار سنوياً لكل عضو، بل ان "قوتنا تكمن في تركيزنا على البعد الثقافي وابتعادنا عن البعد السياسي الا بالقدر الذي يخدم نشاطاتنا"، بحسب أحد الاعضاء.