استيقظ ملايين البشر في انحاء دول الكتلة الشيوعية الشرقية السابقة ليجدوا انفسهم أمس وقد صاروا اوروبيين بعد احتفالات طوال الليل عبر القارة الاوروبية بانتهاء الحرب الباردة نهائياً. وامتزجت احتفالات الأوروبيين بتوسيع الاتحاد مع الاحتفال بعيد العمال، وشهدت عواصم البلدان الأعضاء الجدد احتفالات كبيرة، ليل الجمعة - السبت، عبّر فيها مئات آلاف المواطنين، من وسط حوض البحر الأبيض المتوسط حتى عواصم بلدان البلطيق مروراً بعواصم وسط اوروبا، عن فرحتهم بتوسع الاتحاد وانضمامهم الى العائلة الأوروبية. ورفرف العلم الأوروبي الأزرق ذو النجوم الصفراء في سماء عواصم اوروبا الشرقية إلى جانب الرايات الوطنية للأعضاء الجدد. ورحبت القمة الأوروبية في اجتماع استثنائي عقده زعماء الاتحاد ال 25 في دبلن ب"الانجاز التاريخي". لكنهم لم يخفوا أهمية التحديات التي يواجهها الاتحاد المتسع وأولها مشروع الدستور الذي صيغ من أجل تحسين سير المؤسسات المشتركة. وأعلن رئيس الوزراء الايرلندي بيرتي اهيرن رئيس القمة انه سيبدأ جولة على عواصم الاتحاد لتأمين اتفاق حول مشروع الدستور والمصادقة عليه في القمة المقررة منتصف الشهر المقبل في بروكسيل. وقال اهيرن ان الاتحاد "يحتاج إلى نظام دستور يمكنه من مواجهة التحديات الجديدة القائمة". وشدد على "الحاجة الى المصادقة على مشروع الدستور في وقت قصير". وتعد مشكلة السياسة الخارجية أحد التحديات الكبيرة التي يواجهها الاتحاد الموسع حيث تعمل البلدان الأعضاء بقاعدة الاجماع في مجالات العلاقات الخارجية. وقد يكون الاجماع مستحيلاً مع توسع الاتحاد واختلاف المصالح الحيوية بين البلدان الأعضاء. وقال رئيس المفوضية رومانو برودي في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئاسة الايرلندية للاتحاد ان "الحفاظ على قاعدة الاجماع يعني شلل آليات القرارات المشتركة". كما ستواجه البلدان الأعضاء صعوبات كبيرة في مفاوضات آفاق الموازنة المشتركة بعد 2007. ومن المقرر ان يشارك سفراء البلدان الشرقية لدى الاتحاد في الاجتماعات الدورية التي يعقدها مندوبو البلدان الأعضاء هذا الأسبوع في بروكسيل. كما سيشارك أعضاء المفوضية من البلدان الشرقية للمرة الاولى في اجتماعات اللجنة التنفيذية منتصف هذا الأسبوع الذي يشهد أيضاً عقد دورة البرلمان الأوروبي بمشاركة النواب من البلدان الأعضاء الجدد. واحتفل اكثر من مئة الف هنغاري وسط بودابست بالالعاب النارية والموسيقى واعتبر رئيس الوزراء الهنغاري بيتر ميدغيسي ان "هنغاريا عادت أوروبا". وقال يوهان بارتس رئيس وزراء استونيا "عدنا الى حيث ننتمي. الى المجتمع الذي نشاركه القيم والرؤى نفسها". واخذ 40 الف بولندي يهتفون فرحين فيما كان نفير بوق تقليدي ينطلق من اعلى برج كنيسة في العاصمة البولندية بعد عزف النشيد الوطني للاتحاد الاوروبي. وقال رئيس بولندا الكسندر كفاشنيسكي ان "الحلم اصبح حقيقة". وتعد بولندا اكبر بلد ضمن الأعضاء العشرة الجدد 39 مليون نسمة واكبر مستفيد من خطة المعونات الأوروبية للبلدان الشرقية. وكانت الاحتفالات اقل صخباً في قبرص بعد استفتاء السبت الماضي ترتب عليه انضمام القبارصة اليونانيين وحدهم دون القبارصة الاتراك للاتحاد الاوروبي. وشملت الاحتفالات كل عواصم الأعضاء الجدد وكذلك في كل من بروكسيل، عاصمة مقر المؤسسات الأوروبية، وبرلين التي أصبحت تتوسط الاتحاد، ودبلن التي تتولى الرئاسة الدورية. واعتبر اهيرن ان مطلع أيار "طوى تاريخ انقسام اوروبا" وشكل "نهاية مسار بدأته هذه البلدان في 1989 - 1990 تاريخ سقوط الجدار الحديد". وشارك سفراء البلدان الأعضاء العشرة الجدد، لدى الاتحاد الأوروبي، في احتفالات شهدتها مدينة بروكسيل وصاح احدهم "كلنا اوروبيون الآن". وقال المحلل السياسي التشيكي كارل بارتاك ان "الشعوب الشرقية انتظرت هذا الموعد سنوات طويلة تخللتها مفاوضات صعبة". وأكد ان البلدان الشرقية "ستقوي الاتحاد بفعل نموها الاقتصادي وكفاءة عمالتها"، مفنداً مخاوف البلدان الغربية من تيارات الهجرة الشرقية "لأن البلدان الأعضاء تشهد نمواً مرتفعاً يفوق مستوى النمو في البلدان الغربية. وستكون البلدان الشرقية نفسها في حاجة لعمالتها". ومع انضمام بلدان وسط اوروبا وشرقها اصبح الاتحاد الأوروبي يعد 454,9 مليون في مقابل 290 مليوناً للولايات المتحدة و140 مليوناً لروسيا.