أشبه بسباق التسلح، والردع النووي: حرب بين اشرطة الفيديو وشبكات الانترنت، ميدانها كبير الى الحد الذي لا يفرق بين جنسيات أو جنس أو معتقد... من السادية الى الشذوذ الجنسي الى بربرية الذبح والتمثيل بالجثث. في ذاك يتساوى الأميركي وضحيته العراقي، كما يتعادل للمرة الأولى الاسرائيلي وسجينه الفلسطيني في المعتقل الكبير الذي لم يعد يثير لدى شعوب الأرض اكثر من مشاعر الملل! في الفلوجة"أبدع"جنود"المارينز"تدميراً على رؤوس المواطنين والمسلحين، بعد فعلة أقل ما يقال فيها انها من بنات جنون الغرائز... فحتى لجثث العدو حرمة، والجثث لا تختلف، مغطاة رؤوسها بأكياس، أو تحمل نياشين التجسس وشارات الجندية."ثمن"أربعة مقاولين اميركيين، بالأحرى تصفيتهم والتمثيل بجثتين، كان جحيماً لعشرات الآلاف من الأبرياء في الفلوجة، فأي بطولة؟ هناك، كما في مدينة الصدر، لن تختلف هوية المحتل، وهي كذلك في نابلس وغزة، مثلما تصبح الصورة واحدة مثلثة الأضلاع: أي فارق بين التفاوض على اشلاء عسكريين اسرائيليين، وبين ذبح الأميركي نيكولاس بيرغ والتشفي تضخيماً ل"بطولة"الزرقاوي... وبين ذبح انسانية السجين العراقي وإذلاله، والتلذذ بتحطيم كرامته؟ أي فارق بين القصف الاسرائيلي على منازل الفقراء في غزة، ومطاردتهم بالصواريخ، وبين قتل أطفال مستوطنين يهود... بل المستوطنين أنفسهم؟ ان جنون الغرائز كالتلذذ ب"شرعية"الثأر، وحده يساوي بين الجميع، بين السجان والسجين، الجلاد وضحيته، بل بين القاتل ودم القتيل. يمكن الرئيس جورج بوش وحليفه رئيس الوزراء توني بلير، ان يبررا ما شاءا، بغض النظر عن كمية الكذب أو التستر أو التضليل، وان يجدا مخارج كلامية أمام مأزق"تلطيخ شرف"الجيشين الاميركي والبريطاني في العراق المحتل، بدماء سجناء عزل ومدنيين خرجوا من جحيم صدام حسين و"بعثه"، الى جحيم أكثر سواداً، لكنه يتاجر بدمائهم ايضاً، تحت شعارات"التحالف". لكن، حين تتحالف مأساة المحررين المخضبين بخناجر المحرر، مع خديعة"البطولات"الكبرى، كما في فعلة أنصار الزرقاوي، خريج"مدرسة"بن لادن، الذين ذبحوا الأميركي بيرغ، وتلذذوا على شبكات الانترنت... وتتحالف أيضاً مع اكذوبة"أمراء"شراذم ينتحلون في وضح النهار صفة اسلامي، لمطاردة الأجانب، وجز رؤوسهم. آنذاك لا يبقى ولو خيط رفيع بين القتلة. كانت الفضيحة الكبرى لبوش وبلير، شريكه في نعيم"التحالف"ومآثره الذي التقط مخرجاً ليشكك في تركيب صور تعذيب العراقيين، فضيحة لكل شرعية تدعيها واشنطن ولندن في تقرير مصير شعوب المنطقة، اشبه بصدمة كافية لإيقاظ الغرب كله على حقيقة التضليل، وفرز شعوب الأرض بين اسود وأبيض، خير وشر... لكن الوجه الآخر للحقيقة تبدى سريعاً، ليقطع مجدداً شرايين أنصار السلام، ممن لم تأخذهم غطرسة ادارة بوش لتسوقهم قطيعاً الى ذاك"التحالف". أليس ذبح بيرغ معادلاً لسطوة الغرائز، وحشية تنقذ جلادين اميركيين من فضيحتهم في"أبو غريب"؟ ومن"أبو غريب"الى غوانتانامو ومعسكرات افغانستان، صور بشر، طوابير رؤوس بأكياس. هكذا مصير لا يقل بشاعة عن نهاية بيرغ، اما العدد، أرقام الضحايا فلا تبرر شرعية لأي ذبح، في السباق المجنون الى القتل والتمثيل بكرامات الضعفاء كسحل الجثث. سباق بين امبراطور العالم وبين"أمراء"جماعات وشراذم، ما زال أمامهم وقت طويل لمزيد من"البطولات"والكذب وساحات شاسعة. وبين هذا وذاك، نداء فرنسي: عودوا الى العقل. والامبراطور ما زال يجهل انه يستنسخ كثيرين من تلامذة بن لادن، وجيوش"الأمراء"الذين لا يعيشون سوى على انتاج الخراب... وذبح أبرياء بذريعة المنازلة الكبرى، من اجل التغيير.