عاد امس الهدوء الى حي المزة، جنوبدمشق، بعد انفجارات وتبادل لاطلاق النار، وقيام "مجموعة تخريبية" تضم أربعة عناصر باطلاق قذائف "آر بي جي" ليل الثلثاء الاربعاء على مبنى كانت تستخدمه "القوات الدولية لفك الاشتباك" بين سورية واسرائيل يوندوف قبل عشر سنوات. وبدأت السلطات الامنية تحقيقاتها مع احد الجرحى من افراد المجموعة وشهود العيان. ولم تتأخر السلطات السورية في اكتشاف مخبأ للاسلحة في منطقة "خان الشيح" الذي يضم لاجئين فلسطينيين على بعد 25 كيلومتراً جنوبدمشق، ضم قذائف "آر بي جي" وقنابل ومسحوقاً اصفر اللون. وعلمت "الحياة" ان سائق سيارة عمومية سوري الجنسية نقل افراد المجموعة الى المخبأ. وحضر الى المكان رئيس فرع الامن الجنائي العميد محمد صالح الذي قال ل"الحياة" "ان الارهاب ليس له جنسية ولا وطن" من دون ان يستبعد ان يكون افراد المجموعة "غير سوريين"، بعدما قام مساعدون بأخذ صور للاضرار وآثار الحرائق والتفجيرات. وكانت الحصيلة الاولية ل"العملية الارهابية" التي لم تشهد سورية مثيلاً لها منذ 25 سنة، اربعة قتلى، بينهم السيدة نهلة زيدان مدرّبة رياضة في مدرسة زهرة دمشق في المزة التي اصابها المهاجمون بطلقات نارية، اضافة الى سقوط الشرطي طاهر مخباط 21 عاماً، وهو أحد عناصر شرطة النجدة، اضافة الى جرح اثنين من عناصر المجموعة احدهما في حال حرجة. وكان مصدر مسؤول في وزارة الداخلية السورية، شرح تفاصيل العملية في ساعة متقدمة من ليل الثلثاء، قائلاً ان مجموعة مسلحة مؤلفة من أربعة أشخاص قامت حوالى الساعة السابعة والدقيقة العاشرة ب"وضع عبوة ناسفة تحت احدى السيارات المتوقفة في منطقة المزة في دمشق، وان العبوة الناسفة انفجرت مسببة بعض الاضرار المادية في مبنى غير مسكون"، في اشارة الى مبنى الاممالمتحدة. ويقع خلف هذا المبنى منزلاً السفيرين البريطاني والصيني. كما انه يجاور مبنى السفارتين الكندية والايرانية، فيما يقع منزل السفير الايراني والقنصلية والسفارة السعودية على مسافة بعيدة من موقع الانفجارات. وقال احد شهود العيان: "بعد انفجار سيارة من نوع سكودا امام المبنى، قام افراد برمي قذائف "آر بي جي" من الطرف الثاني للاوتوستراد، فحاولت دورية من شرطة النجدة الرد، لكنها لم تكن مستعدة لذلك، مما دفعها الى طلب امدادات ثم حصول تبادل لاطلاق النار، استمر ساعة وعشر دقائق"، ذلك بعدما تمت محاصرة المكان للسيطرة على الوضع. وكان بيان وزارة الداخلية قال ان عناصر الشرطة والامن "قامت بالتصدي لهذه المجموعة ومحاصرتها وتبادلت معها اطلاق النار حيث لجأت عناصر المجموعة الى الهروب بسيارة ثانية، وهم يلقون القنابل اليدوية باتجاه عناصر قوى الأمن. ونتيجة لتبادل اطلاق النار بين عناصر الأمن وعناصر المجموعة الارهابية قتل اثنان من عناصر المجموعة واثنان آخران بجروح بالغة". وحاول بعض افراد "المجموعة التخريبية" تهديد عدد من المارة العابرين في سيارات عامة، ما أدى الى سقوط ضحايا مدنيين بينهم اصابة سوسن فرح 36 سنة التي نقلت الى مستشفى المواساة، قبل ان يحاول اثنان من افراد المجموعة الهروب في سيارة من نوع "داسيا"، بحسب شاهد عيان، فيما قال آخر ان السيارة من نوع "مرسيدس" تحمل لوحة لبنانية. وشاهد مراسل "الحياة" آثار الدمار في مبنى الاممالمتحدة وآثار قذائف "آر بي جي" على سطح البناء، اضافة الى آثار حرائق داخله. وقال شاهد عيان: "جرى تبادل لاطلاق النار في القسم الخلفي للمبنى" حيث يقع مقر السفيرة الصينية، وان بعض المهاجمين حاول التحصن داخل البناء. وكانت مصادر بريطانية وكندية وايرانية أكدت ان اياً من هذه الابنية لم يكن مستهدفا. وفيما اعلنت السفارة الاميركية اغلاق أبوابها أمام موظفيها غير الاساسيين مع فرض اجراءات امنية اضافية، واصلت السفارة البريطانية امس عملها الطبيعي. وقال مصدر ديبلوماسي بريطاني "ان السفارة مفتوحة ونستقبل سوريين لديهم مواعيد مسبقة". وكان مصدر سوري مسؤول قال ان دمشق التي "واجهت الارهاب بكل اشكاله وما زالت ومنذ اكثر من ربع قرن تدين هذا الحادث الارهابي الذي يحاول تهديد أمن المواطن والوطن والنيل من الاستقرار. وتؤكد موقفها الثابت في التصدي لاي عمل ارهابي يستهدف زعزعة الاستقرار والأمن واشاعة الفوضى، ما يستوجب اتخاذ كل الاجراءات العادية والاستثنائية والضرورية لمواجهة مثل هذه الحالات حفاظاً على أمن المواطن والوطن والاستقرار الذي تنعم به سورية منذ زمن طويل". كما اشار المصدر الى ان "ما تشهده المنطقة من اضطراب وفوضى في المجالين الأمني والسياسي يخلق المناخ المحرض لمثل هذه الاعمال الاجرامية المدانة التي تهدد الأمن والاستقرار في دول المنطقة كافة". واعلن ان "الاجهزة المختصة" داهمت فجر الاربعاء مخبأ للاسلحة في خان الشيح "وصادرت كمية من الاسلحة والمتفجرات كانت موجودة فيه"، موضحاً ان "الاجراءات الامنية والقانونية مستمرة لكشف ملابسات هذا العمل الارهابي المدان".