تدخل البطولة السعودية الأولى دوري كأس خادم الحرمين الشريفين لكرة القدم هذا المساء منعطفاً حاسماً، وتحديداً عندما يستضيف استاد الملك فهد في الرياض أولى مباريات المربع الذهبي التي ستجمع صاحب المركز الثالث الهلال بنظيره صاحب المركز الرابع الأهلي. ومباراة الليلة من مباريات فئة "الخمس نجوم" .. لا مجال للتعادل... حكم اللقاء الإسباني لن ينهي المباراة قبل أن تتحدد هوية الفريق الذي سيتأهل لملاقاة الشباب الذي حقق المركز الثاني في المسابقة... مَن سيبقى؟ ومن سيغادر؟ الليلة لا صوت يعلو فوق صوت الفوز. "عند الامتحان يكرم المرء أو يهان" حكمة شربناها عن ظهر قلب منذ الصغر، منذ أن دخل علينا أول مدرس قابلناه في المدرسة الابتدائية إلى آخر محاضر في الجامعة... الجميع يشدّد على ساعة الحسم... المجهودات التي بذلت ربما تذهب أدراج الرياح فيما لو حدث الإخفاق في الامتحان، ووقع المحظور. ومباراة الليلة تدخل في هذا الإطار... لن يتحدث عن الناس ومعهم التاريخ عن الإنجازات الوقتية والانتصارات العرضية التي حققها أي من الفريقين في مراحل الدوري، ولن يتذكروا بالتأكيد النجوم الذين تألقوا في الجولات التمهيدية، ولا المدربين الذين أبعدوا أو بقوا... الفيصل الليلة ماذا سيقدم الفريقان ولمن سيؤول النصر؟ ظروف عديدة ومعطيات مسبقة تحول سهرة هذا المساء إلى مباراة جنونية... مباراة محمومة... لا مكان فيها للخائفين أو المرتجفين... الحضور البدني والنفسي والتكتيكي والاجتهادات الشخصية والخبرة الدولية وقبل ذلك الإبداع والعمل بروح الفريق... كل هذه العوامل ستؤدي لا محالة إلى السير قدماً في الدوري... ومع هذه الأشياء لا بد من نسبة قليلة من الحظ، مصداقاً لمثلنا العربي القديم "أعطني حظاً وارمني في البحر". الفريقان يعيشان حالتين متناقضتين ... الهلال خسر آسيوياً أمام الشارقة في سابقة تاريخية ل"الزعيم"... أنصاره خائفون... قلقون... يضعون يداً على القلب... وأخرى على العين خشية مباغتة المجهول المتمثل في فقدان البطولة الثانية في ظرف خمسة أيام... مدرب الفريق التونسي أحمد العجلاني أبعد لاعبيه عن جماهيرهم... يبرر هنا وهناك "الخسارة ليست نهاية المطاف"، يستجدي الأنصار بالحضور والمؤازرة "وقفة الجماهير ستجعل اللاعبين ينسون النكسة ويبدعون من جديد"، الإدارة تبعث بتطمينات وتتوارى بعيداً عن الإعلام والجمهور، والهدف الفوز ولا غيره لمسح الصورة القاتمة التي مست "كرامة" الفريق وتاريخه... خبراء الفريق اعتذروا ووعدوا بالتأهل... والجماهير تقول: "إن هذا المساء لناظره قريب". الأهلي أو قلعة الكؤوس خسر نهائي كأس ولي العهد من المنافس التقليدي الاتحاد... ليس لديه مجال للتعويض سوى المضي نحو لقاء "العميد" من جديد ورد الصاع صاعين... المرور لن يكون سهلاً... العقبات كأداء... والخصوم لن يكونوا لقيمات سائغة... ظروف الفريق تغريه بفعل الكثير، ثبات في المستوى، خطوات ثابتة ومدروسة للفريق إن على الصعيد العربي أو عند هبته للالتحاق بالمربع الذهبي... مدرب يصنف حتى الآن بالأفضل في الدوري السعودي مع مواطنيه الاتحادي كاندينو والشبابي زوماريو. لاعبون لديهم دافع للفوز الدائم، يغيب البعض ويحضر البديل وتجده يحرث الأرض طولاً وعرضاً بحثاً عن الفوز ونقاط المباريات... يغيب مهاجمه الدولي طلال المشعل لشوط ونصف ثم يهبط إلى الملعب ويبدأ بالرقص أحياناً وباللسع أحياناً أخرى... والنتيجة شباك الخصوم دامية... والفرحة خضراء. جيش النجوم في الفريقين يجبرونك على البقاء، وعدم المفارقة، إذا غبت عن الملعب لبعدك عنه فلن تعدم الفرجة خلف الشاشة الصغيرة. على الجانب الهلالي الحارس الدولي محمد الدعيع، هو يبحث عن مصالحة أنصار فريقه، الهلاليون يعرفونه جيداً رجل المباريات الصعبة، أمامه رباعي الدفاع أبرزهم "القاطرة" أحمد الدوخي عندما يغيب كما فعل أمام الشارقة ينقص الفريق 50 في المائة من قوته. سيعيد الدوخي الليلة حوار التناغم مع الظهير الأيسر حسين عبد الغني وسيذكران الجميع بالنزالات بينهما في لقاءات سابقة. بنسبة أقل يعد مدافع الهلال الشريدة واحداً ممن يثق فيهم الهلاليون... سوفو والمفرج وهما المكملان لخط الدفاع لم يكسبا ثقة أنصارهما في وسط الهلال. سيعود الشلهوب بمهارته وهو نقطة قوة للأزرق، عزيز والخثران سيبقيان في منطقة المحور، ويشكل سامي الجابر رأس رمح للوسط الهلالى، ويتفرغ العاجي تراوري والغامبي سيسيه لمشاغبة المدافعين الأهلاويين، وقائمة البدلاء تضم الجمعان والدوسري والعلي والشايع. عند الحديث عن نجوم الأهلي لا يمكن تجاوز أبرز لاعبيه المدافع الأيمن علي العبدلي المرشح بقوة للانضمام إلى القائمة السعودية الدولية... سريع، مقاتل، مفتاح مهم من مفاتيح اللعب الخضراء، لن يتركه الهلاليون يلعب بحرية، الخبرة تتمثل في الخليوي والقاضي ومعهم عبد الغني، وفي الوسط يظل تيسير الجاسم كبيراً بعطائه وهو صاحب القامة القصيرة والجسم النحيل، ومعه البرازيلي باولينهو على اليسار والمحمدي في الخاصرة اليمنى و"المتألق" هذه الأيام القهوجي مصدر الخطر، وفي الهجوم المشعل وروجيرو أو مواطنه دياز. ستنتهي مباراة الليلة ويبقى فريق ويغادر الآخر مودعاً المسابقات المحلية، ويبقى الأمل في البطولة العربية لأي من الخارجين... لكن توديع البطولة المحلية والخروج صفر اليدين سيفتح أبواباً ستظل مفتوحة لفترة طويلة ولن تجدي معها الاعتذارات والتبريرات وستجرف معها الأخضر واليابس... إذاً الجميع مدعو لقضاء سهرة يغلفها المجهول.