استمرت المواجهات العنيفة بين عناصر "جيش المهدي" التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر والقوات الأميركية في مدينة كربلاء ما أسفر، بحسب آخر حصيلة اعلنتها مصادر طبية في مستشفى الحسين المركزي في المدينة، عن مقتل تسعة عراقيين واصابة نحو 16 آخرين بجروح. وكانت هذه المواجهات المسلحة، التي تعد الأعنف منذ تفجر الاشتباكات بين الجانبين قبل نحو أربعة أسابيع، بدأت الليلة قبل الماضية وتواصلت حتى صباح أمس حيث قتل اربعة عراقيين وجرح اربعة آخرون بعدما اطلقت دبابة اميركية نيرانها على سيارة اجرة اثناء سيرها في احد شوارع المدينة. وكانت انباء قد سرت في كربلاء أول من امس عن توصل الجانبين الى اتفاق لوقف النار ما انعش آمال اهالي المدينة بالتوصل الى حل سلمي، لكن تفجر الاشتباكات بدد هذه الآمال واصاب السكان بالإحباط واليأس. وفي مدينة النجف يخشى المراقبون من ان تشهد المدينة تدهوراً أمنيا جديداً بعد ان وصلت الوساطات التي يقودها سياسيون ورجال دين ورؤساء عشائر الى طريق مسدود بسبب تشبث القوات الأميركية بشرطين هما حل "جيش المهدي" واعلان مقتدى الصدر استعداده للمثول أمام القضاء العراقي للتحقيق معه في تهمة تورطه في عملية قتل عبد المجيد الخوئي في النجف في نيسان ابريل العام الماضي. في هذه الأثناء حذر آية الله محمد حسين فضل الله خلال لقائه وفداً إعلامياً تركياً من ان أميركا "تحاول ايجاد فتنة شيعية - شيعية، لذلك لم تتقبل حتى الآن الوساطات التي قامت بين مقتدى الصدر وبينها، وفرضت شروطاً تعجيزية تعرف مسبقاً ان السيد الصدر لن يقبلها" وأكد ان "أي عمل سلبي تقوم به أميركا ضد النجف وكربلاء ومقتدى الصدر سيخلق مشكلات لها في العراق حتى من الذين لا يؤيدون الصدر". ونبّه فضل الله الى "ان العراق يقف على كفّ عفريت قد يتحرّك هنا وهناك، ولا بدّ من مراقبة حركة العفاريت وخصوصاً العفريت الأكبر أميركا"، معتبراً "ان سياسة أميركا في الشرق الأوسط هي سياسة اسرائىلية". وكان المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني قد طلب من ميليشيات الصدر والقوات الأميركية من دون ان يسميهما بالاسم مغادرة مدينة النجف. في غضون ذلك، أعلن الجيش الاميركي مقتل جنديين أمس. وأوضح في بيان ان جندياً أميركياً قتل وجرح ثلاثة آخرون في هجوم بقنابل يدوية أمس وسط بغداد. وذكر بيان آخر ان جندياً اميركياً قتل وجرح آخر عندما تعرضت قافلتهما الى انفجار قنبلة زرعت على جانب الطريق أطلق بعده مسلحون النار على سياراتهم قرب سامراء شمال. وأضاف ان الجنود ردوا على النار مما ادى الى جرح ثلاثة ممن يشتبه في انهم من المهاجمين، اعتقل اثنان منهم وتمكن الثالث من الفرار. وفي الموصل اعلنت الشرطة مقتل امرأة وجرح اربعة اشخاص أمس في انفجار قنبلة كانت تستهدف رتلاً اميركياً في هذه المدينة. وفي بعقوبة 60 كلم شرق بغداد اصيب أمس شخصان بجروح لدى انفجار عبوتين ناسفتين في حادثين منفصلين امام منزلي ضابطين كبيرين يعملان في شرطة المدينة. وانفجرت سيارة مفخخة أول من أمس في مدينة الصدر في بغداد لدى مرور دورية اميركية اسفرت عن اعطاب سيارة عسكرية. ولم تعرف الخسائر. وفي الفلوجة، قتل خمسة جنود أميركيين مساء أول من أمس في انفجار عبوة ناسفة في منطقة الكرمة جنوب شرقي المدينة لدى مرور دورية أميركية على ضفة نهر الصقلاوية. وأسفر الانفجار عن تدمير شاحنة أميركية محملة بالجنود وقذفها الى النهر ومقتل معظم الجنود الذين كانوا على متنها. ولم تتمكن القوات الأميركية من انتشال كل جثث القتلى إلا صباح أمس. في غضون ذلك، بدأت القوات الأميركية أول من أمس الانسحاب من المداخل الثلاثة الرئيسية للفلوجة: السكر وصدامية الفلوجة والصقلاوية وهو المدخل المؤدي إلى حي الجولان، وبقيت مسيطرة على المدخل الشرقي الواصل بين الفلوجة وبغداد، وذلك تنفيذاً لاتفاقها مع أهالي المدينة بالانسحاب من محيط المدينة في موعد أقصاه العشرين من الشهر الجاري. ورفعت القوات الأميركية قبل انسحابها الحواجز الكونكريتية وردمت خنادق الدبابات ومواضع المشاة التي أقامتها في محيط المدينة، فيما غادر القناصة مواقعهم في محطة القطار قُرب شارع الثرثار. وتسلم الجيش العراقي الجديد هذه المواقع من القوات الأميركية .