اعترف وزير الخارجية الاميركي كولن باول أمس بأن وكالة الاستخبارات المركزية سي آي اي وغيرها من الاجهزة الحكومية "ضللت عمداً في بعض الاحيان" في تقاريرها عن اسلحة الدمار الشامل العراقية قبل الحرب. ورفضت وكالة الاستخبارات التعليق على تصريحات باول التي أقر فيها بأن المعلومات الاستخباراتية التي استخدمها في خطابه الشهير امام الاممالمتحدة لتبرير الحرب على العراق كانت "غير دقيقة وتفتقر الى الصدقية". وتزامن اعتراف باول بالتضليل مع اعلان الجنرال مارك كيميت نائب القائد العام للعمليات العسكرية في العراق ان قذيفة من عيار 155 ملم زرعت مثل قنبلة على احدى الطرقات، ورصدها موكب عسكري اميركي، "تحتوي على غاز السارين" ما ادى الى "انتشار ضعيف جداً لهذه المادة" السامة القاتلة. واوضح كيميت في مؤتمر صحافي أنه "تمت معالجة جنديين من عناصر الاطفاء بعدما تعرضا بشكل طفيف لهذه المادة السامة للاعصاب"، مشيرا الى ان القذيفة استخدمت ;قنبلة يدوية الصنع وانفجرت قبل ان يتم تعطيلها. وجاءت تصريحات باول في مقابلة عبر الاقمار الاصطناعية اجراها معه برنامج "واجه الصحافة" على شبكة "ان بي سي" خلال مشاركته في ملتقى دافوس الاقتصادي المنعقد في منتجع البحر الميت في الاردن. وحاولت احدى مساعدات باول منعه من الاجابة عن سؤال حول الموضوع، وقامت بدفع الكاميرا محاولة انهاء المقابلة. إلا أن باول أمر بإعادة الكاميرا وأجاب عن السؤال متهماً "سي آي اي" بتزويده معلومات مضلّلة استقتها من مصادر غير موثوق بها عن ترسانة اسلحة الدمار الشامل العراقية. ويأتي اعتراف باول بأن الادارة الاميركية تلقت معلومات غير دقيقة عن برنامج الاسلحة العراقية المحظورة قبل شن الحرب على العراق ليفاقم ازمة الادارة بعد اكثر من عام وإطاحة النظام العراقي من دون العثور على الاسلحة المزعومة. وقال باول في المقابلة مع مقدم البرنامج تيم راسرت انه "تبين ان المعلومات كانت غير دقيقة وخاطئة، وفي بعض الحالات مضلّلة عن قصد... ولهذا فأنا شعرتُ بخيبة الامل والندم". وكان باول عرض في مجلس الامن في الخامس من شباط فبراير 2003 صوراً التقطتها الاقمار الاصطناعية وغير ذلك من الأدلة في محاولة لإقناع اعضاء المجلس بأن النظام العراقي يمتلك مخزوناً من اسلحة الدمار الشامل، ما يبرر شن حملة عسكرية لإطاحته وتجريده منها. وفيما دافع مدير وكالة "سي آي اي" جورج تينيت عن المعلومات التي وفّرها للادارة، اتهم مسؤولون في البنتاغون واعضاء في الكونغرس رئيس حزب المؤتمر الوطني العراقي وعضو مجلس الحكم الانتقالي احمد الجلبي بتزويد الوكالة معلومات مضللة عن الاسلحة العراقية. الا ان الجلبي نفى ذلك. وأصر باول اف ب على ان الولاياتالمتحدة كانت لديها "معلومات من شخص معين" عن وجود مصانع متحركة للاسلحة البيولوجية، وهو قال خلال جلسة مجلس الامن انها تشكل خطراً على الامن العالمي. وكشف عن ان المعلومات مصدرها احد المنشقين العراقيين وهو مهندس كيميائي اشرف على واحد من تلك المصانع المتحركة، اضافة الى "مصادر اخرى" دعمت تلك المعلومات، لكن "لسوء الحظ، تبين ان المعلومات المتعددة التي جمعت خلال فترة زمنية، ليست دقيقة ... ولذلك اشعر بخيبة امل شديدة". ولم يكشف عن هوية المنشق العراقي, الا ان تقارير التي تسربت الى الاعلام أعطته الاسم الحركي "كيرف بول" وانه شقيق احد المساعدين البارزين لاحمد الجلبي. وقال باول ان الوضع كان "مصدر قلق كبير" له إلا أنه اكد ان الكلمة والعرض الذي قدمه في مجلس الامن "كان يستند الى افضل معلومات زودتني بها وكالة الاستخبارات المركزية". غاز السارين من جهة اخرى، اهتمت واشنطن أمس رويترز بالتقارير عن العثور على قذيفة مدفعية تحتوي على غاز السارين. وقال مسؤول اميركي "لا نزال التقارير التي وردت من بغداد. وليس لدينا ما نزيده الى ما اعلنته القيادة المركزية" هناك. وتحمل تقارير اكتشاف غاز السارين امكانية ان يكون خبراً جيداً وخبراًً سيئاً في الوقت نفسه للادارة الاميركية. فهو خبر جيد اذا اكد المزاعم التي ظلت طويلاً بدون دليل عن امتلاك العراق لمثل تلك الاسلحة والتي اتخذتها الادارة ذريعة لشن الحرب. وهو أيضاً خبر سيىء لأنه يعني ان هناك محاولات الآن لاستخدام تلك الاسلحة ضد الجنود الاميركيين.